مصر الكبرى

05:54 مساءً EET

أحمد حمدي يكتب … أوباما .. واللي مانعرفوش !

لا شك أن الأحداث المتلاحقة في الشرق الأوسط ولاسيما الوضع في مصر , قد أثر سلباً علي الإهتمام بانتخابات الرئاسة الأمريكية علي الرغم من تأثيرها المباشر علي نفس تلك الأحداث التي تلقي إهتمامنا ..

  أعتقد أننا بصدد الإنتخابات تدور بين مرشح أثار إحباط الكثيرين في مصر لاسيما (العاطفيين)  منهم , والذين عقدوا آمالا كبيرة علي ذلك الشاب الأسمر الذي يملك إسم (حسين) في بطاقته الشخصية .. وبين مرشح آخر لا نعرف عنه الكثير إلا من خلال بعض التصريحات التي تعكس القليل من توجهاته حال نجاحه في الإنتخابات المقبلة ..

  ولكننا إذا ما قمنا بتفنيد مواقف وتوجهات الرئيس الأمريكي أوباما حيال قضايا تهم الشرق الأوسط , سنجد أنه إكتسب شعبية كبري وسط المجتمع الأمريكي جراء القبض علي بن لادن , وهو ما قابله المجتمع الشرقي آن ذاك بفتور يصل إلي درجة الإستياء , ولكن أعتقد بعد أحداث سيناء الأخيرة وما لاقيناه من جماعات جهادية مع مشاهد دماء جنودنا علي الحدود , قد تُغيّر من نظرتنا الشعبية العاطفية تجاه كل ما هو عربي أو اسلامي حتي لو كان يمثل الخطر علي ذات الإسلام وذات العروبة ..

  أما عن الملف النووي الإيراني , أعتقد أن عدم حماس أوباما للتعامل العسكري مع إيران يزيد من أسهمه داخل المجتمعين الأمريكي والعربي علي حد سواء .. ثم الإنسحاب الكامل للأمريكان من العراق في ولايته الأولي يأتي علي خلاف توقعات الشارع العربي , ويزيد من أسهمه كثيراً ..

  وبخصوص التعامل مع الثورة المصرية , أعتقد أن مساندة أوباما للثورة كان جلياً لاسيما بعد أن إطمئنت الإدارة الأمريكية إلي أن الثورة تمثل إرادة شعبية حقيقية .. صحيح أن أسهم الإدارة الأمريكية قد إنخفضت في الآونة الأخيرة في ظل ترديد أقاويل وتصريحات عن دورهم في وصول الإخوان المسلمين إلي سُدة الحكم في مصر , خاصة مع الأخبار المؤكدة المتعلقة بمنح الإدارة الأمريكية 50 مليون دولار للإخوان أثناء الإنتخابات الرئاسية ..

  ولكن الواقع أنني أعتقد أكثر في البراجماتية الأمريكية , والذي تتمثل في المصلحة الذاتية الأمريكية في التعامل مع الرابح والطرف الأقوي أياً كان .. والحديث عن منحة ال 50 مليون دولار , فهي في تقديري تسيئ إلي الإخوان ولكنها لا تمثل إنعكاساً كاملاً للإدارة الأمريكية , فأعتقد أن المنحة تشبه (مع الفارق) الشيك الذي أرسله المهندس نجيب ساويرس للسيدة جميلة إسماعيل أثناء إنتخابات البرلمان المنصرمة كإعانة لها في دعايتها الإنتخابية علي الرغم من أن المنافس لها هو محمد أبو حامد القيادي في حزب ساويرس في ذلك التوقيت ..

  فالإدارة الأمريكية لا مانع لديها في إرسال (عربون صداقة) لطرف قوي في انتخابات رئاسة خاصة بدولة كبيرة لديها مصالح مشتركة مع الطرف الأمريكي مثل مصر .. حتي وإن كان العربون ليس للطرف المفضل لديها في تلك الإنتخابات ..

  فالحقيقة أنه لو نجح أيّ من المرشحين الخمسة الرئيسيين في انتخابات الرئاسة المصرية , لتحدث أنصار الأربعة الآخرين عن صفقة ما مع الأمريكان ..

  فلو كان النجاح من حليف شفيق , لتحدث المعارضون لنجاحه عن أصابع أمريكية تعبث بالشأن الداخلي المصري , وأن شفيق هو امتداد لنظام مبارك الذي كان خير مطيع للرغبات الأمريكية في المنطقة ..

  وإذا كان النجاح حليف عمرو موسي , لتحدث المعارضون له عن رغبة أمريكا في تولي الدبلوماسي المصري في هذه الحقبة , لإحداث تحاوراً ما دبلوماسياً مع الجانب الإيراني خاصة في ظل عدم رغبة الجانب الأمريكي في حوار عسكري , لاسيما في توجهات عمرو موسي الذي أكد مراراً حتمية التعاون والحديث مع طهران ..

  أما عن أبو الفتوح , فأعتقد أن في مقابلته لمسئولين بالإدارة الأمريكية قُبيل الإنتخابات الدافع الكافي للشكوك في التدخلات لصالحه حال نجاحه , خاصة وأنه يمثل التيار الإسلامي الذي يبدو أكثر إعتدالا وهو ما يلائم التوجهات الأمريكية في الشرق الأوسط ..

  أعتقد أننا بحاجة إلي التخلص من هاجس المؤامرات الأمريكية التي تتدفق من ينابيع مياه مطابخنا , وأعتقد أيضاً أن نجاح أوباما في الإنتخابات المقبلة من شأنه إضفاء هدوء واستقرار علي منطقة ملتهبة بما يكفي ..

  فقد علمتنا الثورة المصرية أن التغيير ليس دائماً ما يأتي بالأفضل , وأن أحياناً النظرية المصرية العتيدة (اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش) تكون خير من آلاف التحليلات العميقة لخبراء السياسات الدولية ..

 ولكن الواقع أن رغبتنا في نجاح (أوباما) أو (رومني) لن تؤثر بالسلب أو الإيجاب علي نتائج التصويت , حتي لو شكلنا (ألتراس أوباما) بالشرق الوسط تحت شعار (YES WE CAN) مع ترديد هتافات علي غرار ( صاحبي اللي الشولدر في الشولدر بيخليني مطمن ) !   فكل ما يقوي المصريين المؤيدين للرئيس الأمريكي الحالي علي فعله .. هو مناشدة السيد الرئيس محمد مرسي بأن ينصح أبناءه الإثنين بالتصويت لأوباما !

التعليقات