أفضل المقالات في الصحف العربية
شوقي وجريمة «المنصورة»!
في يوم من أيام 1924 تعرض «زعيم الأمة» في مصر، سعد باشا زغلول، لمحاولة اغتيال قام بها شاب متطرف.اهتز المصريون من وقع الخبر، وكتب أحمد شوقي هذه القصيدة التي كان عنوانها في «الشوقيات» هو «اعتداء» وقال فيها:
وقى الأرض شر مقاديره – لطيف السماء ورحمانها
ونجى الكــــــــــــنانة من فتنة – تهددت النيـــــــــــــل نيــــــــرانها
ثم قال واصفا خطر الإرهاب السياسي في مصر:
أرى مصرَ يلهُو بحدّ السلاح – ويلعبُ بالنار ولدانُها
وراح بغير مجال العقول – يجيل السياسة غلمانُها
وما القتل تحيا عليه البلاد – ولا همة القول عمرانُها
ولكن على (الجيش) تقوى البلاد وبالعلم تشتدُّ أركانُها
فأينَ النبوغُ وأينَ العلومُ – وأينَ الفنونُ وإتقانُها؟
وأين من الخلق حظ البلاد – إذا قتل الشيب شبانها؟!
هذا نحته أمير الشعراء عن حال أرض الكنانة قبل زهاء قرن من الزمان، وهذا ما استودعه صاحب «كرمة ابن هانئ» ذاكرة الأمة، وهذا ما خشي منه، وهذا ما صار!
قبل نحو يومين، اهتزت مصر، وشهق النيل، من هول الجريمة السوداء في مبنى الأمن بالمنصورة في محافظة الدقهلية. سيارة من سيارات الشيطان بها عجينة من متفجرات الشر، قتلت 13 شخصا، حتى الآن – معظمهم من رجال الشرطة – وجرحت أكثر من مائة آخرين، بحسب ما ذكره رئيس هيئة الإسعاف المصرية أحمد الأنصاري لـ«بي بي سي». وكان ضمن القتلى والجرحى مارة في الطريق.
الغرض من الجريمة واضح، وهو تخويف المصريين من المضي في خارطة الطريق السياسية والذهاب للاستفتاء على الدستور بعد أسابيع معدودة من الآن.
دعك من بيانات البراءة الباردة من محاسيب الإخوان والإخوان أنفسهم، فالطرف الهائج على الأرض هم الإخوان، ومن لف لفهم. ودعك من شنشنات المحامين.
العمل المخابراتي والأمني والعسكري السري، تحت الأرض، ليس جديدا على الإخوان، منذ قصة «النظام الخاص» للجماعة الذي أسسه حسن البنا نفسه سرا وتبرأ منه علنا، هذا النظام فجر واغتال وهدد. كل ذلك معروف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
قيادات الجماعة المعاصرة منذ مصطفى مشهور، مرورا بعاكف، ونهاية ببديع، كلها «تربية» هذا النظام الخاص، ولا ينبئك مثل الرمز الهارب محمود عزت. حتى المرشد مأمون الهضيبي باح بالسر المكتوم ذات يوم، وافتخر بتاريخ النظام الخاص، في المناظرة الشهيرة مع المفكر المصري فرج فودة، التي اغتيل بعدها! والمناظرة جرت ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 1992.
في كلمة واحدة: ما يجري في مصر حرب بين الإخوان وحلفائهم من طرف، وبقية المصريين من طرف. حرب بمعنى الكلمة، وليست خلافا سياسيا.
من يردد الشعارات الآن عن ديمقراطية تلاميذ سيد قطب، فهو كما قال شوقي أيضا:
يا له من ببغاء – عقله في أذنيه