تحقيقات
العرب للغرب: لا تخدعم إيران مرة أخرى
يتزايد قلق العرب من النوايا الخبيثة لإيران وخداعها، حيث يواصل الإيرانيون وممثلو ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين مفاوضاتهم في فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني في 2015، والذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018.
وقال الكاتب خالد أبو طعمة الزميل بمعهد جيتستون الأمريكي في تقرير نشره المعهد إن خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، تهدف ظاهرياً إلى منع إيران من تطوير أسلحة نووية.
وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على التخلص من مخزونها من اليورانيوم متوسط التخصيب، وخفض مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 98 %، وتقليل عدد أجهزة الطرد المركزي لغاز اليورانيوم بنحو الثلثين لمدة 13 عاماً.
ولكن بعد انتهاء الاتفاق في غضون سنوات قليلة، قد تصنع إيران أكبر عدد تريده من الأسلحة النووية. وبهذا المعنى، كانت خطة العمل الشاملة المشتركة بمثابة تمهيد لبرنامج أسلحة نووية شامل.
وفي 8 مايو(آيار) 2019، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، التي كانت إيران تنتهكها سراً منذ توقيعها.
والإيرانيون متفائلون على ما يبدو بأن المحادثات ستعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق، قائلين إن “تفاهما جديدا” يبدو أنه يتشكل بين الجانبين.
خداع المجتمع الدولي
ورأي أبو طعمة أن كتاب الأعمدة والمحللين السياسيين العرب، الذين كانوا يتابعون المفاوضات في فيينا مقتنعون بأن إيران مستعدة مجدداً لخداع المجتمع الدولي. وحذروا الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى من تكرار خطأ الماضي والوقوع في فخ الحيلة الإيرانية.
وكتب الكاتب والباحث السعودي عبد الله بن بجاد العتيبي في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية “التاريخ يعيد نفسه.. من يرتكب نفس الأخطاء ويتوقع نتائج مختلفة إنما يخدع نفسه”.
وقال العتيبي إن الاتفاق النووي السابق، فاشلاً فشلاً ذريعاً “وأياً كانت نتائج محادثات فيينا فهي ستعيد تجريب المجرب وتكرير الخطأ مرتين”. وتابع “كانت واحدة من أهم أسباب فشل الاتفاق السابق أنه استبعد دول الخليج العربي تماما في المفاوضات والتوقيع والإعلان وهو ما يتكرر اليوم في فيينا والنتيجة لن تكون مختلفة بالتأكيد”.
اتفاق ميت
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الإيراني الرسمي: “نعتقد أن المحادثات وصلت إلى مرحلة تستطيع فيها الأطراف البدء في العمل لصياغة مسودة مشتركة. يبدو أن تفاهما جديدا بدأ يتشكل، والآن هناك اتفاق على الأهداف النهائية”.
وأشار الكاتب السعودي العتيبي إلى أن طلب دول الخليج بالمشاركة في محادثات فيينا قوبل بالتجاهل من قبل القوى العالمية.
ورأى العتيبي أن استبعاد دول الخليج “يؤكد أن هذا “الاتفاق الميت” الذي يراد إعادة إحياؤه سينتهي إلى الموت مجدداً.. الدلال الغربي لإيران وصل مستوياتٍ مكشوفةٍ والنظام الإيراني يستغل ذلك بشيء من التبجح”.
ووفقاً للعتيبي، فإن واحدة من “خطايا” الاتفاق النووي السابق أنه لم يتطرق بشكل واضحٍ لأمرين رئيسين لدى دول المنطقة، الأول، لم يتطرق لطموحات الهيمنة، وبسط النفوذ لدى النظام الإيراني، وتدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية بالاحتلال المباشر، وشبه المباشر في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. ولذلك زادت شرور إيران بعد الاتفاق الفاشل حتى وصلت إدارة أمريكية كانت أكثر حزماً مع إيران.
أما الأمر الثاني، فهو أن الاتفاق النووي السابق لم يتطرق لصواريخ إيران الباليستية التي كانت تهدد دول الخليج العربي، وكان ذلك سبباً لفشل ذلك الاتفاق.
وإيران اليوم تستهدف نفط السعودية وإمدادات الطاقة العالمية وتستهدف المدنيين والأهداف المدينة جهاراً نهاراً، فلم يعد الأمر مجرد تخوفات من إطلاق عنان إيران لتعيث في المنطقة فساداً، بل أصبح واقعاً فعلياً يشاهده العالم بأسره، حسب الكاتب السعودي.
وأكد العتيبي أن العالم سيكتشف بسرعة أنه بمجرد رفع بعض العقوبات عن إيران سيستمر الإرهاب الذي ترعاه و”سيدفع الكثيرون ثمن التخاذل والانسحاب غير محسوب العواقب من العالم”.
مخاوف العرب
من جانبه، قال الكاتب بهاء العوام إن محادثات فيينا لم تأخذ في الاعتبار المصالح والمخاوف المشروعة للدول العربية.
وأشار العوام إلى أن إسرائيل كانت على علم بانتهاكات إيران المستمرة للاتفاق النووي، قائلا: “الإسرائيليون يدركون هذا جيداً، وأوضحوا خطورة ذلك قبل عقد الاجتماعات، وعندما وجدوا أن الأمريكيين والأوروبيين يتجاهلون مخاوفهم قرروا التدخل بطريقتهم، وكشفوا زيف ما يجري في فيينا، فبرنامج إيران النووي لم يكن يوما سلميا، والدول الست لا يهمها سوى مصلحتها في التفاوض مع طهران، مهما كانت التداعيات على دول المنطقة”.
وأوضح العوام، أن إعلان إيران بداية تخصيب اليورانيوم إلى أعلى درجة نقاء له على الإطلاق 60 %، يظهر أنها تقترب أكثر من تصنيع قنبلة نووية، ما يشكل تهديدًا لأمن المنطقة والعالم.
وتابع “يغمض الأوروبيون والأمريكيون أعينهم عن الحقيقة، ويصرون على أن منع إيران من امتلاك السلاح النووي يكفي لتحويلها إلى سويسرا الشرق، أو يكفل دمقرطة نظام الملالي في طهران.. بسبب التجاهل الغربي لكل هذه المعطيات لا تتوقع دول المنطقة كثيراً من مفاوضات فيينا، وإن كانت تفكر بخياراتها المستقلة للتعامل مع الخطر الإيراني عليها، فهذا أمر مشروع ولا يحق لأحد الاعتراض عليه. وكل التنازلات التي تقدمها أو تنوي تقديمها مجموعة الست لطهران لا تلزم أحداً في الشرق الأوسط، ولا تجبر إسرائيل أو الدول العربية على احترام مخرجات المحادثات إن لم تراعِ مصالحها، فكيف إن كانت المخرجات تضر بها، وتزيد من خطر نظام طهران على أمنها واستقرارها”.