مصر الكبرى
دور العلاوة الاجتماعية في رفع نسب التضخم
الدكتور عادل عامر
إن إقرار العلاوة الاجتماعية في مثل هذه الظروف الحرجة يأتي في إطار تطبيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل بما يصب في النهاية لصالح المواطنين محدودي الدخل.
أن الحكومة تستطيع توفير تكلفة تمويل قيمة العلاوة التي أقرها الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، وأن معدلات التضخم مرتفعة بالفعل، وبالتالي سيكون تأثير هذه الزيادات طفيفاً جداً على مستويات التضخم أو ارتفاعات الأسعار. وكان الرئيس الدكتور محمد مرسي قد قرر زيادة معاش الضمان الاجتماعي من 200 إلى 300 جنيه، إضافة إلى زيادة العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات إلى 15%، وذلك اعتباراً من يوليو/ الجاري. إن الحكومة لن تعجز عن توفير قيمة هذه الزيادات خاصة أنه يوجد احتياطيات في الموازنة يمكن اللجوء إليها حال عدم وجود أي مصادر تمويلية جديدة. للان التأثيرات الإيجابية لإقرار هذه العلاوة في الوقت الحالي تتمثل في إطار محاولات تحريك الركود الذي يعاني منه السوق المصري، وأنها ستعمل على تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية
15% علاوة اجتماعية قررها د. مرسي رئيس الجمهورية وحمل بها الموازنة العامة للدولة لتزداد الحمولة بما يقدر بنحو 13 مليار جنيه يستفيد منها 6 ملايين عامل بالدولة بالإضافة إلي أصحاب المعاشات، وأصحاب المعاشات من العسكريين، العلاوة الجديدة وان كانت تبدو في مجملها خبرا جيدا يسر أصحاب الوظائف وتعينهم علي غلاء المعيشة الفاحش إلا أن التفاصيل تحمل الكثير من المشاكل حيث اعتبر البعض هنا العلاوة غير كافية خاصة أصحاب المعاشات الذين رفضوا نسبة الزيادة، للان هذه الزيادة لا تسمن ولا تغني من جوع مع ارتفاع الأسعار وغلاء ظروف المعيشة وحاجة أصحاب المعاشات إلي أدوية ومصروفات خاصة بهم وظروفهم الصحية، و تبحث وزارة القوي العاملة قواعد صرف العلاوة الاجتماعية للعاملين بالقطاع الخاص الا ان هناك مخاوف مشروعة من عدم التزام القطاع الخاص بصرف العلاوة نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها هذا القطاع علي مدي العام والنصف الماضيين، للان العلاوة الاجتماعية ليست ملزمة للقطاع الخاص الذي يسرح عمالته نتيجة لظروف اقتصادية طاحنة، أن تحديد نسبه الـ15% بدون احكام الرقابة علي الاسواق ومحاولة علاج الخلل المزمن في الاسعار تعتبر عبئا وليس منحة بل تؤدي العلاوة في هذه الحالة إلي تضخم الاسعار وارتفاع جديد لها خاصة اننا في فترة حرجه اقتصاديا وفترة بها مواسم سنوية مثل شهر رمضان وبعده المدارس والأعياد وغيرها، لذا فإن العلاوة هنا لم تكن مبنية علي قواعد حقيقية تجعلها عاكسة للوضع أو معبرة عن ارتفاع الاسعار بل تساهم في تضخم جديد، ولا تعبر ايضا العلاوة عن العدالة الاجتماعية التي هي إعادة توزيع الثروة علي ابناء الشعب. للان هناك ازمة ثقة بين العمال والحكومة تتجدد دائما مع اقرار العلاوة الاجتماعية التي لا يحصل عليها اغلب العمال لارتباطهم بالقطاع الخاص الذي تشير التوقعات انه لن يدفع علاوة للعمال. وإذا كان ملف العلاوة الذي يتجدد سنويا في نفس الموعد يحتاج إلي إعادة نظر خاصة ان هناك قطاعا كبيرا من العاملين بالمهن المختلفة لن يحصل علي هذه العلاوة اما لأنه اعمال حرة أو لأنه يعمل بالقطاع الخاص الذي لن يلتزم بها لأنها غير مجدية له، فإن هذا الملف ارتبط ارتباطا وثيقا بارتفاع الاسعار واشتهرت هنا مقولة مصرية "ان ما تدفعه الحكومة باليمين تأخذه الاسعار باليسار" لان من لا يحصلون علي علاوة اجتماعية ويقدمون مهنا خدمية تزيد فاتورة الاسعار لديهم، الشق الاخر في قضية العلاوة الاجتماعية متعلق بتمويل العلاوة فرغم ان ممتاز السعيد وزير المالية اعلن ان تكلفة العلاوة الاجتماعية التي تقدر بنحو 13 مليار جنيه سوف تتحملها الموازنة كاملة الا أنه لم يفصح عن كيفية تدبير هذا المبلغ الذي يأتي في ظل موازنة بها عجز يصل إلي 15 مليار جنيه فهناك من يتصور ان تتجه وزارة المالية إلي الاقتراض من السوق الداخلي بإصدار سندات أو خصم أي مبالغ من موازنات القطاعات الأخرى لحساب قطاع الأجور خاصة ان موازنة الدولة كما يقول د. سمير رضوان وزير المالية الأسبق مازالت موازنات قديمة لا تعبر عن الثورة فربع الموازنة يذهب للأجور والربع الأخر يذهب لخدمة الدين والباقي موزع بين 30% دعما وإنفاقا علي قطاعات الصحة والتعليم وغيره إذن فإن حل هذه المشكلة كما يقول رضوان هو تفعيل المجلس القومي للأجور الذي لم يقم بدوره حتى الآن وان يتم الالتزام بحدين أقصى وادني للأجور وتكون العلاوة السنوية متفقة مع مؤشرات التضخم وليس العكس فما يحدث الآن هو علاوة تزيد التضخم ومعدلات الأسعار، والمفروض ان العلاوة تتفق مع الارتفاع في أسعار السلع الأساسية ونسبة التضخم فالقول السنوي الذي يصحب شهر يوليو برقم جديد للعلاوة الاجتماعية وكلمة "العلاوة يا ريس" فالمفروض أننا نبني مؤسسات ونعيد هيكلة مؤسسات أخري علي أسس سليمة أولها تحديد الأجر بحدين ادني وأقصى وتفعيل آليات العمل بالدولة وإعادة هيكلة الجهاز الإداري. أن مصر بالفعل تعاني من ارتفاع معدلات التضخم، ومن عجز كبير في الموازنة العامة للدولة، ولكن ضخ هذه الزيادات ربما يساهم في تحريك عجلة الإنتاج وبالتالي تنخفض معدلات التضخم، وفي حالة ارتفاع معدلات التضخم فلن تكون ارتفاعات بنسب كبيرة يشعر بها جميع المصريين. إن الحكومة لديها العديد من الطرق لتمويل قيمة هذه الزيادات، فمن الممكن أن تلجأ إلى فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، خاصة أنه يمكن خلق الجو المناسب لفرض هذه الضريبة في الوقت الحالي، وربما تمول الحكومة قيمة هذه الزيادات من الاحتياطيات النقدية الموجودة في الموازنة العامة. للان معدلات التضخم مرتفعة بالفعل وإذا كان هناك دور للزيادات الجديدة في رفع معدلات التضخم فلن تكون بنسبة كبيرة، مطالباً بالعمل على خلق سياسات للحد من ارتفاعات معدلات التضخم وخاصة العمل على زيادة المعروض من السلع. ووفقاً للموازنة الجديدة فإن قيمة الأجور للعاملين بالدولة في الموازنة الجديدة للعام المالي 2012-2013 تقدر بنحو 136.627 مليار جنيه مقابل 110.497 مليار جنيه عن موازنة العام المالي 2011-2012 بزيادة قدرها 26.130 مليار جنيه بنسبة 23.6%، وتستحوذ الأجور على نحو 25.6% من إجمالي المصروفات في الموازنة الجديدة. كما تم تخصيص 33.3 مليار للمزايا الاجتماعية مقارنة بـ24.9 مليار جنيه بزيادة 8.4%، وهي التزامات المعاشات وزيادة المعاشات الضمانية التي رفعت من 150 إلى 200 جنيه، ليصبح جملة هذا الباب 145.8 مليار جنيه مقابل 157.8 مليار جنيه. رحب خبراء الاقتصاد والمالية العامة بقرار الرئيس محمد مرسي بمنح العاملين بالجهاز الإداري للدولة علاوة قدرها 15%، وكذلك زيادة المعاشات بنسبة 15% أيضا، وبحد أدنى 50 جنيها، ودون حد أقصى مراعاة للظروف الاجتماعية لهم والتيسير على أصحاب المعاشات، فضلا عن زيادة معاش الضمان الاجتماعي ليصل إلى 300 جنيه شهريا، وستكون نسبة الزيادة طبقا لعدد أفراد الأسرة. وكان وزير المالية قد أوضح أن تكلفة تمويل العلاوة الاجتماعية للعاملين بالقطاع الحكومى وأصحاب المعاشات، إضافة إلى زيادة المعاشات الضمانية تصل إلى نحو 13.5 مليار جنيه، منها نحو 4 مليارات تكلفة العلاوة والباقى لتمويل زيادات المعاشات.