الحراك السياسي

02:50 مساءً EET

نادي القضاة: لا يمكن تحقيق الاستقرار بدون تحقيق العدالة الانتقالية

قال المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر، إن تجارب الدولة خلال مراحل ما بعد النزاعات أو الثورات (المراحل الانتقالية) على أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار والسلم المجتمعي وبلوغ أهداف الديمقراطية، بدون تحقيق أهداف العدالة الانتقالية من خلال منظومة مؤسسية متكاملة وإطار قانوني محكم، وعن طريق هيئة محايدة ومستقلة للعدالة الانتقالية، يكون القضاء أحد دعائمها الرئيسية.

جاء ذلك في كلمة المستشار الزند والتي ألقاها بالإنابة عنه المستشار عبد الله فتحي وكيل أول نادي القضاة في مستهل مؤتمر “نحو إطار قانوني شامل للعدالة الانتقالية في مصر” والذي عقد صباح اليوم بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي، والذي حضره القاضي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابق وروندا وولفجانج شومبرج، وممثل المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا باتريك شنايدر، وممثلون عن وزارت العدل والداخلية والعدالة الانتقالية.

وأشار إلى أنه على الرغم من كثرة الحديث عن مفهوم العدالة الانتقالية، غير أن رجال القانون والمواطن العادي وأبناء الشهداء وذويهم لم يلمسوا أي إنجاز حقيقي في مسار العدالة الانتقالية، لافتا إلى أن ما دفع نادي القضاة إلى الاهتمام بهذا الموضوع ما لوحظ من خلط لدى البعض لمفاهيم العدالة الانتقالية وآليات تطبيقها.

وذكر أن منظومة العدالة الانتقالية بحالتها الراهنة قاصرة عن تحقيق طموحات الشعب المصري، مما أثار نوعا من اللبس والشك لدى المواطنين حول جوهر مفهوم العدالة ذاتها، وأثر سلبا على مسيرتها، مما لزم معه تدخل قضاة مصرعن طريق ناديهم لتصحيح مسيرة العدالة الانتقالية، والإسهام في وضه إطار قانوني شامل لهذا المفهوم يطرح للحوار المجتمعي، ويعين أصحاب القرار على تطبيقه.

وأضاف أن قضاة مصر قد أجمعوا خلال الحلقات النقاشية التي نظمها النادي على أن للعدالة مفهوم واحد لا يتغير بتغير المكان أو الزمان، مشددا على أن القضاء هو الحارس للحقوق والحريات، يستهدف أداء رسالته تحقيق العدالة بكافة ما يطلق عليها من أوصاف أو أسماء، وهو الحصن المنيع الذي تتحطم على نصاله كافة السهام التي تحاول النيل من الحقوق المقررة للأفراد والجماعات.

ولفت إلى أن المادة 241 من مشروع الدستور الذي انتهت من إعداده لجنة الخمسين، جاءت لتلزم مجلس النواب القادم، في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور، بإصدار قانون للعدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض استبق هذا الأمر بإعداده لمشروع قانون متكامل للعدالة الانتقالية استغرق قرابة العام لإعداده.

وأكد أنه حينما عرض على النادي مشروع القانون مطلع شهر أكتوبر الماضي، تم تنظيم عدة ندوات وحلقات نقاشية بشأنه بمقر نادي القضاة وأندية الأقاليم، وطرحه للنقاش والحوار بين ذوي الخبرة والاختصاص، بهدف ضمان وضع إطار قانوني منضبط للعدالة الانتقالية يسهم في اجتياز المرحلة الانتقالية التي يشهدها الوطن بنجاح، ويتمخض عن مشروع قانون متكامل لها وفقا لأعلى المعايير الدولية.

وأشار إلى أن نادي قضاة مصر شكل لجنة قانونية رفيعة المستوى لإبداء الرأي بشأن مشروع القانون المقترح، تمهيدا لطرحه لحوار مجتمعي شامل، وأنه يجري حاليا التعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بهدف إعداد الدراسات اللازمة حول المحاور الأساسية لمشروع القانون، وإجراء البحث الميداني بشأنه وفقا لأعلى المعايير العملية، إيمانا من النادي بأن الحوار بشان هذا المشروع لا يصح أن يقتصر على النخبة، وإنما يجب أن يشمل سائر المواطنين، لضمان صدوره معبرا عن احتياجات المجتمع ومحققا لآمال وطموحات أبناء الشعب المصري العظيم.

وأعرب عن امله في أن يؤدي التطبيق الصحيح لمفهوم العدالة الانتقالية، على النحو الوارد بهذا الإطار القانون المقترح، إلى إنصاف المظلوم والأخذ على يد الظالم، بما يضمن عدم تكرار ما حدث من انتهاكات لحقوق الإنسان وإساءة استعمال السلطة مستقبلا، حماية لأبناء الشعب المصري، وتكريسا لمكتسبات ثورتهم المجيدة، ويعزز عملية التحول الديمقراطي.

من جانبه، قال باتريك شنايدر وممثل المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المؤسسة تسعى جاهدة إلى مساعدة مصر فيما يتعلق بالإطار القانوني للعدالة الانتقالية، خاصة وأن العملية المستقبلية التي ستشهدها مصر يجب أن تتضمن تنظيما قانونيا محكما.

وأضاف أنه من الضروري أن تجري التطورات التي تشهدها المرحلة الانتقالية، بشكل منظم من الناحية القانونية والدستورية، بما ينعكس بالإيجاب على مفهوم العدالة الانتقالية، وهو الأمر الذي يتطلب بالضرورة إجراء مناقشات بناءة ومثمرة تفضي إلى بنيان قانوني صالح للتطبيق.

من جهته، استعرض وولفجانج شومبرج القاضي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابق وروندا، تجربة تحقيق العدالة والقصاص من مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام النازي في ألمانيا إبان حقبة “الرايخ الثالث”.. مشيرا إلى أن الأمر تطلب نحو 15 عاما حتى تم إغلاق آخر قضية في وقائع القتل والتهجير التي شهدتها ألمانيا، في حين لا تزال هناك قضايا محل تحقيق في الجرائم التي تم ارتكابها ولم يتم التوصل إلى حقيقة الأمر فيها.

وأشار إلى أنه لا توجد عدالة مثالية، وإنما يجب على الجميع أن يخوضوا الحرب من أجل تطبيق العدالة، وبغير ذلك فلن يعم السلام في المجتمعات.

وأكد أن المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي لا تسعى أن تفرض نظاما قضائيا ما على مصر، وإنما تحاول أن تقدم المساعدة في تطوير المنظومة القانونية، لافتا إلى ضرورة أن يتم الأخذ في الاعتبار قبل إنفاذ قانون العدالة الانتقالية، أن يتم تجهيزه من خلال مناقشات مستفيضة وحوار مجتمعي.

التعليقات