مصر الكبرى

12:58 مساءً EET

ليلة بناء «الجدار العازل رقم 9»: نجاح التهدئة فى محيط «الداخلية».. وانخفاض أعداد المعتصمين

شهدت الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية هدوءا ملحوظا بعد قيام عناصر من القوات المسلحة ببناء جدار أسمنتى جديد يفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى التى تقوم بتأمين مبنى الوزارة، ليحمل الجدار رقم 9 فى شوارع وسط القاهرة، وبدأت الحياة تدب فى شارعى منصور ومحمد محمود لأول مرة منذ يوم الخميس الماضى.

ورصدت «المصرى اليوم» انخفاض أعداد المعتصمين فى ميدان التحرير وأمام مبنى وزارة الداخلية بشكل كبير، بعد بناء الجدار وبالتزامن مع البرودة الشديدة للطقس، حيث شهد ميدان التحرير سيولة مرورية أثناء ساعات الليل مساء الثلاثاء ، واستمر المعتصمون فى الجزيرة الوسطى منتصف الميدان وأمام مجمع التحرير، وسط انتشار كبير للباعة الجائلين، وحدثت بعض المشادات بينهم وبين المعتصمين، لاسيما فى ظل تزايد أعداد الباعة الجائلين بشكل واضح.
وقام المعتصمون بفتح نقاشات مع أصحاب السيارات فى ميدان التحرير وأكدوا أنهم يريدون القصاص، وأنه لا علاقة لهم بمن يحاولون اقتحام وزارة الداخلية، وأن كل ما يرغبون فيه أن ينال قتلة الشهداء جزاءهم، وألا تكون مجزرة بورسعيد حادثة أخرى تمر دون حساب مثلما كان الوضع فى موقعتى محمد محمود ومجلس الوزراء، مما تسبب فى العديد من المشاحنات بين المعتصمين وأصحاب السيارات.
كانت الاشتباكات بين الطرفين بدأت مساء الخميس بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن فى محيط وزارة الداخلية، بعد أن حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين المنددين بـ«مجزرة بورسعيد» بالقنابل المسيلة للدموع، والمطالبين بتخلى المجلس العسكرى عن السلطة لهيئة مدنية، وضرورة القصاص من قتلة الثوار، ورفض المتظاهرون جميع محاولات التهدئة التى دعا إليها عدد من القوى السياسية والشبابية، ومطالبتهم بضرورة العودة إلى ميدان التحرير لوقف «نزيف الدم».
وشهد تقاطع شارعى محمد محمود ومنصور نقاشات مطولة بين العشرات من المتظاهرين الذين رفضوا العودة إلى ميدان التحرير بعد بناء الجدار الأسمنتى، مؤكدين أنهم لا يأمنون «غدر» عناصر الشرطة لأنهم إذا قاموا بالانسحاب قد تقوم عناصر الشرطة بالهجوم عليهم فورا، لافتين إلى أن شيئا لم يحدث فى البلاد حتى يتوقفوا عن التظاهر، فأهالى الشهداء لم يحصلوا حتى الآن على حقوقهم، وكذلك المتورطون فى جميع الأحداث السابقة لم يتم تقديمهم للعدالة.
وحاول عدد من المعتصمين والقوى السياسية رقناع المتظاهرين بالعودة طيلة ساعات الليل إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، وأشار المعارضون لفكرة البقاء بعد بناء السور العازل إلى أنه ينبغى إتاحة فرصة لنواب مجلس الشعب وضرورة العودة إلى ميدان التحرير حتى لا يفقد المعتصمون «تعاطف» المصريين، إذ يتم إظهارهم فى صورة البلطجية الذين يحاولون اقتحام مبنى وزارة الداخلية وإحراقه، على أن يكون الاعتصام فى ميدان التحرير فقط.
وفى الميدان، أضرم المعتصمون النيران فى بعض القطع الخشبية وأغصان الأشجار فى محاولة منهم للتغلب على موجه البرد القارس، والتفوا حولها وسط حالة من الجدل حول دور مجلس الشعب وعدم تمثيله للمعتصمين.
واحتمى العديد من الشباب بالبطاطين التى وضعوها على أكتافهم خلال تجولهم فى صينية الميدان، إلا أن العديد من المعتصمين الذين لا يحتفظون بخيام فى الاعتصام ذهبوا لقضاء ليلتهم إما فى منازلهم بالنسبة لساكنى القاهرة، أو فى منازل أصدقائهم، على أن يعودوا للاعتصام فى الصباح.
وقال محمد فرغلى، أحد المعتصمين: «سأذهب مع أحد أصدقائى إلى منزله على أن أعود للاعتصام فى الصباح»، وأضاف: «فرصة إن الواحد ياخد دش ويغير ملابسه».
من ناحية أخرى، تمكنت اللجان الشعبية من تسليم أحد البلطجية المتهمين بإحراق مبنى الضرائب العامة، ولقسم شرطة عابدين. وذكر أعضاء فى اللجان أنهم تمكنوا من التعرف عليه من خلال أحد الفيديوهات التى قاموا بتصويرها، وتبين قيامه بالوقوف أعلى المبنى ورشقه الحجارة لعناصر الشرطة خلال محاولات التهدئة، وقيامه بإلقاء أحد المتظاهرين من أعلى مما تسبب فى مقتله على الفور، لافتين إلى قيامهم بتسليمه بعد التنسيق مع الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم.
ولأول مرة منذ أحداث بورسعيد، تمكن أصحاب المحال من فتح محالها المجاورة لوزارة الداخلية وكذلك فى شوارع باب اللوق ونوبار وفهمى ومحمد محمود، وكذلك نهاية شارع منصور التى شهدت اشتباكات عنيفة وإلقاء كميات كبيرة من قنابل الغاز من جانب عناصر الداخلية لإبعاد المتظاهرين، وعبروا عن غضبهم الشديد من تعرضهم لخسائر مالية فادحة.
قال أحد أصحاب المحال، رفض ذكر اسمه خوفا من «ملاحقته» – على حد تعبيره – إنه طوال الـ18 يوماً أثناء الثورة المصرية لم يغلق محله إلا فى أحداث موقعة الجمل فقط، حيث إن المتظاهرين كانوا يعتصمون فى ميدان التحرير فقط وكانت الشوارع المحيطة تشهد هدوءا ولم تكن تحدث أى حالات بلطجة على أصحاب المحال.
وكشف صاحب المتجر أن هناك أعداداً من البلطجية حاولوا ابتزاز العديد من أصحاب المحال وفرض إتاوات عليهم إلا أنهم رفضوا، مشيرا إلى أن العديد منهم تعرض لسرقات خلال الفترة الماضية، خاصة فى ظل تزايد الأزمات وحدوث اشتباكات، يستغلها البلطجية ولا يقوم المتظاهرون بـ«تطهير» من يندس بينهم – على حد وصفه، مطالبا جميع القوى السياسية إلى «التهدئة» وعدم التكالب على المغانم حتى تستقر البلاد.
وبالمقابل، أكد هشام الأزهرى، صاحب عدة محلات فى منطقة وسط البلد، أنه تم تحطيم 3 محال مملوكة له خلال الاشتباكات الأخيرة فى محيط وزارة الداخلية، مضيفا: «ومع ذلك، فأنا مع الثورة قلبا وقالبا، لأننا جميعا يجب أن ندفع ثمن الحرية».
وأشار إلى أن من يقوم بتحطيم واجهات المحال ليس من الثوار، لكن رجال الأمن المركزى هم من يفعلون ذلك حتى ينقلب أهالى وسط البلد على الثورة والثوار – حسب قوله.
وبعد أن قرر النواب تعليق اعتصامهم الذى بدأ منذ 3 أيام على أن يعاودوا الاعتصام حال وجود اشتباكات بين الداخلية والمتظاهرين، قام كل من زياد العليمى، وباسل كامل، ومحمد داوود، النواب بمجلس الشعب، بزيارة ميدان التحرير، وشاركتهم الفنانة جيهان فاضل فى تفقد الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية.
وأكد زياد العليمى، عضو مجلس الشعب، خلال زيارته، أنه كعضو بمجلس الشعب سيطالب باستجواب المشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والتحقيق مع وزارة الداخلية بأكملها، محملاً وزير الداخلية مسؤولية الأحداث الأخيرة.
وطالب «العليمى» المتظاهرين المتواجدين بشارع محمد محمود بالتوجه إلى ميدان التحرير، قائلاً: «إن ذلك يمثل ضغطا كبيرا على الحكومة، ولكن مع التحلى بضبط النفس لكسب الرأى العام». من جانبه، قال باسل كامل، عضو مجلس الشعب: «تواجدنا الآن فى محيط وزارة الداخلية بعد تعليق الاعتصام الذى بدأناه منذ الاثنين الماضى، بهدف تفقد الأجواء والتأكد من عدم وجود أى اشتباكات أو مناوشات بين المتظاهرين وأى طرف آخر»، مؤكدا أنه فى حال عدم حضور المشير أو من ينوب عنه إلى جلسة الاستجواب بالمجلس، التى لم يقرر موعدها بعد، سيكون هذا عدم تقدير للمجلس ونوابه الممثلين من الشعب

نقلاً عن: المصري اليوم

التعليقات