مصر الكبرى
غادة سعيد تكتب … لماذا “الكذب” يا “صبحي”؟
كغيري من المصريين أُجل كل ما يمت للدين بصلة، وأحترم أئمة المساجد والقساوسة، وكنت أنظر للإخوان المسلمين قبل ثورة 25 يناير المجيدة نظرة المتعاطف لما عانوه من اضطهاد لا ينكره أحد معارض كان أو مؤيد،
كان هذا قبل الثورة، غير أن الفترة التي أعقبت الثورة كشفت الكثير أمام الرأي العام والمواطن البسيط الذي اكتشف أن الصورة الملائكية التي رسمها للإخوان بصفة خاصة والإسلاميين بصفة عامة لم تكن صحيحة وأنها صورة "كاذبة" كشفها انخراطهم في سلك السياسية.حديثي اليوم سينصب على القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب السابق صبحي صالح، الذي مثل "الجماعة" وكان لسان حالها أسفل قبة البرلمان إبان العهد البائد، وفي الفترة التي أعقبت الثورة حيث كان يطلع علينا من جميع القنوات ليتحفنا بتفسيراته "الغريبة" للقوانين.. ولأن "الجماعة" أصبحت الآن هي الرمز الإسلامي بعدما وصل مرشح الحزب الناطق باسمها (الحرية والعدالة) الدكتور محمد مرسي إلى أعلى سلطة في البلاد وهي رئاسة الجمهورية فإنني أستطيع أن أقول لن ينصلح حال مصر طالما ظل صبحي صالح يتحفنا بنوادره الكثيرة التي لا تنقطع.آخر نوادر الرجل والتي "فضح" فيها نفسه وانكشف كذبه للعيان كانت في لقاءه مع الاعلامي تامر أمين في حلقة الثلاثاء 17 يوليه الجاري من برنامج "تحيا مصر"، وهي الحلقة التي شن خلالها- المحامي الشهير والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين كما عرفه مقدم الحلقة- هجوما ضاريا على الإعلام المصري منذ اندلاع حرب أكتوبر المجيدة متهما إياه بعدم الصدق واذاعة أخبار مغلوطة، إلى هنا والكلام يحتمل الصحة والخطأ، غير أن "صالح" لم يسكت عند هذا الحد وشطح بخياله لـ"فبركة" قصة لحظية صورها له شيطانه اللعين ليصور لمشاهديه وأنا منهم حقيقة ما يرويه، حيث قال صالح بالنص "في 6 أكتوبر عام 1973 كنت أنا كبير، خلصت ثانوي وداخل أولى كلية، وكنت قاعد باكل الساعة 2.5 بتغدى أنا وواحد صاحبي.. وبعدين لقينا اللى بيقولك بسم الله الرحمن الرحيم بيان عسكري رقم 1 نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس ورفعت علم مصر مش عارف فين"، واستكمل "صالح روايته بأن قال لصاحبه الذي جلس يتناول الغذاء معه "لا مصدقش الكلام ده وبكيت وسجدت وتأثرت للغاية لأن الكلام ده لو جد هيبقى كويس أوي بس نفسي يقى جد وبعدين تأكدت من الخبر صحيح من إذاعة مونت كارلو".إلى هنا نتوقف فهذا هو ما يعنيني فالسيد صبحي صالح، قيادي الجماعة، تفوه بكلمات "غير صحيحة" ليدلل على كذب الاعلام ولأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله فقد سقط "صالح" دون أن يدري نتيجة "فبركة" هذه القصة.. فبنظرة متأنية لما قاله نجد "كذب واضح" فحرب السادس من أكتوبر تواكبت عربيا مع يوم العاشر من رمضان، إلا أن "صالح" قرر أنه كان في ذلك الوقت وفي الثانية وخمسة دقائق ظهرا (وقت العبور) كان يجلس مع صديقه يتناول طعام الغذاء، فهل تناسي أن شهر رمضان فرض الله صيام نهاره.الغريب أن "صالح" عالج "الكذبة بكذبة أخرى"، فعلى الرغم من أن كلام الرجل كان صريحا وأن البيان كان رقم 1 من القوات المسلحة بنجاحها في عبور قناة السويس إلا أنه نشر تصريحات صحفية على حسابه الخاص على الفيس بوك جاء فيه "استقبلت بمزيج من الاستغراب و الاستعجاب ما يتداوله البعض من مقطع فيديو لي أتحدث عن غذاء جمعني بالمهندس ابراهيم غازي في بيتي في ٦ أكتوبر، وقد نقله البعض على انه يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان،ولكن الواقعة المذكورة هي السادس من أكتوبر في يوم اغتيال السادات ولم تكن هذه الحادثة في شهر رمضان المعظم، وأنني أتسائل أين حسن الظن؟ وإلى متى يظل إعلامنا على هذا الشكل؟".بيان "الرجل" كشف عن كذبة أخرى فعلى افتراض أن كلمات الرجل صحيحة وأنها كانت تنصب على اغتيال السادات الذي اغتيل في أكتوبر عام 1981 فإن "صالح" الذي ولد في عام 1952 يكون قد أتم عامه التاسع والعشرون، ويكون قد أنهى دراسته في كلية الحقوق قبل اغتيال السادات بعامين ونصف، رغم أن كلمات الرجل في الحلقة كانت صريحة حيث قال " في 6 أكتوبر عام 1973 كنت أنا كبير، خلصت ثانوي وداخل أولى كلية"، فبالله عليكم كيف نصدق "الرجل" بكل هذا الكم من المتناقضات.أخشى أن تتجه الجماعة لإباحة الكذب لأعضائها وقياداتها وأعضاء حزبها (الحرية والعدالة) وتحرمه على الشعب وفي النهاية أوجه دعوة إلى السيد صبحي صالح "تب إلى الله واعلم أنك ملاقيه.. وتذكر قول الله عز وجل في الآية 44 من سورة البقرة بعد بسم الله الرحمن الرحيم أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" وأذكرك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".