مصر الكبرى

04:39 مساءً EET

رئيس مصر القادم لا يعبر عن آمال الأمة

 
كاد شعب مصر يحلم برئيس يأتي على هوى الأغلبية و بات ينتظر زعيماً جديداً على غرار سعد زغلول أو جمال عبد الناصر أو أنور السادات، قدم الشعب ثورة عظيمة شهد لها القاصي و الداني و أبدى العدو قبل الصديق إعجابه بأمة قدمت للعالم حضارة منذ آلاف السنين و ها هي تعلم العالم كيف تكون الثورات الحضارية، إلا أن الرياح دائماً تأتي بما لا تشتهي السفن، فلا تلك التضحيات و لا الصبر على المعاناة كانتا كفيلتان بأن تضمنا للشعب أن يكون له رئيس على غرار ما سبق أن ذكرناهم أو على الأقل على هوى الأغلبية ! لقد تعرض المصريون إلى مؤامرة أطرافها عديدون منها ما هو خارجي و منها ما هو داخلي، جميعها مؤامرات تخشى من نهضة الأمة و رفعتها صراعات هنا و هناك، و كل القوى الخارجية و الداخلية تتكالب على الشأن المصري خوفاً مما قد تسفر عنه الأقدار، حتى وصلنا إلى إنتخابات الرئاسة بشكلها الحالي و الذي لا يرضي الشعب بينما يرضي فقط أنصار المرشحين الحالين !

تعالوا معاً نلقي نظرة على إنتخابات الرئاسة المصرية منذ رحيل مبارك و حتى وقتنا الحالي .. علنا نستفيد من دروس الحاضر فنتحاشى في المستقبل الوقوع في أخطاء الماضي،  و الماضي الذي هو ليس بالبعيد يذكرنا بأنه بعد تخلي مبارك عن السلطة أعلن البعض عن نيته خوض معترك إنتخابات الرئاسة، و منهم عمرو موسى و "حازم صلاح أبو إسماعيل" ثم توالى فيما بعد باقي المرشحين، منهم من إستطاع ان يُكمل المعترك الرئاسي و منهم من لم يستطع مثل بثينة كامل، و التي كادت تكون أول إمرأة تتقدم إلى هذا المنصب ! إلا أنها لم تستطع أن تكمل جمع التوكيلات المطلوبة.
بدأ المعترك الرئاسي مبكراً جداً و نستطيع أن نجزم بأن كافة المرشحين تقريباً نالوا وقتهم في الإعلان عن أنفسهم  في فترة تجاوزت العام و هي مدة كافية قد لا تتوفر لمرشحي الرئاسة الأمريكية ! و قد صال و جال كل منهم و للأمانة لم يشعر أي منهم الشعب بأنه الزعيم الملهم المنتظر ! و أيقن الشعب أن زعيمه المنتظر لا وجود له من الأساس ! و لكن هذ لا يمنع أن من بين المرشحين من كان يلقى قبولاً لدى قطاع واسع من الشعب، إلا أن المؤامرة قد بدأت منذ تشكيل لجنة تعديل الدستور، و التي قام المجلس العسكري بإختيار عناصرها من جماعة الإخوان المسلمين ! فتلك الجماعة كانت أول من تآمر على مصر ! فقد قامت اللجنة التي هي أبعد ما يكون الفقه الدستوري ! بتعديل المادة 75 من دستور 71 و أضافوا عليها أنه يشترط لمن يترشح لرئاسة الجمهورية أن لا يكون أي من والديه قد حمل جنسية أخرى و زادت الطين بلة بأن قالت أن تكون الزوجة أيضاً مصرية ! و الواقع أنها كانت شروطاً مجحفة وضعت على أساس أنها قواعد عامة تحدد شخص الرئيس، و لكن الواقع أثبت خبث النوايا فقد كان المقصود منها إستبعاد البعض من التقدم للترشح لإنتخابات الرئاسة، و ظن البعض في البداية أن المقصود من تلك المادة هو د. أحمد زويل ! و تطرق آخرون إلى شخصيات أخرى ! ثم أتت الأيام لتثبت لنا أن المقصود من تلك المادة كان هو "حازم صلاح أبو إسماعيل" فجماعة الإخوان كانت تعلم إزدواج جنسية والدته، و وجدوا في الرجل أنه إن أصبح رئيساً فسيمثل خطراً على الجماعة !
فالرجل من بيت عائلي معروف و له إحترامه، بالإضافة إلى أنه إسلامي و لا يستطيع أحد أن يزايد على إسلامه، و هنا تكمن خطورته فهو ليس تابع لجماعة الإخوان، لذا قررت الجماعة إقصائه من السباق قبل أن يبدأ، و الفارق بين ؟حازم صلاح أبو إسماعيل" و بين باقي الشخصيات العامة من جماعة الإخوان المسلمين فارق شاسع و مسافات تصل إلى أميال ! فالرجل لديه كاريزما خاصة ليست موجودة في باقي المرشحين فهو يتمتع بالوجه السمح و تلك السماحة هبة من الله، حقاً أنها قد تختلف عن كاريزما زعماء آخرين مثل جمال عبد الناصر، إلا أنها كادت تكون الكاريزما الوحيدة الموجودة بين كل المرشحين ! و خطر "حازم أبو إسماعيل" على الإخوان يعود إلى خلفيته الإسلامية أيضاً، ففي حال فوزه كرئيس سيكون له حزباً أو أتباعاً سينتقصون من جماعة الإخوان بكل تأكيد، بل قد يكونون سبباً في القضاء على الجماعة نهائياً، لذلك وضعت لجنة التعديلات الدستورية المشكلة من أعضاء جماعة الإخوان تلك الشروط على من يتقدم لرئاسة الجمهورية، و الحقيقة أن تخوفات جماعة الإخوان كانت حقيقية "فحازم صلاح أبو إسماعيل" إن كان قد شارك في هذا المعترك السياسي فإن إحتمالات فوزه كانت كبيرة جداً، فقد رأى قطاع كبير لا يستهان به من الشعب أن الرجل كان هو الأصلح لمنصب الرئيس ! إلا أن الإخوان قد قرروا حرمان شعب مصر من الحق في إختيار رئيسه و قرروا فرض الوصاية على الشعب في غفلة من الجميع.
و بين الصولات و الجولات الإنتخابية للمرشحين و إحتمالات إستبعاد "حازم ابو إسماعيل" كانت مليونية مطالبة "عمر سليمان" بالترشح للرئاسة، و التي سبقت غلق باب الترشح للإنتخابات بيومين فقط ! و "عمر سليمان" رجل ليس غير عادي، فلديه كاريزما القياده و من علمه في المخابرات العامه إستعصى على علماء النفس أن يحللوا شخصيته لقدرته الفائقة على التحكم بتعبيرات وجه ! هذا بالإضافة إلى كونه رجل دولة ولائه الأول و الأخير للدولة و ليس لتيار او فكر سياسي، بالإضافة إلى كونه عالماً بالعديد من بواطن الأمور بالحكم مما سيسهل عليه عمله كرئيس، إلا أنه أيضاً يمثل خطورة على جماعة الإخوان المسلمين، فالرجل قد لا يكرر سيناريو الإطاحة بالإخوان عام 1954، إلا أن لديه القدرة لأن يجعل الناس تنفض من حولهم و قد يكون هو الآخر أداة للقضاء على الإخوان نهائياً ! من هنا عملت الجماعة على إقصائه بشتى الطرق، و لأن جماعة الإخوان ضعيفة في واقع الأمر و لا تستطيع أن تقوم بالحشد كما يفعل السلفيون ! لذا قاموا بإقناع السلفيين بان يشاركوا في مليونية لمنع "عمر سليمان" من الترشح ! و قد تحقق الأمر و نجحت المليونية بمعاون السلفيين و أنصار "حازم صلاح أبو إسماعيل" و تم إقصاء "عمر سليمان" من السباق الرئاسي بحجة أن لديه نقص في 31 توكيل !
إنني في سردي هذا لم أتعرض إلا لمرشحين فقط و هما " حازم صلاح أبو إسماعيل" و "عمر سليمان" و الواقع أني لم أتعرض لغيرهما لعدة أسباب :
أولاً/ كلا المرشحين يتمتع بقوة الشخصية مما يعود على القدرة على إحداث التغيير في الدولة إن أصبح أي منهما رئيساً.
ثانياً/ كلا المرشحين يتمتع بكاريزما مما سيكون له تأثير على الناس فيما بعد.
ثالثاً/ كلا المرشحين كان يتمتع بتأيد قطاع عريض حقيقي من الشعب.
رابعاً / كلا المرشحين في حال خوضهما غمار المعترك الرئاسي فإن الإعادة كانت ستكون بينهما.
خامساً/ كلا المرشحين كانا يمثلان قوة أكبر من الإخوان.
سادساً/ كلا المرشحين تم إقصائهما ظلماً و بهتاناً.
سابعاً/ كلا المرشحين كانا هدفاً لجماعة الإخوان المسلمين.
قد لا اكون من مؤيدي "حازم صلاح أبو إسماعيل" و قد أكون ضد إقصاء "عمر سليمان" لأن البعض يحسبه على مبارك، و قد أكون لا أرى في أي ممن تقدموا لمارثون الرئاسة من يصلح لأن يكون رئيس مصر، و لكن ما أرصده هنا حقيقة أدونها حتى يذكرها التاريخ فيما بعد، فسيذكر التاريخ أن جماعة الإخوان قد تجاوزت على حق الشعب في أن يختار رئيسه، سيذكر التاريخ أن جماعة الإخوان قد عينت نفسها في تلك الفترة وصية على شعب مصر.
سيذكر التاريخ أن الشعب في أول إنتخابات رئاسية بعد ثورة يناير أجبر على أن يختار رئيساً من بين مجموعة من المرشحين لا يعبرون عن إرادة الأمة، سيذكر التاريخ لجماعة الإخوان إثمها و جرمها في حق مصر و المصريين.
و الله على قصد السبيل

التعليقات