أفضل المقالات في الصحف العربية
اسرائيل وحافة الهاوية
أجمل خبر في الأيام الأخيرة لم يكن عربياً بالتأكيد، وإنما إعلان مؤسسة الدراسات الأميركية، وهي هيئة أكاديمية كبرى، مقاطعة إسرائيل احتجاجاً على معاملتها الفلسطينيين.
المؤسسة تضم حوالى خمسة آلاف عضو من أبرز الأكاديميين والمثقفين، وقد اتخذت قرارها «تضامناً مع الأساتذة الجامعيين والطلاب المحرومين من الحرية الأكاديمية.» والقرار يمنع «التعاون الرسمي مع مؤسسات أكاديمية إسرائيلية، أو أساتذة يعملون في هذه المؤسسات أو يمثلونها».
أرجو أن يُقرأ ما سبق على خلفية معلومات عن اجتماع هذا المسؤول العربي أو ذاك، سراً أو علناً، بمسؤولين إسرائيليين، وفي حين أنني لا أستطيع أن أجزم أن مثل هذه الاجتماعات حصل، فإنني أقول إن لا دخان من دون نار.
خبر جميل آخر من موقع ليكودي يؤيد إسرائيل، أي يؤيد الجريمة والاحتلال والإبارتهيد والفاشستية، شكا من «ارتفاع مقلق للاساميّة» في حرم الجامعات الأميركية. هي قطعاً ليست لاساميّة، وإنما رفض لكل ما تمثل إسرائيل من اعتداء على حرية الإنسان وحقوقه وكرامته. الخبر زعم أن الطلاب اليهود يتعرضون لتهديدات وأحياناً اعتداءات إذا صرحوا بتأييد إسرائيل. إذا ترجمنا كذب ليكود أميركا إلى شيء أقرب إلى الحقيقة فهو أن كل جامعة أميركية اليوم أصبحت تضم جمعية تؤيد المقاطعة وسحب الاستثمارات ومعاقبة إسرائيل (بالإنكليزية BDS) احتجاجاً على استمرار الاحتلال وعلى معاملة الفلسطينيين، أصحاب الأرض كلها في إسرائيل التي قامت بعد 1948، كمواطنين من الدرجة الثانية.
أتوقف هنا لأذكّر القارئ العربي بأنني أدين فقط حكومة إسرائيل التي أراها من نوع النازيين الجدد والذين يؤيدونها، فلا أنسى أن أسجل نشاط جماعات السلام الإسرائيلية داخل إسرائيل وحول العالم. في الولايات المتحدة تحديداً هناك أكاديميون يهود من أعلى مستوى يعارضون السياسة الإسرائيلية، كما أن هناك جمعيات من نوع «أصوات يهودية من أجل السلام» تقوم بنشاط مؤثر دفاعاً عن الفلسطينيين.
إسرائيل عصابة جريمة، أو هي على الأقل ليست دولة كسائر الدول، فالمواطن في بلاد العالم يُنسَب إلى دولته، وهناك أميركي وكندي وصيني وروسي وبريطاني وفرنسي ولبناني وليبي وهكذا. في إسرائيل المحكمة العليا منعت أن توضع كلمة «اسرائيلي» في خانة الجنسية، لأن الإنسان لا يمكن أن ينتمي إلى «أمّتَيْن»، وبالتالي لا يستطيع أن يكون يهودياً وإسرائيلياً في الوقت نفسه.
شخصياً أرى أن إسرائيل على حافة الهاوية وتسير نحو مصير كجنوب أفريقيا أيام حكم البيض والإبارتهيد ضد السود. والاتحاد الأوروبي نفسه أعلن مقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات، وهو حتماً ليس من نوع طالب شاب، أو طالبة، تحفزه المثالية إلى مقاطعة إسرائيل.
بدأت بأجمل خبر وأختتم بأسوأ خبر، فالأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا، قال «لا نستطيع تجاهل أن المسيحيين في الشرق الأوسط يتعرضون عمداً لحملات من أصوليين إسلاميين مسلحين.» الأمير كان يخاطب رجال دين مسيحيين من الشرق الأوسط ومعهم رئيس أساقفة كنيسة إنكلترا في بيته في لندن. وهو ذكّر الحاضرين بأنه عمل 20 سنة للتقريب بين الإسلام والمسيحية. أنا شاهد على نشاطه من لندن إلى دافوس إلى كل مكان، وقد منحه فريق حوار الإسلام والغرب في دافوس، وأنا عضو فيه، جائزة تقديراً لنشاطه الطيب، وإذا كان الأمير تشارلز أصبح يشكو، فهو يتحدث عن أشياء صحيحة لأنه كان دائماً في صف المسلمين ويدافع عنهم، فأرجو أن تُحرَم إسرائيل من ممارسات تمكنها من تحويل الأنظار عن جرائمها الحقيقية إلى تجاوزات فئة ضالة لا تمثل المسلمين.