الحراك السياسي
الببلاوي: أمن الخليج من أولويات الأمن القومي المصري
قال رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي “إن مصر تستحق أن يحكمها الفترة المقبلة رئيس قوي لديه رؤية وقادر على اتخاذ قرارات صعبة ، ويتمتع بثقة الناس ويقنع المصريين ، مضيفا بأن ثورتي 25 يناير و30 يونيو أيقظتا الشعب المصري ، وأن الشعب لن يسمح بانتخاب فرعون جديد ومن يحيد عن الطريق لن يتركه”.
ونوه الببلاوي – فى حواره مع صحيفتي (عكاظ) السعودية و (النهار) الكويتية الثلاثاء – بأن يومي الاستفتاء كانا من أسعد الأيام التي مرت على المصريين ، وأن التاريخ سيذكرهما مع أيام سابقة بأن الشعب خرج ليؤكد على أن ثمرة ثورتي 25 يناير و30 يونيو بدأت تكتمل وتتبلور..مؤكدا أن الشعب بكافة جموعه ما زالت لديه القوة والحيوية لرفع صوته لإعلاء كلمته ورأيه ، لدعم المفاهيم الوطنية والحفاظ على كيان الدولة.
وأكد رئيس الوزراء أن سيطرة الدولة على الأمن تزداد مع الدعم الشعبي ، مشيرا إلى أن الحركات المناوئة ، التي تأتي جماعة الإخوان على رأسها رغم فقدها الكثير من جمهورها ، ولم يعد لها سوى التمسك بالأوهام ، فإن حركة التاريخ تؤكد أن جماعة الإخوان في النفس الأخير والدولة المدنية تسير نحو الثبات والتقدم.
ولفت إلى أنه مع اتخاذ قرار إعلان الإخوان جماعة إرهابية كان التأييد من بعض الدول العربية وبدأت الدول الكبرى تعيد النظر في رؤيتها للوضع في مصر وفي توصيف الإخوان ودراسة تشكيلاتهم ..مضيفا ” القانون المصري يجرم الإرهاب بكل صوره.. فالإرهاب جريمة ليست ظاهرة قانونية فقط بل لها جوانب سياسية محلية وخارجية ، ومع ازدياد الأمر الأمني سوءا هددت الجماعة الدولة لذلك كان لابد من إعلانها جماعة إرهابية”.
وأعرب رئيس الوزراء عن تفاؤله بالمستقبل بعد التغلب على مظاهر العنف وتحقيق الاستقرار ومواجهة التهديدات السياسية بعد الاستفتاء على الدستور، وشعور المواطنين بقطع شوط في خارطة الطريق.
وبشأن ما أثير في وسائل الإعلام ، أن ثمة اختلافا كان داخل مجلس الوزراء حول إعلان الجماعة منظمة إرهابية ، نفى رئيس الوزراء الأمر تماما وقال “لم يكن كذلك وأريد أن أقول أن مجلس الوزراء يضم مجموعة من أفضل الكفاءات ، ومن اتجاهات سياسية متعددة وهذا مصدر للإثراء ، ولم أجد شخصا واحدا يعترض ، لكن النقاش كان حول كيف يشكل القرار وكيف الإعلان والمبررات وما هي النتائج ، لكن في نهاية الأمر كان اجتماعا جادا وثريا ساهم فيه الكل بمزيج من اختلاف الرؤى الذي يكمل الصورة”.
وأكد أن الدولة لن تسمح بالعبث بالمقدرات الاقتصادية ،وستتصدى بقوة لكل من يقوم بالأعمال الإجرامية ، فالإرهاب لن يثني مصر وشعبها العظيم عن المضي قدما في تنفيذ خارطة المستقبل ، ولن ينجح في تعكير صفو ما حققه الوطن بالاستفتاء على الوثيقة الدستورية الجديدة يومي 14، و15 يناير.
وحول برنامج الحكومة للتنمية الاقتصادية ، قال الببلاوي لدينا ثلاثة محاور في هذا الإطار هي : اتخاذ إجراءات عاجلة تهدف إلى تخفيف عبء المعيشة عن المواطنين ، وتنفيذ خطط لتحفيز الاقتصاد وتنشيطه خلال زيادة الإنفاق الاستثماري وإصدار مجموعة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والوقاية من الفساد.
وأضاف أنه إدراكا من الحكومة بأن إحداث تغيير جذري في طبيعة الاقتصاد يتطلب مجموعة من البرامج والسياسات الكبرى التي يمتد تنفيذها لعدة سنوات ، فكانت هناك عدة برامج ، وهى أولا : البرنامج القومي لإصلاح مناخ الاستثمار، وثانيا : البرنامج القومي لتمويل البنية التحتية ، وثالثا: إطلاق عدد من المشروعات التنموية العملاقة ، ورابعا : بناء شبكة الحماية الاجتماعية ، وخامسا : برنامج التطوير المؤسسي ، سادسا : برنامج تسجيل العقارات غير الرسمية.
وعن حزم التحفيز الاقتصادي التي تبنتها الحكومة ، قال إنه في إطار حزمة التحفيز الاقتصادية الأولى تم فتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة بمبلغ 29 مليار جنيه من أجل تنفيذ حزمة من البرامج الاستثمارية والاجتماعية التي تستهدف تنشيط الاقتصاد وقد تم تمويل هذا الاعتماد الإضافي عن طريق استخدام حوالى نصف مبلغ الوديعة المالية والتي كانت مربوطة في حساب خاص لدى البنك المركزي ، وهو المبلغ الذي تراكم منذ حرب الخليج الأولى ، فيما جرى إضافة باقي المعادل بالجنيه المصري إلى بند الحسابات المؤقتة ذات الأرصدة لوزارة المالية لدى البنك المركزي المصري بما يسهم في خفض عجز الموازنة العامة للدولة.
وأضاف أنه في إطار حزمة التحفيز الاقتصادية الثانية ، تم تدبير التمويل اللازم لهذه الحزمة من خلال الموازنة العامة والتوقيع علي اتفاق إطاري للمنحة المقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة لتمويل مشروعات تنموية تبلغ حوالى 20 مليار جنيه.
وعن الإجراءات العاجلة التي تم اتخاذها لتخفيف العبء عن المواطنين ، قال إن هناك إجراءات كثيرة ومتنوعة على كافة الأصعدة لتخفيف الأعباء عن الطالب ، مثل إعفاء طلاب المدارس العامة من المصاري`ف المدرسية بالكامل وإعفاء طلاب الجامعات من مصروفات المدن الجامعية الحكومية لمدة عام دراسي ، كذلك تخفيف الأعباء عن المزارعين بشطب مديونيات المتعثرين عن السداد.
وبشأن مشروع محور قناة السويس وآفاق المستقبل لهذا المشروع ، وعوائده على الاقتصاد المصري ، قال الببلاوي إنه في إطار سعي الحكومة لتنفيذ المشروعات التنموية العملاقة ، فقد استهلت الحكومة العام 2014 بالإعلان عن أسماء التحالفات الاستشارية المؤهلة لشراء كراسة شروط مشروع تنمية قناة السويس ، ومن المنتظر الانتهاء من عملية إعداد المخطط العام للمشروع لعرضه على مجلس الوزراء في غضون تسعة أشهر.
وأضاف أنه سيتم طرح المشروع للحوار المجتمعي لتلقي الملاحظات من أهل الرأي والخبرة ، حيث إنه مشروع المستقبل لشباب مصر والأجيال المقبلة ، وقد تم اختيار هيئة قناة السويس كمظلة لهذا المشروع العملاق ، لما لها من سمعة عالمية جيدة ، ولقدراتها البشرية والصناعية والاقتصادية الكبيرة التي أهلتها لتحمل هذه المسؤولية الكبيرة.
وأكد أن هناك فوائد عدة لهذا المشروع أهمها تنمية ودفع عجلة الاقتصاد القومي المصري باستغلال عبقرية الموقع بمنطقة قناة السويس وخلق كيانات صناعية ولوجيستية جديدة بمنطقة المشروع تعتمد على أنشطة القيمة المضافة والصناعات التكميلية من خلال مناطق توزيع لوجيستية يتم تجهيزها لهذا الغرض ، واستغلال الكيانات الحالية ، بالإضافة لمشروعات تطويرها المستقبلية ، وتشجيع رؤوس الأموال الوطنية والعربية والأجنبية وجلب أكبر قدر من الاستثمارات للمشاركة في تنفيذ المخطط العام للمشروع وخلق رواج اقتصادي بالمنطقة وإتاحة أكبر عدد من فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة.
وأشار الببلاوي إلى أن عدد التحالفات المتقدمة للحصول على كراسة شروط مشروع تنمية إقليم قناة السويس بلغ 46 تحالفا وتم اختيار أفضل التحالفات وعددها 14 تحالفا من بين 33 تحالفا ، وذلك وفقا لمعايير التقييم الموحدة ، وهذه التحالفات الأربعة عشر هي المؤهلة للحصول على كراسة شروط المشروع.
وبشأن حماية المستثمرين والاستثمارات ، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على توفير كل سبل الأمن والاطمئنان للمستثمر الحالي والوافد واحترام كل التعاقدات الماضية والحالية والمستقبلية وتشجيعها وتحفيزها وفق كل الآليات المتاحة.
وحول مستقبل العلاقات المصرية “ الأمريكية ، والمصرية “ الروسية ، قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير باعتبارها القطب الواحد واللاعب الرئيسي استناداعلى علاقة استراتيجية تمتد لثلاثة عقود .
وأضاف أنه لا شك أن الولايات المتحدة في الفترة الماضية كانت ترى أن الأوضاع المصرية غير مستقرة ولكن التغيير الكبير الذي حدث ووضوح مفردات الاستقرار عقب إقرار الدستور شكل تغييرا نسبيا في رؤية الإدارة الأمريكية بشكل إيجابي ، وهذا بالطبع لا ينسينا مراعاة أصدقائنا الروس بشكل عملي على جميع المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
أما فيما يختص بأمن الخليج في ظل تنامي النفوذ الإيراني ، أكد الببلاوي أن أمن الخليج واستقراره هو محور أساسي في الرؤية المصرية وثابت لا يجوز المساس به ، بغض النظر عن حالة الانفراج الجديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران التي قد تؤثر على المنطقة لكنها تحصيلا وبشكل نهائي لن تؤثر على موقف مصر من الخليج ودعمه وحماية أمنه ، منوها بأن هذا المعيار الأمني له الأولوية الأولى التي لا يجوز المراهنة فيها للحكومة المصرية وإرادتها السياسية.
وعن إمكانية قبوله لرئاسة الحكومة في ظل الرئيس المقبل قال “لن أقبل هذه المهمة مرة أخرى عقب انتهاء المرحلة الانتقالية .. رئاسة الحكومة الحالية مهمة انتحارية وقبلتها عالما بأعبائها ، وسعيد بالتضحية التي قدمتها حتى الآن، وصعب جدا أن يفكر الواحد في فعل شيء بعدها”.
وفى سياق أخر قدم الدكتور الببلاوى التهنئة إلى رجال الشرطة البواسل بمناسبة عيد الشرطة، والذى يعتبر مناسبة وطنية تُخلد فيها ذكرى التضحية والفداء التى قام بها رجال الشرطة الأوفياء فى مدينة الإسماعيلية يوم 25 يناير من عام 1952.
وقد أشاد الببلاوى بالمجهودات التى يبذلها رجال الشرطة لضبط وإستعادة الامن فى الشارع المصرى خلال هذه الفترة الدقيقة التى تمر بها البلاد، هذا بالإضافة إلى ما قاموا به مؤخراً من تأمين عالى المستوى لعملية الاستفتاء على دستور 2014، والذى يعتبر الخطو الأولى من خطوات الإستقرار وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.