مصر الكبرى

01:06 مساءً EET

عندما جلست سوزان وجمال على منصة «أكتوبر».. وغاب الفريق الشاذلى

فى كتابه «النصر المحير»، وصف الكولونيل الأمريكى «ديبوى»، الفريق سعد الشاذلى بأنه أستاذ التفاصيل وأهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة. وفى الفترة بين هزيمة يونيو ونصر أكتوبر، كانت سيرة الشاذلى أكثر ما يشعل وطنيتنا ورغبتنا فى استعادة الأرض ومحو عار الهزيمة، وتمنحنا الثقة فى أن هذا اليوم آت.

كانت حكايات جولاته على الجبهة وبساطته وجديته ونزوله المفاجئ والمتكرر من سيارته الجيب على الجنود فى المواقع الأمامية وتعليماته الذكية وروحه المرحة، كان كل ذلك يجعلنا نحسد أولئك الذين قابلوه أو عايشوه من أهالينا، كما كان يستقر فى وجداننا كأنه جزء من كينونتنا.
الشاذلى المعجبانى بـ«التأفيزة» الشهيرة وقوامه الفارع وزى المظلات الذى يزهو به والطاقية العسكرية المطوية والمعلقة تحت «إسبلايت» الرتبة ومشيته الرياضية- كان المثال الذى يحاول كل جندى أن يقلده.
فى المقابل فإن صورة الشاذلى فى عيون العسكريين والخبراء: رجل شديد الاستقامة، صارم فى الحق، عقل عصرى وتحليلى متفوق، مخطط دقيق، صاحب خيال مختلف، وذو نظرة ثاقبة، وشجاعة غير مألوفة.
كان الشاذلى صاحب خطة المآذن العالية التى قامت على أساسها حرب أكتوبر، وصاحب فكرة العملية الهجومية المحدودة والتمركز لحين بناء قدرات تسمح بالاستمرار فى القتال من أجل تحرير كامل التراب الوطنى.
وفى عام 1998، أقيمت ندوة بعنوان «الندوة الاستراتيجية عن حرب أكتوبر» بمناسبة اليوبيل الفضى للحرب، وشاركت سوزان مبارك فى جلسة خاصة، كما شارك جمال مبارك، وتحدث فى جلسة أدارها الدكتور مصطفى خليل، رئيس الوزراء الأسبق، وكان المشهد غريبا، جمال وسوزان وغيرهما على المنصة، والفريق سعد الدين الشاذلى غائب. كنت وقتها محرراً فى جريدة «الأهالى» ومكلفاً بتغطية الشؤون العسكرية، تساءلت عن سبب استبعاد الشاذلى وسر التشدد فى منع وسائل الإعلام من إثارة تلك القضية أو إجراء مقابلات معه، وجاءنى الرد المراوغ «الدوائر العليا تخشى من أن يفضفض الشاذلى بما لا يجب البوح به الآن أو يدخل فى مناقشات عنيفة- كطبعه فى ذلك الوقت من جراء ما ذاقه من ظلم وتجاهل- ما يمنح إسرائيل مساحة لاستغلال أى معلومة فى دعم حملة ضخمة استبقت بها الندوة لقلب الحقائق وإظهار نفسها منتصرة».
قلت للواء أحمد فخر منسق الندوة: «لو كان ذلك حقيقياً وتقتضى المصلحة الوطنية غياب الشاذلى فالأكثر منطقية أن يتم توجيه دعوة إليه وإقناعه بأن يعتذر لتفويت الفرصة على إسرائيل وأنا مستعد أن أشارك فى هذا الجهد، لأن عدم حضوره سيكون علامة استفهام مستفزة»، ورد على اللواء فخر «فات الأوان.. جاى تقوللى دلوقت».
فى تلك الأثناء فكرت أن أقترح على الفريق الشاذلى توجيه أهم 25 سؤالاً عن الحرب إلى المشاركين فى الندوة عبر «الأهالى» ولقيت الفكرة استجابة من الشجاع الأستاذ عبدالعال الباقورى، رئيس التحرير، وبعدها شرحت للفريق الشاذلى مقصدى، وقلت إن سبب اقتراحى هو تحريك الحوار فى الندوة لنكشف ما نريد من مواقف وحقائق ضمن إطار الأسئلة وبذلك نخدم حق الرأى العام فى المعرفة، وفى الوقت نفسه تتجنب «الأهالى» المساءلة ممن حظروا إجراء حوارات مع الشاذلى.
وتحمس الفريق وكتب بخط أنيق أسئلة تتضمن أهم علامات استفهام تحيط بالحرب، وبداخلها رؤى ومواقف الأطراف المختلفة: «السادات، أحمد إسماعيل، الجمسى، هيكل، الروس، الأمريكان، إلخ»، ثم طلب منى زيارته فى بيته وراجعناها معاً وعدلنا ما توجب تعديله لأسباب مختلفة، واتفقنا على دمج بعضها ليصل العدد إلى 25 سؤالاً لزوم العنوان الصحفى «أهم 25 سؤالاً حول الحرب بعد مرور 25 عاماً عليها» واليوم ننشرها كاملة وليس 25 فقط.
ونشرت الأسئلة قبيل الندوة مباشرة بمقدمة منى تؤكد أننا لا نوافق الشاذلى على كل ما جاء فى أسئلته كما لا نعتبر كل خصومه مخطئين ونرفض بصفة خاصة تلميحه بأن قيام السادات بتطوير الهجوم فى 14 أكتوبر رغم معارضة القادة الميدانيين عمل مشبوه، كما نرفض إدانة قرار السادات عدم الموافقة على خطة الشاذلى لضرب الثغرة بسحب 4 لواءات من الشرق لأن الموضوع يقبل وجهات نظر، وحسب السادات «فإن رؤية قوات تنسحب ستعيد إلى الأذهان يونيو 67 وتهدم معنويات المقاتلين»، واتفقت مع الفريق أيضاً على حذف العبارة التى يتساءل فيها: هل كان السادات خائناً؟ وقلت له: «الأختام معهم يا سيادة الفريق ويستطيعون اصطناع أوراق وتسريبها، مختومة، تقول إنك قصرت فى كذا أو كذا ما يوجب أن توصف معه بالخائن فدعنا نتجنب هذا الطريق» ووافق.
«المصرى اليوم» تنشر أسئلة الشاذلى كاملة لأول مرة، مؤكدة أنها إذ تحترم فيه المقاتل الجسور والوطنى المتفرد والعسكرى المثقف، فإنها أيضاً ضد التخوين وضد التقليل من جهود آخرين اختلف معهم الشاذلى أو اختلفوا معه، ونتمنى أن تثير الأسئلة الـ25 شهية آخرين لديهم علامات استفهام أخرى ولديهم إجابات عن هذا السؤال أو ذاك ليدلوا بدلوهم حتى نتعلم من تاريخنا ونصنع مستقبلنا.
سعد الدين الشاذلى يكتب بخط يده 27 سؤالاً عن أسرار حرب أكتوبر
1 هل كان لدى القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أى خطة هجومية قبل 16 مايو 1971، ومتى وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أول خطة هجومية لعبور قناة السويس بعد هزيمة عام 1967، وما الاسم الكودى لهذه الخطة الهجومية؟
2 مَن هو صاحب نظرية قيام القوات المسلحة المصرية بعملية هجومية محدودة تستهدف عبور قناة السويس، وتدمير خط بارليف، ثم التوقف واتخاذ أوضاع الدفاع على مسافة 10-12 كيلومتراً شرق القناة؟ وما العوامل الرئيسية التى فرضت نفسها عند وضع هذه الخطة؟
3 كيف دار الصراع بين صاحب نظرية الحرب المحدودة وبين أصحاب الرأى المضاد الذى كان ينادى بضرورة تأجيل قيام القوات المسلحة المصرية بأى عمليات هجومية إلى أن تصبح قواتنا الجوية متفوقة، أو على أقل تقدير متكافئة مع القوات الجوية الإسرائيلية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 16 مايو 70 حتى أكتوبر 1973.
4 ماذا تعرفون عن مؤتمر القناطر الخيرية، الذى عقد فى 6 يونيو 72 برئاسة الرئيس السادات، الذى كان الهدف منه هو الاطلاع على التقرير الذى رفعه اللواء أحمد إسماعيل، رئيس جهاز المخابرات العامة حينئذ، إلى السيد رئيس الجمهورية.
5 كيف ومتى اختير الاسم الكودى «المآذن العالية» لخطة الحرب المحدودة التى أُشير إليها فى السؤال الثالث؟
6 ومتى ولماذا تم تغيير اسم خطة الحرب المحدودة من «المآذن العالية» إلى «بدر»؟
7 هل كان هدف القوات المسلحة المصرية فى أكتوبر 73، هو عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف، ثم التحول إلى الدفاع على مسافة 10-15 كيلومتراً شرق القناة كما هو بالنسبة لخطة «المآذن العالية»، أم أن الهدف من الحرب كان الوصول إلى منطقة المضايق التى تقع على مسافة حوالى 50 كيلومتراً شرق القناة طبقاً للخطة الهيكلية، التى وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية لعرضها على القيادة العامة للقوات المسلحة السورية لمجرد إقناعهم بدخول الحرب؟
8 ما الحدود الفاصلة بين مسؤولية القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة فى الأمور الحربية بصفة عامة، ومن حيث تحديد الهدف من الحرب وأسلوب تنفيذ هذا الهدف بصفة خاصة، وأنه من المعروف أن جميع الدول المتقدمة تأخذ بمبدأ الفصل الواضح والدقيق بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية، فرئيس الجمهورية فى النظام الرئاسى ورئيس الوزراء فى الأنظمة البرلمانية ومعهما باقى الوزراء وفى مقدمتهم وزير الحربية يمثلون القيادة السياسية التى تتخذ قرار الحرب وتحدد الهدف من هذه الحرب، أما رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى تلك الدول فهو الذى يمثل قمة القيادة العسكرية، وهوالذى عليه أن يحقق الهدف، الذى تحدده له القيادة السياسية بالأسلوب الذى يراه دون أى تدخل من القيادة السياسية، إلا من أجل تنسيق المواقف وتقديم المساعدة والتأييد السياسى والإعلامى. أما فى دول العالم الثالث فإنها تخلط الأوراق والمسؤوليات السياسية والعسكرية، وذلك عندما تقوم بتنصيب وزير الحربية قائداً عاماً للقوات المسلحة، فيصبح من يشغل هذا المنصب، نصفه سياسى ونصفه عسكرى، وبذلك تضيع مسؤولية أى قرار خاطئ بين القيادتين السياسية والعسكرية، فلماذا تتمسك مصر بهذا الأسلوب الذى كان سبباً مباشراً لجميع الأخطاء التى ارتكبت خلال حرب أكتوبر 73؟
9 من المسؤول عن القرار الذى يقضى بتقدم قواتنا المصرية فى اتجاه المضايق يوم 14 أكتوبر 73، ومن هم القادة الذين عارضوا هذا القرار؟
10 كيف ولماذا حدثت الثغرة فى منطقة «الدفرسوار» ليلة 15/16 أكتوبر، وكيف تطورت إلى أن انتهت بحصار الجيش الثالث، وهل كانت عملية الثغرة تمثيلية تليفزيونية كما ادعى الرئيس السادات؟
11 لماذا اعترض السادات وأحمد إسماعيل على خطة الشاذلى الخاصة بالقضاء على الثغرة صباح يوم 17 أكتوبر 73، التى كانت تعتمد أساساً على سحب الفرقة الرابعة المدرعة واللواء 25 مدرع من قطاع الجيش الثالث فى الشرق إلى غرب القناة ليلة 16/17 أكتوبر، ثم القضاء على الثغرة يوم 17 أكتوبر؟
12 لماذا فشلت الخطة التى وضعها أحمد إسماعيل للقضاء على الثغرة يوم 17 أكتوبر؟
13 ما الأسباب الخفية التى كانت تدفع كلاً من السادات وأحمد إسماعيل إلى الخلط بين أسلوب المناورة بالقوات، الذى هو مبدأ ثابت من مبادئ الحرب، والذى كان ينادى به الشاذلى، رئيس الأركان، وهو يعنى سحب بعض قواتنا من الأماكن غير المهددة والزج بها فى المعركة إلى الأماكن التى تحتاج إلى هذا الدعم – وبين مفهوم الانسحاب الذى يعنى الهروب من المعركة كلياً، والذى كان يسيطر على كل من السادات وأحمد إسماعيل؟
14 هل حقاً عاد الفريق الشاذلى من الجبهة يوم 20 أكتوبر منهاراً، وأنه طلب فى هذا اليوم سحب جميع القوات المصرية من شرق القناة، كما يدعى عن السادات فى كتابه «البحث عن الذات»؟
15 وهل حقاً قام السادات بعزل الشاذلى من منصبه يوم 20 أكتوبر، كما يدعى السادات، أم أن الشاذلى بقى فى منصبه كرئيس أركان حرب القوات المسلحة حتى يوم 13 ديسمبر 1973؟
16 ما حقيقة ما دار فى اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية مساء 20 أكتوبر 73، وهل حقاً كان الشاذلى فى جانب، وباقى القادة فى جانب، كما يذكر السادات؟
17 لماذا رفض السادات خطة الشاذلى مساء 20 أكتوبر التى كانت تقضى بضرورة سحب أربعة ألوية مدرعة ليلة 20/21 أكتوبر من شرق القناة إلى غرب القناة، والزج بها فى معركة ضد العدو الموجود غرب القناة خلال يوم 21 أكتوبر والأيام التالية.. التى كانت تعتبر الفرصة الأخيرة لمنع العدو من تطويق وحصار الجيش الثالث ومدينة السويس؟
18 كما علمنا بعد الحرب، فإن السادات خرج من مركز القيادة (المركز 10) منتصف ليل 20 أكتوبر، ليتصل بالسفير السوفيتى، ويطلب منه أن يقوم بإبلاغ موسكو بأنه يقبل وقف إطلاق النار فوراً مع بقاء القوات لكل من الطرفين فى أماكنها الحالية. فهل كان ذلك يعنى أن السادات بعد لقائه القيادة فى تلك الليلة أصبح يدرك خطورة الموقف العسكرى، وأنه كان يريد أن يحل هذا الموقف سياسياً، فى حين أن الفريق الشاذلى بطلبه سحب أربعة ألوية مدرعة من الشرق كان يريد أن يحل هذا الموقف عسكرياً؟
19 هل حقاً كان قرار السادات تطوير هجومنا نحو المضايق يوم 14 أكتوبر يهدف فعلاً إلى تخفيف الضغط عن الجبهة السورية- أم أن المقارنة بين القوات العربية مع القوات الإسرائيلية كانت تؤكد خطأ هذا الزعم، وأن الجبهة السورية كانت متماسكة؟
20 يقول الأستاذ حسنين هيكل فى كتابه «السلاح والسياسة» صفحة 427 إنه زار الرئيس السادات مساء يوم 11 أكتوبر 73، وإن السادات أخبره بأنه مرتاح جداً للموقف على جبهات القتال، وأن السوريين تمكنوا من تثبيت الجبهة، وأن الإمدادات السوفيتية تتدفق عليهم، وأنه وصلتهم اليوم حمولة 40 طائرة إمداد سوفيتية عملاقة، ومع ذلك فإن السادات طلب صباح يوم 12 أكتوبر 73 من أحمد إسماعيل أن تقوم قواتنا بتطوير الهجوم نحو المضايق، من أجل تخفيف الضغط عن سوريا، فما الذى حدث خلال فترة حوالى عشر ساعات ما بين مقابلة السادات هيكل وما بين مقابلته أحمد إسماعيل؟
21 يدعى الرئيس السادات إنه طلب يوم 21 أكتوبر وقف إطلاق النار، لأنه لا يستطيع أن يحارب أمريكا. فما مدى صحة هذا الادعاء علماً بأنه لم يثبت مطلقاً أن أمريكا شاركت فى الحرب بقوات عسكرية أمريكية بجانب القوات الإسرائيلية، وإنما كانت تمد إسرائيل بالأسلحة لتعويض خسائرها فى الحرب تماماً. كما كان يحدث بيننا وبين الاتحاد السوفيتى، وكان الفرق الوحيد بين التأييد الأمريكى لإسرائيل والتأييد السوفيتى لمصر وسوريا هو أن اليهود الأمريكيين يحملون جنسية مشتركة أمريكية وإسرائيلية، وبموجب هذه الجنسية الإسرائيلية فإن جميع العسكريين من اليهود الأمريكان مسجلون كضباط وجنود احتياط فى القوات المسلحة الإسرائيلية، وعند قيام الحرب، فإنهم يحصلون على إجازات من وحداتهم العسكرية الأمريكية ويذهبون إلى إسرائيل للمشاركة فى القتال، وهذا الوضع كنا نعلمه قبل الحرب ولم يكن مفاجئاً لنا- كما أن هذا الموقف ما زال قائماً حتى وقتنا هذا.
22 هل حقاً لم يقم الاتحاد السوفيتى بإمدادنا بالأسلحة والمعدات المتطورة قبل وأثناء حرب أكتوبر 73، كما يدعى السادات، وكيف نوفق بين هذا الادعاء وما قاله السادات نفسه فى مؤتمر القادة الذى عقد فى منزله فى الجيزة يوم 24 أكتوبر 1972، والذى أشاد فيه بالاتحاد السوفيتى إشادة عظمى، بل كيف يتماشى هذا الادعاء مع ما صرح به مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة فى جريدة الأهرام بتاريخ 30/8/98 بأن 60٪ من الأسلحة التى فى يد القوات المسلحة المصرية الآن هى أسلحة سوفيتية، وذلك رغم مرور 25 سنة على حرب أكتوبر 73؟
23 ما حجم الجسر الجوى والبحرى الأمريكى لإسرائيل خلال حرب أكتوبر، وما حجم الجسر الجوى والبحرى السوفيتى لمصر وسوريا، وهل يتماشى حجم الجسر الجوى والبحرى السوفيتى مع ما يدعيه السادات أن الاتحاد السوفيتى لم يقدم لنا أى مساعدات أثناء الحرب؟
24 لكل حرب أمجادها وأخطاؤها، وقد كانت لحرب أكتوبر 73 أمجاد كثيرة مازلنا نتغنى بها وبحق حتى الآن، ولكن يجب أن نعترف بأننا ارتكبنا بعض الأخطاء حتى يمكننا أن نستخلص الدروس المستفادة من تلك الأخطاء، وحتى لا يرتكب أبناؤنا وأحفادنا تلك الأخطاء نفسها فيما بعد.. ولذلك فإن الدول تقوم بعد كل حرب بتشكيل لجنة قضائية عليا للكشف عن تلك الأخطاء وتحديد المسؤول عنها. حدث ذلك فى إسرائيل عندما شكلت لجنة أجراناتAgranat فى أعقاب حرب أكتوبر، وحدث ذلك فى بريطانيا أعقاب حرب الفوكلاند عام 82. لماذا لم تقم القيادة السياسية فى مصر بتشكيل مثل هذه اللجنة حتى الآن، ورغم مرور 25 سنة على تلك الحرب؟
25 لماذا ترفض القيادة العامة للقوات المسلحة الإفراج عن وثائق حرب أكتوبر بعد مرور 25 سنة تحت ستار الأمن.. فى حين أن إسرائيل وهى أكثر الدول حساسية من ناحية الأمن قد أفرجت عن وثائقها.
26 كيف تعلن القوات المسلحة أنها لن تفرج عن وثائق حرب أكتوبر بمناسبة مرور 25 سنة على الحرب.. ثم تعلن فى نفس الوقت أنه سيصدر قريباً كتاب عسكرى موثق عن حرب أكتوبر.. رغم ما فى التصريحين من تضارب. ألا يعنى ذلك اعترافاً صريحاً بأن هذا الكتاب المنتظر لن يتعرض إلى جميع حقائق تلك الحرب؟
27 الرأى والرأى الآخر هو أساس أى حوار ديمقراطى، وهو الوسيلة المثلى لمعرفة الحقائق التى يحرص البعض على إخفائها. فهل يمكن لأى حوار عن حرب أكتوبر أن يحظى بمصداقية إذا لم تشارك فيه كل الأطراف وتطرح فيه كل الأسئلة وتوفر له الضمانات الكاملة ليكون حراً وفعالاً؟

نقلاً عن: المصري اليوم

التعليقات