تحقيقات
الكونجرس يحقق في تمويل قطر لصهر ترامب
تزامنًا مع استعدادات البيت الأبيض لاستقبال سيده الجديد جو بايدن، أطلق نواب الحزب الديمقراطى فى الكونجرس الأمريكى تحقيقًا حول شبهات تضارب المصالح ضد صهر الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب، جاريد كوشنر، فيما يتعلق بتمويل قطر لصفقة إنقاذ قيمتها مليار دولار لناطحة سحاب تملكها عائلته فى نيويورك، مقابل تراجع الولايات المتحدة عن دعم قرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين بشأن مقاطعة الدوحة.
وبحسب ما ذكرته صحيفة “فايننشال تايمز”، فإن المشرعين فى لجنتى المالية بمجلس الشيوخ والشؤون الخارجية بمجلس النواب أرسلوا، الأربعاء الماضى، طلبًا للحصول على وثائق بتفاصيل موسعة حول عقد إيجار طويل الآمد وقعته الشركة مع البرج الذى تمتلكه عائلة جاريد كوشنر فى نيويورك عام 2018، وكان ذلك من شركة بروكفيلد أسيت”، والتى يشارك فيها جهاز الاستثمار القطرى بشكل رئيسى.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن التمويل القطرى لبناية صهر ترامب جاء بالتزامن مع التوقيع على عقد الإيجار آنذاك، حيث سعت عائلة كوشنر إلى جمع أموال كافية لإنقاذ البرج، تمكنها من سداد رهن عقارى بقيمة 1.2 مليار دولار على البناية الواقعة فى منطقة 666 فيفث أفينو بولاية نيويورك.
ليس ذلك فحسب، بل تشير “فايننشال تايمز” إلى الصفقة القطرية مع صهر ترامب ومستشاره كوشنر، التى تزامنت مع سلسلة من التغيرات الحادة فى سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه قطر، موضحة أنه خلال تلك الفترة، كان جاريد كوشنر يلتقى عددًا من القادة فى الشرق الأوسط خارج القنوات الدبلوماسية التقليدية، وأنه كان يقدم نفسه لهم كلاعب هام وبارز فى صناعة االسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وحسبما أوردت الصحيفة، كتب السيناتور رون وايدن والنائب خواكين كاسترو فى هذا الصدد مؤكدين أنه بينما “ادعت بروكفيلد أسيت أن الممثلين القطريين (داخل الشركة) لم يشاركوا فى صفقة 666 فيفث أفينيو، نبقى قلقين من أن تمويلات قطر (الاستثمارية فى الشركة) انتهى بها المطاف فى صفقة إنقاذ بقيمة مليار دولار لفائدة شركة مرتبطة بشكل مباشر بجاريد كوشنر”.
وتابع:”قوانين تضارب المصالح الجنائية الفيدرالية لكبار مسؤولى البيت الأبيض لا تشمل فقط الأمور التى تؤثر فى مصالحهم المالية الخاصة، بل أيضًا مصالح أقاربهم المباشرين”.
ويبدو أن محاولات الدوحة لشراء نفوذ سياسى بالمال يمثل شبهة واضحة فى صفقتها مع كوشنر، إذ يركز المحققون فى الكونجرس على خلفيات قرار شركة “بروكفيلد أسيت” بدفع قيمة إيجار قرن كامل للعقار بشكل مسبق، حينما وقعت الشركة التابعة لقطر على عقد الإيجار فى ناطحة السحاب الخاصة بعائلة كوشنر عام 2018، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد سداد العائلة المالكة دفعة الرهن العقارى.
وتشير الصحيفة إلى أن مدير الأصول الكندى أصر فى ذلك الوقت على أنه “لا يوجد كيان مرتبط بقطر مشارك بأى شكل فى هذه الصفقة المحتملة، أو استثمارها، أو حتى له معرفة بها”. كما أصر مدير أصول الشركة، التى يوجد مقرها فى كندا، على “عدم مشاركة أى هيئة على صلة بقطر” فى هذه المعاملة.
ويستشهد المشرعون بتحقيق نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” فى وقت سابق من العام الجارى، والذى كشف عن أن المدفوعات التى تزيد على مليار دولار مصدرها من أداة استثمارية كانت تملكها شركة “بروكفيلد بروبرتى بارتنر”، وهى مؤسسة استثمارية باعت 1.8 مليار دولار من الأسهم الممتازة إلى صندوق الثروة السيادى القطرى “جهاز قطر للاستثمار”.
واستنادًا إلى تحقيق “فايننشال تايمز”، كتب المشرعون يؤكدون أن “هذه (الصلة) من شأنها منح جهاز قطر للاستثمار تأثيرًا كبيرًا، وأن تسمح له بالوصول إلى معلومات سرية، ليست متاحة للمستثمرين الآخرين”، غير أن شركة بروكفيلد قالت إن الدوحة لم تستخدم حقوقها فى الوصول إلى المعلومات، ولم تعين مديرًا فى مجلس إدارة “بروكفيلد بروبرتى بارتنر”.
واللافت أن صفقة كوشنر مع شركة “بروكفيلد” جاءت فى وقت كانت إدارة ترمب محتارة فيه بين دعم قطر وانتقادها بسبب الاتهامات التى وجهت إليها بدعم الإرهاب، خلال الأزمة. وحث وزير الخارجية الأمريكى، آنذاك، ريكس تيلرسون، الحكومة السعودية على إنهاء المقاطعة المفروضة على قطر، وهى دعوة غريبة جائت بعد فترة قصيرة من إعلان أمريكا رفضها لدعم الدوحة للإرهاب فى 2017.
حينها، تذرع وزير خارجية ترامب بمخاوف أمريكية من وقوع عواقب إنسانية أو أضرار بالمصالح الأمريكية، إلا أنه سرعان ما أنهى ترامب ذلك الموقف بنفسه سريعًا، وخرج بتغريدة فى ظهر ذلك اليوم يؤكد موافقته على القرار السعودى والعربى بمقاطعة قطر الداعمة للإرهاب.
ثم عاود ترامب تقلباته، وبعد مرور عام من تغريدته الرافضة لإرهاب الدوحة، وقبل الكشف عن صفقة بروكفيلد، عكس الرئيس الأمريكى مسار سياسته الخارجية، وبدا كأنه سيسحب دعمه لقرار مقاطعة قطر.
يؤكد تقرير “فايننشال تايمز” أن وايدن وكاسترو تقدما برسالة منفصلة إلى أحد كبار محامى البيت الأبيض، يطلبون الاطلاع على أى “نصيحة أخلاقية” تم تقديمها إلى كوشنر تتعلق بعمله على سياسة الشرق الأوسط.
وبحسب الصحيفة، جاء فى الرسالة أن “تغير مسار سياسة الولايات المتحدة المدهش تجاه قطر يثير أسئلة جدية عما إذا كان لجاريد كوشنر ومصالح عائلته دور فى التأثير فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة فيما يخص المقاطعة العربية للدوحة”، إلا أن شركة بروكفيلد وشركة العقارات المملوكة لعائلة كوشنر والبيت الأبيض رفض طلب الصحيفة للتعليق على الأمر.