آراء حرة
د.عاطف عتمان يكتب : لبى الشعب النداء فهل يفي النظام ويلبى النداء
مر الإستفتاء على الدستور المصري رغم كثير من المخاوف ولبى الشعب نداء الفريق أول عبدالفتاح السيسى ونداء الرئيس المؤقت عدلي منصور بدرجة مقبولة أظنها أعلى مشاركة من دستور 2012 وأكثر توافقا إلا حد ما عنه مع الإعتراف بحالة من الشقاق المجتمعي وخلاف النخب التي تأخرت للخلف وأصبح الحراك الجماهيري هو من يقود نفسه فى خطوة ربما تمثل خطورة لغياب القيادات الحكيمة الواعية صاحبة التأثير فى الشارع والتي تستطيع ضبط إيقاع الشارع الإنفعالي فى بعض الأحيان .
أثبتت الجماهير الغير مسيسة أنها أكثر وعيا وربما وطنية من نخب إنشغلت بصراع الكراسى .. فى 25 يناير لبى الشعب الذى أكله الفقر والجهل وغياب العدالة وإنعدام الأمل لنداء 25 ونزل وقدم الدماء من أجل الأمل فى غد مشرق .. نزل الشعب لا حبا فى الإخوان ولا مناصرة للحراك الثوري والحركات الشبابية ولا بغضا لشخص مبارك لكنه نزل رفضا لفقره ولسرقة قوته وللتجارة بصحته وبمستقبله نزل لما فقد الأمل فى الغد فهانت الحياة ورخصت الدماء فى مقابل العيش والحرية والكرامة الإنسانية .. وبعيدا عن كثير من الملابسات وإختلاط الأوراق ما بين مخططات لهدم الدولة إستغلت شعب ثائر فائر -وله كل الحق بعدما نفذ صبره -ضرب المصريون نموذج أثناء إنتفاضهم ضد حكم مبارك مازال عالقا بالأذهان .. من هلال عانق الصليب بحب وليس أمام الفضائيات لمسلم حمى القداس ومسيحي صب ماء الوضوء على أخيه نعم أخيه بن أمه وأبيه.
لشباب كان كاره للحياة وفجأة حول الشوارع لحدائق ويده التي كانت ترمى المخلفات أمسكت بالمكنسة فى يد وبفرشاة الرسم فى اليد وحمل الأمل فى الغد على جبينه ولن أعدد الصفات التي ظهرت فى تلك المرحلة .. ولكن سريعا ما سرق الساسة الذين أصبحوا ثوارا الأمل وسرقوا الحلم وصعدوا كعادة اللئام على دماء الأنقياء .. وبدأ يظهر أسوأ ما فينا … لبى الشعب نداء التعديلات الدستورية وصوت بمجرد البطاقة بمباركة المشايخ ونعم الخضراء الشهيرة أملا وتيمنا باللون الأخضر الذى تعطش له طويلا .. ثم خرج لإنتخابات البرلمان فى صورة لم تحدث من قبل يحدوه الأمل فى الغد .. فى العيش والكرامة ومستقبل لأبنائه .
وسرعان ما أحبطه الساسة وخذلته النخب وباعه النظام فقاطع إنتخابات الشورى وكانت بلا لون ولا شرعية شعبية .. لبى الشعب النداء فى الإنتخابات الرئاسية أملا من الخروج من عنق الزجاجة وسواء كانت قدرية أم متعمدة وضع الشعب فى خيار المر والأمر كل حسب تذوقه وإنشق الشعب بحكم الأرقام على الأقل .
جاء الإخوان للحكم وإستكملوا مسلسل أخطائهم القاتلة وتاهوا بين إصلاحية عرفوا بها على الدوام وبرجماتية سياسية ميزتهم كثيرا وبين ثورية حاولوا إرتداء ثوبها وهم لم يعتادوه بحكم المنهج الفكري .وخلل بين ثوابت العقيدة ومتغيرات السياسة ووضعيتها .. زاد الإنقسام وزادت الصورة قتامة وأوشك الوطن على الإنهيار الكامل بعد تهاوى مؤسساته ولم يعد سوى المؤسسة العسكرية ولبى الشعب النداء وخرج خروجا تعامى عنه نظام الحكم آنذاك ودخلنا مرحلة أخرى بعد 3يونيو وإعلان خارطة الطريق .
وكان الإستفتاء على الدستور2014 ولبى قطاع عريض النداء .. بعيدا عن صراعات النخب والأحزاب والحركات .. لبى القطاع الأعرض النداء وصوتوا لصالح الدستور وفق المؤشرات ليس إقتناعا بالدستور ولا مواده ولكن أملا فى الخروج بالوطن لبر الأمان ثم غد ربما يكون أفضل…وكفرا بالساسة والأحزاب والنشطاء بعد ثلاثة أعوام من صراع مرير على السلطة دفع المواطن البسيط فقط ضريبته .. لبى قطاع كبير من الجماهير النداء وخرجوا ليقولوا نعم لوطن موحد قوى متعافي وسط مخاوف من مصائر مجهولة ودول تنهار وأمة تتهاوى أركانها . نعم للقمة عيش كريمة ولعدالة إجتماعية تحمى الفقراء الذين أكلهم الفقر من إحتكار وإقطاع حيتان السوق المفتوحة .
نعم للأمل فى الغد .. لا يطمح الفقراء فى عصى سحرية تجعل من جحيمهم جنان ولا من أحزانهم أفراح ولكنهم يحلمون بالأمل الذى سيتبعه عمل وكد وكفاح شريطة وجود الأمل وتحقيق العدالة الإجتماعية وحماية المستثمر والعامل على حد سواء … لبى المصريون نداء الفريق أول عبدالفتاح السيسى وهم يمنون النفس بإنحيازات جمال عبدالناصر للفقراء والعمال والفلاحين والمهمشين …. وكعادة المصريين يفرحون بلا حساب ويأملون سريعا ويحبطون أسرع . فقد صبوا جام غضبهم على مبارك وأقام كثير منهم الإحتفالات بفوز مرسى وقاموا بخلعه بعد عام وإطلاق الألعاب النارية بمناسبة عزله ..أرى أملا كبيرا وفرحة عارمة فى العيون بنجاح الإستفتاء وآمالا ربما تكون أكبر من إمكانيات أى بشر ..ولا بد من ضبط حالة التفائل تلك بشىء من الواقعية وبريق من الأمل وكثير من العمل حتى لا يجرفنا الإحباط فى موجة جديدة ربما تكون مهلكة .
هل يفى السيسى ونظام الحكم بعد 3يونيو ويلبون نداء الشعب ويكونون على قدر الأمانة ..-حفظ الوطن وتحقيق نداء المواطنين عيش وحرية وكرامة- ؟؟ الأيام القادمة كفيلة بتقديم الجواب والمطلوب الآن هو الأمل …الأمل فى الغد مع مصارحة وواقعية بعيدا عن التجارة السياسية والإنتخابية .