مصر الكبرى
«الفرّاعين»
فجر يعقوب
سيمر وقت طويل قبل أن يحظى الإعلام الفضائي العربي برئــــيس مجلس ادارة فضائية بهذا المقدار من الدعابة، والقدرة على تحميل البث الفضائي العربي بأفكار وحصص وبرامج مسلية، ويمكن الادعاء في كل لحظة بأنها الأكثر مشاهدة، باعتبار أن محطة «الفرّاعين» المصرية الخاصة التي يمتلكها توفيق عكاشة، هي الأولى عربياً، كما صرح بذلك أخيراً.
قد لا يكون متعذراً الحكم بأنها ليست كذلك من غير اللجوء إلى مؤسسات استبيانات الرأي التي لايثق فيها عكاشة، ويتهمها بأنها تعمل لمصلحة الاستخبارات «الأميركية والفرنسية والإسرائيلية»، وتنشر استبيانات تقول إن محطته ليست الأولى، وإن برنامج «مصر اليوم» الذي يقدمه ليس الأكثر مشاهدة على صعيد العالم العربي بعكس تأكيدات عكاشة، التي تقول إنه يحظى بمليون مشاهد في الساعة.
سنترك معاكسة هذه الاستبيانات جانباً. وسنفترض أنها معاكسات «مشبوهة» تمنع نشر الأرقام التي يتحدث عنها عكاشة بصخب، وسنفترض أن هناك بالفعل مليون مشاهد يتابعون مثل هذا البرنامج، ولكن قراءة في الجانب المخفي أو غير المعلن من عمل قناة «الفرّاعين» يقول غير ذلك، بصرف النظر عن المناكفات التي تظهر هنا وهناك، وتدعو عكاشة ليصنع منها محطة كوميدية باعتبار أنه يجيد صناعة الترفيه والاستعراض، وإن هذا لا ينقصه، وسنعتبر ذلك شأناً كيدياً يقوم به بعضهم من باب التهريج المجاني، وهو يملأ حيزاً كبيراً من مواقع التواصل الاجتماعي على أي حال.
تقول بعض هذه القراءات إن توفيق عكاشة أصبح مديناً لمدينة الإنتاج الإعلامي بأكثر من 15 مليون جنيه، وإنه تمكن أخيراً من اعادة جدولة هذه الديون بغية تسديدها حتى يتمكن من مواصلة عمل القناة، وإن كان قد توقف كلياً عن دفع مستحقات العاملين معه. وبعض الأخبار تقول إنه منذ بضعة أشهر لم يعد هناك إمكانية للدفع سوى بعض النسب الضئيلة من مجمل الرواتب المستحقة.
وبالتأكيد، ليس من شأن هذه الكلمات التعرض لعمل محطة «الفرّاعين» ومعاينة بعض «الفضائح الفيديوية» التي انتشرت عنها أخيراً، واصفة اياها بأنها قناة «الفلول»، وهو المصطلح الأكثر شيوعاً في حالة وصف أتباع الرئيس المخلوع حسني مبارك، فقد يحلو للرجل عكاشة أن يصف ذلك بأنه كيد نسوان «نظراً لوسامتي»، كما يؤكد، وهذا قد حصل، ولكن لن يكون صعباً الحكم بأن «الفرّاعين» ليست الأولى عربياً، وهذا ليس بحاجة إلى جهد يذكر. يكفي قراءة أن برنامج «مصر اليوم» أصبح «مصر في أسبوع» حتى ندرك ذلك، كما يكفي معرفة أن محطة «الفرّاعين» ستتحول إلى قناة أفلام، وأن توفيق عكاشة عقد لقاءات مع شركات إنتاج للاتفاق على صيغة قد تضمن له تحقيق ذلك، وقد يكون الأمر مستحيلاً، فيعذر الرجل على أي حال.