تحقيقات
اغلاق وسحب ترخيص مركز #تكوين_العلماء الذي يديره زعيم #الإخوان في #موريتانيا محمد الحسن ولد الددو بتمويل قطري
يشهد تنظيم الإخوان الإرهابي في موريتانيا، على مدار الساعات الماضية، ارتباكاً وتخبطاً بعد قرار الجهات الرسمية إغلاق وسحب ترخيص مركز “تكوين العلماء”، الذي يديره زعيم الإخوان في موريتانيا محمد الحسن ولد الددو.
ويعتبر المركز إحدى أهم المؤسسات الإخوانية ذات الصلة الوطيدة بالجماعات الإرهابية في الدوحة وأنقرة، ويسعى لنشر التطرف والغلو، الأمر الذي دفع السلطات لمراقبة مصادر تمويله، ومطابقة مناهجه للمناهج التعليمية الرسمية في البلاد.
وجاء قرار محاصرة مؤسسات الإخوان الإرهابية في موريتانيا، بعد تحذيرات من الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، من خطر التنظيم الإخواني الكبير على موريتانيا وأمنها واستقرارها.
وهاجم ولد عبد العزيز، جماعة الإخوان وواجهتها السياسية في موريتانيا “حزب تواصل”، وقال إنهم مجموعة متطرفين يرتدون ربطات عنق، لكنهم سرعان ما يستبدلونها بالأسلحة عندما لا تتحقق أهدافهم بالسياسة والأدوات الديمقراطية، وأنهم مجموعة من المتطرفين فكّكوا بعض الدول العربية ودمروها، ويجب سد الباب أمامهم، لمنعهم من تحقيق أهدافهم مثل ما حصل في الدول العربية التي عرفت انتفاضات قادت إلى صعود تلك الأحزاب المتطرفة.
وأوضح ولد عبد العزيز، أن جماعة الإخوان عبارة عن شبكة أحزاب تنسق فيما بينها، “وتشكل خطراً على دولتنا، والجميع يعرف النتيجة التي تسبب فيها هؤلاء في بعض الدول العربية، التي تفككت مع أنها كانت أقوى وأغنى من موريتانيا، واليوم لم تعد موجودة” داعياً مواطنيه إلى الحذر والحيطة.
إجراءات حاسمة
وهدد الرئيس الموريتاني باتخاذ إجراءات ضد أكبر حزب “إسلامي” في البلاد “تواصل” في الوقت المناسب، ما رأى فيه المراقبين توجهاً لحل حزب الإخوان “تواصل” في إطار التصدي لجماعة الإخوان.
ويأتي سعي السلطات الموريتانية لمواجهة جماعة الإخوان، في ظل علاقة الأخيرة الوطيدة بقطر وتركيا، وتوظيف بعض مرشحيها شعار “رابعة” في حملاتهم الدعائية، وتدريب الطاقم العامل في القناة التي يملكها الحزب المتفرع عن الجماعة، في قناة “الجزيرة” القطرية، وإشرافها على صحف ومواقع إخبارية من أبرزها “الأخبار” و”السراج”.
وتزامنت الإجراءات الأخيرة مع فوز حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الساحق في الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية، في سبتمبر (أيلول) الجاري، بحصوله على89 مقعداً في البرلمان من أصل 157 مقعداً، فيما حصد حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” الإخواني المعروف على 14 مقعداً.
“صفعة” قاسية
وتمثل القرارات الرسمية ضد الجماعة، وفروعها ضربة موجعة، بعد صفعة قاسية وجهها الموريتانيون لجماعة الإخوان في الانتخابات الأخيرة، وللمشروع القطري الإخواني في المغرب العربي وغرب أفريقيا عموماً، في ظل الدعم الشعبي الاستثنائي الذي يحظى به الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يناصبه نظام الدوحة العداء سراً وجهراً، منذ أن قطعت نواكشوط علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة في 6 يونيو (حزيران) 2017، تضامناً مع السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر.
وتزامنت هزيمة المشروع القطري مع دعوات أطلقها ناشطون سياسيون موريتانيون، لفضح حزب تواصل الإخواني، الذي يحصل بانتظام على عشرات الملايين من الدولار، من جهات ومنظمات إخوانية في قطر وتركيا، عبر شبكات تابعة لبعض تجار التنظيم في موريتانيا.
ووفق تقارير إعلامية موريتانية، يملك إخوان موريتانيا هيئات تتكفل بالعمل الفعلي لجمع المال، وتسهيل اكتتاب الحركات الإرهابية، وتستغل هامش المجتمع المدني، في حين تفوض القيادة السرية التي تتولى مركز القرار والثروة، للواجهة السياسية “تواصل” لتوزع الأدوار على أذرع التنظيم الاعتبارية، والاستراتيجية، والسياسية، والنقابية، والمالية، والخيرية، والروحية.
وأوضحت التقارير أن التنظيم يسيطر على مؤسسات تجارية كبيرة، وميزانيات ضخمة تطال جميع المجالات التجارية من صيدليات، ومحطات بنزين، ومحلات بيع الملابس، والمواد الغذائية، ووكالات تأجير السيارات، وتجارة العملة الصعبة في السوق السوداء، واستصدر فتوى عن طريق هيئة تابعة له تشدد على ضرورة دفع أموال الزكاة لصناديق الحزب.
وأضافت التقارير أن تنظيم الإخوان في موريتانيا أنشأ وتبنى منظمات عدة لتبييض الأموال، والاستيلاء على الصدقات، وأموال الزكاة، من أبرزها “الجمعية النسوية لمكافحة الفقر والأمية”، و”جمعية الإنارة لمكافحة الفقر”، كما يملك شبكة من المعاهد الصورية التي توكل لها مهمة إغراء الشباب في الأوساط الاجتماعية الهشة، لتجنيدهم لاحقاً في صفوف التنظيم.
قطر.. والإطاحة بالحزب الحاكم
وأكدت هذه التقارير، أن التمويلات القطرية تدفقت بشكل مُثير مؤسسات إخوان موريتانيا من أجل إسقاط الحزب الحاكم، في الانتخابات الأخيرة، وقدمت لها مساعدات مالية، ودعماً إعلامياً كبيراً مع التركيز خاصةً على التشكيك في نزاهة الانتخابات البرلمانية.
وذكرت صحيفة “الجمهورية” الموريتانية، أن حزب “تواصل” حصل على 12 مليون دولار لتمويل الحملة الانتخابية من جهات ومنظمات إخوانية في قطر وتركيا، أودعت في حسابات بعض تجار التنظيم في موريتانيا وأنغولا أيضاً.
ويُذكر في هذا السياق، أنه سبق لوزارة الداخلية الموريتانية في مارس (آذار) 2014، إغلاق جمعية المستقبل، إحدى أكبر الجمعيات الدينية في موريتانيا، التي يرأسها أيضاً زعيم الإخوان في موريتانيا محمد الحسن ولد الددو، و”مركز النور” الصحي، ومركز تعليم البنات الخاص في نواكشوط، وهما مؤسستان تابعتان لجماعة الإخوان.
وأكدت السلطات وقتها، أنها تحقق في مصادر تمويلها بعد رصد الحصول على تمويلات من جهات خارجية، تركية وقطرية على وجه التحديد، لزعزعة الأوضاع الداخلية للبلاد.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ تعداها إلى تنسيق شبه معلن بين إخوان موريتانيا وقيادات تنظيم القاعدة، بعد أن استضاف حزب التجمع الوطني للتنمية والإصلاح “تواصل”، عدداً من القيادات البارزة في تنظيم “القاعدة”، من نزلاء معتقل “غوانتانامو” الأمريكي، في مأدبة إفطار في شهر رمضان الماضي.
وكان من بين الحضور، محفوظ ولد الواد، أو”أبوحفص الموريتاني”، وهو ثالث شخصية دولية في “القاعدة” كانت مطلوبة على قوائم الإرهاب.
واحتفى إخوان موريتانيا، بمحمد ولد صلاحي، المهندس المتورط في التخطيط لهجوم 11 سبتمبر(أيلول) 2001، أو “غزوة منهاتن”، والذي اعتقل 15 عاماً في “غوانتانامو”.
من جهته، دعا المفكر والكاتب الموريتاني، إسحاق الكنتي، إلى حل الحزب الإخواني في موريتانيا، قائلاً إن إخوان موريتانيا فرع من تنظيم الإخوان الدولي، وأنهم متطرفون خرجوا من نفس العباءة التي خرج منها سيد قطب، وشكري مصطفى، وعبود الزمر، والظواهري، وغيرهم من المتطرفين الذين لجأوا إلى العمل المسلح بدل العمل السياسي، وينسى المدافعون عن الإخوان باسم الديمقراطية أن الإخوان كانوا إلى عهد قريب من ألد أعداء الديمقراطية، ولا يتبنونها إلا إذا كانت كفيلة بإيصالهم إلى السلطة.
ويرى المفكر الموريتاني، أن على الموريتانيين، من كل الاتجاهات والمشارب السياسية، الدخول في حلف ضد جمعية الإخوان في موريتانيا، التي قطعت شوطاً طويلاً على طريق التغلغل في المجتمع، وصولاً إلى التحالفت مع حركة عنصرية، الحراتين، حملت السلاح ضد السلطات الرسمية، بهدف تقسيمه على أساس عرقي، ليصبح بذلك “الوطن في خطر.
من جهته أشار الناشط الموريتاني، سعدبوه الشيخ محمد، في تصريحات إعلامية، إلى أن حزب “تواصل” يسير على خطى الجماعة الأم في مصر، ويطبق المنهج البراغماتي للإخوان، والمتمثل في قاعدة “ما لا يدرك كله، لا يترك جله”، وأن قادة الحزب يؤكدون أنهم ينطلقون من الخصوصية الموريتانية، رغم أن تفاعلهم مع قضايا الإخوان في الخارج يفوق أحياناً اهتمامهم، وتفاعلهم مع القضايا والأحداث الداخلية، لافتاً إلى أنهم قرروا أخذ ما هو متاح ويعملون بصبر لتحقيق الباقي، فهم يمارسون المعارضة بطرق مختلفة، ومبتكرة، تكرس مبدأهم البراغماتي، فينتقلون من معارضة ناصعة، إلى ناصحة، إلى ناطحة.
آلية إعلامية إخوانية
وحذر سعد بوه، من الآلة الإعلامية التي يمتلكها الإخوان لبث الشائعات والأكاذيب لتمرير أهدافهم ومصالحهم، وقائلاً: “الإخوان أكثر الناس فهما لدور الإعلام، وأحرص الناس على استغلاله، لأن الدعاية، والخطابة، والمنابر هي أهم أسلحة هؤلاء للنفاذ لقلوب الناس، واليوم يمتلك إخوان موريتانيا امبراطورية إعلامية نشطة، تتضمن بعضاً من أهم مواقع الإنترنت المحلية، وصحف، وقناة تلفزيونية، وقد حاول هؤلاء ترخيص إذاعة لكنهم لم يفلحوا بعد، وربما ما زالت الفكرة قائمة لبسط نفوذهم على الإعلام السمعي والبصري، والمقروء، وأن من يتابع الاستراتيجية الإعلامية لهؤلاء يلاحظ تداخل البعد الإعلامي الإخباري، بالاستخباراتي.
بدوره، أوضح الحسن البمباري، الباحث في المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية، أن الإخوان في موريتانيا باتوا مطالبين بصياغة مشروعهم بعيداً عن المرجعية الإخوانية العالمية، مشيراً إلى أن الظروف القائمة الآن أثبتت أن المشروع الإخواني الموحد لم يعد قادراً على الاستمرار، خاصة بعد ما وضع تحت الاختبار، وتأكدت سطحية الفهم لمقولة “الإسلام هو الحل”.
وأضاف البمباري، في تصريحات صحافية، أن التقارب بين قيادات “تواصل” ومفتي القاعدة السابق، وغيره من عناصر التنظيم، خلق حالة من التخوف لدى الشعب الموريتاني، لذلك إذا أراد إخوان موريتانيا الإندماج في المجتمع، عليهم إقناع الموريتانيين أنهم ليسوا “القاعدة” ولا “داعش”.
وأشار الباحث في المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية، إلى أن تجارب الإخوان القصيرة في الحكم عربيا لم تستطع تقديم إجابات علمية حول طبيعة الدولة التي يريدونها، وهل هي مدنية أم دينية؟
تاريخ إخوان موريتانيا
يذكر أن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” تأسس في 3 أغسطس(آب) 2007، بعد فشل التيار الإسلامي في اكتساب الشرعية الحزبية، ليصبح حزباً معترفاً به من طرف الدولة، وظهر فكر جماعة الإخوان في موريتانيا في منتصف السبعينات بتأسيس حركة الإصلاحيين الوسطيين، وكانت الجماعة الإسلامية، أول تنظيم للتيار الإسلامي في موريتانيا، يظهرت في 1978.
وبعد أن خرجت من رحم جماعة المساجد التي أصدرت أولى بياناتها في 1975 لتأييد التطورات السياسية على الساحة الموريتانية، وشجعت الجماعة الإسلامية على ظهور العديد من التنظيمات المذهبية والفكرية الإسلامية في موريتانيا، اندمج بعضها وظل بعضها الآخر مستقلاً عن الأخرى، حتى تأسيس تنظيم “حاسم” في 1990، ثم حزب الأمة، وأخيراً حزب “تواصل”، والذي يقود المعارضة الموريتانية اليومن في انتظار الاتفاق على مرشح رئاسي لمنافسة الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 2019.