عرب وعالم
أموال قطر للحرس الثوري شريان حياة لنظام الملالي والتنظيمات الإرهابية
حلّل الخبير في شؤون الشرق الأوسط جوزف براودي تقارير صادرة عن وسائل إعلام بارزة في الولايات المتحدة حول تورط قطر في دعم الإرهاب في مقال بمركز “يوروبيان آي أون راديكاليزايشن”، المنصّة التي تجمع خبراء من أوروبا في مكافحة الإرهاب.
وكتب المحلل أنه في 28 أبريل الماضي، كشف مراسل صحيفة “واشنطن بوست” جوبي ووريك تفاصيل مجهولة في السابق عن دفع قطر مبالغ طائلة لمتطرفين ميليشياويين شيعة وسُنة في الربيع الماضي.
ووصل المبلغ إلى 275 مليون دولار على الأقل بالنسبة إلى ووريك وربما فاق 770 مليون دولار، وفق اً تقرير روبرت وورث في نيويورك تايمز أواسط الشهر الماضي.
كان الهدف من وراء هذا التمويل تحرير 25 قطرياً، بينهم 9 من العائلة الحاكمة، اختطفوا واحتجزوا 16 شهراً من قبل ميليشيات شيعية عراقية، مدعومة من إيران.
من هم المستفيدون؟
ويضفي التقريران مصداقية على تقرير سابق لفايننشال تايمز أشار إلى أن الأموال خدمت هدفاً إضافياً، وهو التمهيد لصفقة تبادل سكاني بين أربع بلدات سنية وشيعية في سوريا. شددت التايمز على أن قطر حاولت المساعدة في تسهيل هذه الصفقة التي أطلقتها طهران لتعزيز سيطرتها وسيطرة حزب الله على مناطق قرب دمشق.
وبالنظر إلى مجموع المستفيدين من الأموال القطرية، هنالك على الأقل أربعة كيانات مصنفة من قبل الحكومة الأمريكية على راعية للإرهاب هي: الحرس الثوري، كتائب حزب الله في العراق، جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، وأحرار الشام.
وقد يتعيّن في الأيام المقبلة على الحكومات والمؤسسات السياسية الغربية التعامل مع تداعيات تقرير ووريك والتقريرين اللذين سبقاه، وهنالك ثلاثة استنتاجات محتملة ذات أهمية خاصة أهمها:
مسؤولون قطريون يكذبون
في 28 مارس كتب السفير القطري في الولايات المتحدة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني رداً على تقرير روبرت وورث في نيويورك تايمز أن “قطر لم تدفع فدية” واصفاً الاتهامات لقطر بدعم المجموعات الإرهابية بالـ “خاطئة”.
وحاول السفير أيضاً أن يشرح أن الأموال القطرية المدفوعة إلى العراق شكلٌ من أشكال المساعدة الحكومية هدفها “تعزيز العلاقات الثنائيّة” بمقدار ما هي مساعدة على تحرير الرهائن.
لكن ووريك في الواشنطن بوست، سمع ورأى ووثّق الاتصالات القطرية التي يبدو أنها تفند ادعاءات السفير.
سيان أدعمت الإرهاب عمداً أم تهوراً
بينما يبدو أن بعض الدعم المقدم من قطر للإرهابيين قد يكون خياراً استراتيجياً مقصوداً، فإنه في حالات أخرى قد ينتج هذا الدعم عن تهور مطلق.
وأشارت تحليلات سابقة إلى أن ديبلوماسيين غربيين اشتبهوا في أن الفدى كانت أقرب إلى وسائل لتأمين المساعدة إلى الإرهابيين تحت ستار خدعة معقولة. ومع أن تقريري وورث و ووريك لا يناقضان الفرضية بالكامل، ويقدمان أمثلة عن عدم عمل المسؤولين القطريين بالطريقة المنهجية التي تحدث عنها الديبلوماسيون الغربيون، إلا أن وورث كتب في نيويورك تايمز، أن القطريين كانوا أقرب إلى الغباء منه إلى الدناءة، مضيفاً أنهم “سكارى بأموال الغاز الطبيعي وعميان عن تداعياتها القاتلة. رموا أموالاً في جهود خرقاء للتلاعب بسياسات منطقة هشّة”، ليجدوا أن الطاولة انقلبت عليهم.
ويضيف الخبير أن حكومةً تتصرف بشكل عشوائي وتوزع الأموال على جماعات مسلحة وسط حريق إقليمي، تكون في بعض الأحيان أخطر من حكومة تتصرف بفاعلية وتجانس مهما تكن سياساتها خاطئة التوجه.
في المسألة الأخيرة، قد يكون ممكناً للقوى الأجنبية تغيير سياسات قطر بمزيج من الضغط والحوافز. لكن إذا كان القطريون، كما يرى وورث، مجرد “سكارى بأموال الغاز الطبيعي”، عندها يكون الدواء الآمن بالاستناد إلى تحليل وورث، هو إبعاد هذه المفاتيح عنهم.
شريان حياة
يمكن المحاججة في أن الأموال القطرية ساعدت نظام طهران للمحافظة على سلطته وسياساته. وعلى ضوء حجم الأموال الذي أشير إلى تحويلها للحرس الثوري ووكلائه، يبدو أن الدوحة أمنت شريان حياة لسياسات طهران التدخلية في حين كان الاقتصاد الإيراني يعاني من تأثير العقوبات الدولية.
لذلك، كان ضخ رأس المال القطري “عطيّة” للحرس الثوري حين تصاعد الضغط الإيراني الداخلي لتوقف طهران دعمها للمغامرات الخارجية.
ففي 28 ديسمبر 2017، تظاهر ملايين المهمشين في إيران مطالبين بإنهاء التمويل الحكومي لوكلاء طهران في سوريا والعراق ولبنان وغزة. وتمكنت إيران من إخماد الاحتجاجات بمزيج من القمع والمساعدات المالية بينما حافظت في الوقت نفسه على سياساتها التوسعية في المنطقة.
لو لم تعطِ قطر تلك الأموال لإيران ووكلائها لربما واجه الملالي قيوداً أكبر في سعيهم، لخوض الحروب في الخارج والحكم في الداخل.