مصر الكبرى
رضا حمودة: القضاء والزحف المقدس
عندما يدافع المستشارأحمد الزند رئيس نادى القضاة عن تعيين أبناء القضاة فى السلك القضائى عاماً بعد عام وزاد على ذلك بأن شبّه ذلك التعيين (بالزحف المقدس) وكأنه الفتح العظيم والانجاز الأعظم، بأن يكون ابن القاضى قاضياً فلتة العصر وعبقرى زمانه ومكانه.
فذلك أكبر دليل على أن ملف التوريث لم يغلق بعد فى دولة اندلعت فيها الثورة بالأساس للاطاحة بنظام التوريث ليس فقط رأس الدولة ولكن كل مؤسسات البلاد التى عشش فيها ذلك الملف (أى التوريث) على مدى عقود طويلة فيما يعرف (أهل الثقة وأهل الخبرة) فكان أهل الثقة والدم والنسب والمصاهرة ذلك أن القضاء من المفترض منبر العدالة لم يكن بعيداً عن دائرة التوريث، بل كان أحد أبرز تجلياته المزرية ذلك أن القضاء من المفترض أن يكون أبعد ما يكون عن تلك الشبهات نظراً لرسالته الجليلة فى ارساء قيم العدل والحق والمساواة.
ليس من المقبول أبداً أن يكون معيارالتقدم لأى وظيفة على أساس أن المتقدم للوظيفة ابناً لفلان أو لأنه تربى وترعرع فى بيت أبيه ذلك العلامة الفذ أو لأن (ابن الوزعوام) كما يقولون فى المثل الشائع، وليس مقبولاً على الإطلاق أن ينتهك القانون فى بيته وفى أهم مؤسستين فى الدولة وهما القضاء والشرطة، إذ كان من المعروف أنه لا يتم قبول أى شاب فى أىّ من المؤسستين بغير الواسطة والمحسوبية وغالبا ما يكون من أبناء العاملين حتى أصبحنا نعيش فى مجتمع ابن الضابط ضابط وابن المستشار مستشار وابن السفير سفير وابن أستاذ الجامعة أستاذ جامعة وابن ال..
هل من المعقول أن نعيش فى مجتمع ما بعد ثورة 25 يناير يقوده حاصلين على 60% ونسمع بعد ذلك عمن يحدثنا عن الزحف المقدس، وكأن مصرقد تحررت من الهكسوس أو من المحتل الإنجليزى لمجرد أن يتم تعيين ابن القاضى النابغة خلفاً لوالده سيادة المستشار أو سيادة اللواء.
نقلاً عن: الشروق