تحقيقات
لماذا يرفض الخضر المصريون البرنامج النووي؟
“إن منطقة الضبعة ستكون أول موقع لدراستنا لإنشاء هذا المشروع الوطني الذي من شأنه أن يحقق للأجيال القادمة أحد أهم متطلبات التنمية المأمولة والمستحقة لمصر خلال العقود القادمة.” ــ هكذا جاء إعلان الرئيس المصري عدلي منصور عن تدشين مشروع نووي وطني ضخم خلال الكلمة التي وجهها للشعب الشهر الماضي بمناسبة الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر.
في ظل أزمات طاحنة متكررة في مختلف صور الوقود من بنزين وأنابيب البوتجاز، من الطبيعي أن يلقى هذا الإعلان قبولاً وترحيبًا لدى المصريين. إلا أنه داخل مبنى قديم بأحد شوارع الجيزة الهادئة أثار الإعلان حالة من الغضب والترقب، حيث سارع أعضاء حزب الخضر المصري بالتأكيد على موقفهم الثابت الرافض للبرنامج النووي.
ويشرح محمد رفعت، الأمين العام للحزب، أسباب هذا الرفض الذي قد يستغربه البعض بقوله: “على رأس أسباب رفض الخضر للبرنامج النووي التلوث البيئى الناجم عن تشغيل المحطات النووية، وما تحمله المحطات من مخاطر حدوث تسرب إشعاعي يضر بالإنسان والحيوان والمياه الجوفيه والتربه الزراعية.”
واستطرد بأنه “ومن الثابت قطعًا أنه يؤدى الى أمراض سرطانية ومشاكل صحية خطيرة قد تصل للوفاة فى كثير من الحالات.”
وهنا تدخلت راندة شريف، عضو الهيئة العليا لحزب الخضر، مضيفة مزيد من الأسباب، وهي: “عدم توافر وسائل تأمين كافية لتشغيل هذه المحطات. وحال وقوع انفجار ـ لا قدر الله ـ بسبب خطأ فى التشغيل أو عمل إرهابي، سيترتب على ذلك كارثة بيئية كبرى تقضي على أعداد هائلة من البشر والحيوانات، بجانب تكاليف مالية تفوق قدرة مصر المالية. وهناك كوارث سابقة، مثل انفجار تشرنوبيل وفوكوشيما.”
وأوضح هشام زايد، رئيس الحزب، أن أحد الجوانب السلبية المرتبطة بالبرنامج النووي التي يغفل عنها الكثيرون “التبعية المطلقة للدول الموردة لمثل هذه المحطات، لأننا لا نملك تكنولوجيا بناءها ولا تشغيلها. كما أننا لا نملك إنتاج الوقود النووى المخصب اللازم لتشغيله.”
واستطرد رئيس الحزب بأن التحرك نحو الطاقة النووية يتعارض مع التوجه العالمي، حيث بدأت العديد من الدول الكبرى التي بدأت في التخلي تدريجيًا عن المفاعلات النووية وتوجيه مزيد من الاهتمام والاعتماد على مصادر أقل خطرًا وإضرارًا بالبيئة.
الملاحظ أن قضية الطاقة النووية ارتبطت دومًا ارتباطًا وثيقًا بالخضر المصريين. وعن هذا، يقول هشام زايد: “جاء إنشاء حزب الخضر المصرى فى أعقاب انفجار مفاعل تشرنوبيل الروسي وتلوث العديد من دول أوروبا الشرقية، مما أدى الى تلوث ألبان الأبقار هناك. وحينها، تم تصدير ألبان ملوثه لمصر، فتصدى حزب الخضر الألماني بالرفض لتصدير مثل هذه الشحنات لمصر. وعليه، فكرنا فى تأسيس حزب يهتم بالإنسان عامة، ويقاوم إنشاء مثل هذه المشروعات على أرض مصر.”
أما عن البدائل، يعددها محمد رفعت على النحو التالي: “الطاقه الشمسية، حيث تتمتع مصر بجو مشمس يتيح إمكانية إنتاج الطاقه الكهربائية عبر الطاقة الشمسية، بما يغطي الاحتياجات ويفيض للتصدير.”
وأضاف: “وطاقة الرياح حيث تزخر ضفاف البحر الأحمر بمناطق يمكن استغلال سرعة الرياح فيها لانتاج طاقة كهربائية. أيضًا، هناك بعض الأبحاث العلمية لاستخدام الطحالب فى انتاج الطاقة الكهربائية.”
لكن ألا يخشى الخضر من صورتهم كطائر يغرد خارج السرب والإجماع الوطني؟ يجيب زايد، رئيس الحزب، مبتسمًا: “اعتدنا ذلك. يبدو أن هذا قدرنا. وقد سبق أن تكبدنا ثمنًا فادحًا عندما أعلنا رفضنا مشروع توشكى، وطرحنا دراسات علمية تؤكد عدم جدواه، في وقت عمد نظام مبارك لتصويره كمشروع وطني طموح قادر على إحداث نقلة تنموية هائلة بمصر. وعقابًا لنا، حرم كوادرنا من الظهور بوسائل الإعلام وفرضت علينا حالة من التهميش وتكميم الأفواه.”
وعن الفترة القادمة، شددت قيادات الخضر على أنهم ثابتين على موقفهم، وسيعملون على تعزيز جهود رفضهم السلمى للمشروع النووي، وإثارة وعي الناس بمخاطره، مع احتمالية اتخاذ اجراءت قانونيه لوقفه.
واختتم رفعت، الأمين العام للحزب، الحديث بتأكيده: “الأمر المهم الذى يجب أن يعلمه المصريون أن هناك فرق بين استخدام الوقود النووى فى إنتاج الطاقة وإنتاج الأسلحة النووىة، فالأول يعتمد على وقود مخصب جاهز يستخدم لهذا الغرض، حتى لايدغدغ المسؤولون مشاعر الناس بأننا بتلك المحطات سندخل النادى النووى وسنكون قادرين على إنتاج سلاح نووي.”