عرب وعالم
إيران عرضت دعم القاعدة مقابل استهدافها الخليج ورعت المظاهرات الشيعية في البحرين
كتب ريتشارد مينيتر في معهد “غايتستون إنستيتيوت” الأمريكي أنّ حرب اليمن التي تبعد عن الولايات المتحدة حوالي 11 ألف كيلومتراً، والتي لا تتصدر عناوين الأخبار الأمريكية، تعيد كتابة استراتيجية أمريكا ضد إيران والإرهاب.
تدور الحرب بين ثلاثة أطراف تضمّ قوتين إسلاميتين متطرفتين تتقاتلان ضدّ بعضهما وهما أكبر جيش ناجٍ من القاعدة ووكيل إيران، كما تقاتلان أيضاً ضد ستة من حلفاء أمريكا العرب.
تشن القوات الأمريكية الخاصة هجمات سرية وتستهدف طائرات درونز تابعة للسي آي أي قادة إرهابيين. إن نتيجة حرب اليمن مهمة لأن قوات أمريكية تقاتل هناك، ولأنه يتم اختبار استراتيجية جديدة ضدّ الإرهاب.
كانت إيران تحاول تشكيل هلال شيعي في الشرق الأوسط عبر اليمن والعراق وسوريا ولبنان وصواً إلى المتوسط.
ووفق حوالي نصف مليون وثيقة حصل عليها الأمريكيون من المجمّع الذي كان يختبئ فيه بن لادن، عرضت إيران دعم القاعدة مقابل استهدافها الخليج. ورعت إيران المظاهرات الشيعية في البحرين. ولاقت نداءات طلب المساعدة التي وجهها المسؤولون البحرينيون إلى السفير الأمريكي في المنامة في عهد أوباما، آذاناً صماء. من المحتمل أن يكون أوباما قد خاف من إفشال الاتفاق النووي كما فعل عندما تراجع عن تنفيذ خطه الأحمر في سوريا.
إيرانيون على لائحة الإرهاب الإماراتية
في هذا الوقت، كانت الوسائل الإعلامية التي تديرها السلطات الإيرانية تشير إلى البحرين على أنها المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة.
وقالت السعودية إن إيران وقفت خلف المظاهرات الشيعية في منطقة الربع الخالي الغنية بالنفط. أما الإمارات فوضعت تسعة أفراد وكيانات إيرانية على لائحة الإرهاب.
بعد انتفاضات 2011، هاجمت القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الفرع الأكثر فتكاً للتنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن،
مقرات للشرطة في اليمن، والجيش كما هاجمت المدن بقنابل محلية الصنع وبرصاص القناصة، وطالبت الحكومة اليمنية المنتخبة أوباما بتقديم المساعدة.
ماذا توقع أوباما من سياساته؟
بالنظر إلى بياناته العلنية عن حرب العراق وعقيدته حول التدخل الخارجي، واجه أوباما خياراً صعباً: ترك حليف أمريكي يسقط بين يدي القاعدة قبل أشهر على انتخابات رئاسية، أو اتخاذ قرار بالتزام عسكري كبير قد يبعد عنه مؤيدوه الرافضون للحرب.
وكما جرت العادة فضل طريقاً وسطاً: قوات خاصة وهجمات بواسطة الدرونز. أدى هذا الخيار الوسطي إلى نتائج وسطية.
تشتت قوات القاعدة وتراجعت إلى الجبال والصحارى. لكنّها لم تنهزم بالكامل إذ لا تزال تسيطر على ربع الأراضي اليمنية.
هدف الإيرانيين في اليمن
في هذا الوقت، كان على الحكومة اليمنية والقوات الأمريكية أن تواجه عدواً أكثراً فتكاً: الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، فبوجود رابطة دينية مشتركة، بنى عملاء إيرانيون تحالفات سياسية مع القبائل الحوثية من خلال التملّق والتمويل وعقد زيجات استراتيجية.
لقد كان هدف هؤلاء وفقاً لوكالة رويترز تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة وخلق ميليشيات شبيهة بحزب الله في اليمن، وتطويق السعوديين، وتطوير شبكات ضغط غير تقليدية. وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في 2014 وبقيت تحت سلطتهم منذ ذلك الحين. ثم حلوا البرلمان قي 2015 واستبدلوه بلجنة ثورية عليا لاحقاً في السنة نفسها.
مرّة أخرى.. سياسات أوباما
يعلم جيران اليمن أنّه لو سقطت تلك البلاد فقد يعاني حلفاء أمريكا حروباً أهليةً قد تشتت جهودهم لتدمير داعش والقاعدة في سوريا والعراق.
وقد ترتفع أسعار النفط والغاز ما قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصادات الغربية. يُمكن أن يعطي اليمن الإرهابيين أفغانستان جديدة أي قاعدة آمنة لتخطيط وشن هجمات ضدّ أفريقيا وأمريكا وآسيا. لذلك، أرسلت السعودية، ومصر، والكويت، والبحرين، والإمارات، قوات ودبابات، وطائرات، إلى اليمن.
بالنسبة إلى غالبية هذه الدول، كان ذلك الانتشار العسكري هو الأوسع خارج حدودها في التاريخ. وأرسلت أمريكا، كعادتها خلال سنوات أوباما، مساعدةً ناعمة بشكل كبير. محادثات هاتفية، أدوية ووجبات غذائية. النتيجة الأساسية؟ حالة مروعة من المراوحة القتالية لمكانها حيث صدمت فيه إراقة الدماء المخططين الديبلوماسيين والعسكريين.
جيل إماراتي جديد من الدرونز
ماذا يعني ذلك بالنسبة لصناع القرار الأمريكيين؟ يرى الكاتب أن حلفاء واشنطن العرب يعملون على أن يصبحوا مقاتلين فعالين على الأرض وقادرين على طرد جهاديين ذوي خبرة من مواقع محصّنة في اليمن والعراق معاً.
يُضاف إلى ذلك، أن الجيل الإماراتي الجديد من الدرونز يمكن أن يرسل الموت “من عل” بالفاعلية نفسها لنظيرتها الأمريكية. حين يمكن أن تساعد قوات حكومية عربية في استعادة السيطرة على أراضي المقاتلين الإسلاميين، يمكن أن تنقلب موازين القوى ضد الإرهابيين.
هذا لا يعني أنّه يمكن للولايات المتحدة أن تنسحب من الشرق الأوسط كما يقترح أحياناً السيناتور راند بول.
هذا يعني أن حلفاء واشنطن يصبحون قوة مضاعفة تنضم إلى أمريكا للاستفادة من مهارتها وتقنيتها لهزيمة التهديد الجهادي.
“يجب أن نساعد ونشجع الإمارات والسعودية لا أن نتخلى عنهما”.