عرب وعالم

01:51 مساءً EET

إيران تلعب بالنار في سوريا‎

كتب مدير معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب عاموس يدلين في مجلة “فورين بوليسي” أنه في الوقت الذي تتراجع المعارضة السورية ويكتسب الرئيس السوري بشار الأسد زخماً، تسعى إيران إلى إعادة كتابة “قواعد اللعبة” التي تحكم النشاطات الإسرائيلية في سوريا.

وفي هذا السياق، اندلعت صدامات في عطلة نهاية الأسبوع الماضي على الحدود الشمالية لإسرائيل، إذ اخترق درون إيراني المجال الجوي الإسرائيلي، فردت إسرائيل بقصف أهداف عدة في عمق الأراضي السورية، ثم أسقطت سوريا طائرة مقاتلة إسرائيلية.

وأضاف الباحث أنه قبل السبت الماضي، كانت إسرائيل قد أرست توقعاً يستند إلى أن غاراتها على قوافل الأسلحة الإيرانية المرسلة إلى حزب الله ومنشآتها للانتاج في سوريا، لن تُواجه برد عسكري فعال، إذ لا تستطيع سوريا وحزب الله تحمل حرب مع إسرائيل، كما أنهما لا يملكان القدرات على الانتقام بشكل جدي.

لقد كانت هذه الحال السائدة بمثابة تعطيل للمخططات الإيرانية في المنطقة ودواءً مراً على الأسد تجرعه.

إيران غيّرت ردود الفعل
ولكن من طريق إطلاق إيران طائرة مسيرة إلى الإجواء الإسرائيلية السبت، غيرت طهران سلسلة ردود الفعل، التي أدت بسلاح الجو الإسرائيلي إلى قصف مواقع إيرانية ولنظام الأسد في سوريا، بما في ذلك مركز القيادة الإيراني الذي كان الإيرانيون يديرون منه الطائرة المسيرة.

لقد منح ذلك نظام الأسد الفرصة لإرساء سابقة من خلال اطلاق النار على الطائرات الإسرائيلية، واسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز “إف-16″، واستفزاز سلاح الجو الإسرائيلي للاغارة على أهداف سورية.

“إنهم مخطئون”
وذكر الباحث بأنها المرة الأولى التي تسقط فيها مقاتلة إسرائيلية بنيران معادية منذ أكثر من ثلاثة عقود، فقد ذهب بعض المحللين إلى القول إن النزاع في المنطقة قد دخل “مرحلة استراتيجية جديدة”. وقال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني “لقد ولى عصر أضرب وأهرب” في إشارة إلى الغارات الجوية على الأراضي السورية. وحتى موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي توقع أن تكون هذه إشارة إلى أشياء شريرة قادمة من الجبهة الشمالية لإسرائيل. لكن يادلين، يقول: “إنهم مخطئون. فخسارة مقاتلة إسرائيلية يجب ألا يُبالغ فيها.

إنها ليست نقطة الطوفان التي ستغير التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وفوق ذلك، فإن السوريين والروس قد خسروا العديد من المقاتلات في سياق الحرب الأهلية السورية من دون أن يعني ذلك أنهم فقدوا السيطرة على الأجواء في مناطق النزاع. بالنسبة إلى التفوق الجوي، إن حادثة واحدة لا تغير التوازن الاستراتيجي، حين تتم الحسابات بعيداً عن الحوادث الفردية. ومن خلال هذه الحسابات يتبين أنه منذ 30 عاماً تمكن أعداء إسرائيل من إسقاط طائرة واحدة وذلك بعد شن أكثر من مئة غارة على سوريا وتدمير المفاعل النووي لنظام الأسد عام 2007، وفقاً لما أوردت صحيفة النيويوركر، واستناداً إلى هذه الحسابات لا يمكن إثارة الشكوك حول التفوق الجوي الإسرائيلي.

إسرائيل سارعت إلى الرد
ولفت الباحث إلى أنه من أجل إثبات أن “القواعد” لم تتغير، سارعت إسرائيل إلى إعادة تثبيت حقها في شن الغارات عقب إسقاط “الإف-16”. والطريقة الوحيدة لإعادة تأكيد الحق، هي في أن تمارسه. ومن طريق فعل ذلك فإن سلاح الجو الإسرائيلي خاطر بالتعرض لمزيد من النيران المضادة للطائرات، لكن ضعف المقاومة التي واجهت الطائرات الإسرائيلية أوحت بأن الجيش السوري غير راغب في تصعيد الاشتباكات نحو حربٍ أوسع لا يريدها ولا يمكنه الفوز فيها.

إيران في موقف ضعيف
وخلص الباحث إلى أن الضربات الأولى على منشآت إيرانية في سوريا تثبت ما بات يعرف بمكون أساسي في الاستراتيجية الإسرائيلية لردع إيران في سوريا. إن القوات الإيرانية المتمركزة في دمشق هي على مسافة 800 ميل عن طهران، بينما هي على مسافة عشرات الأميال فقط من إسرائيل، مما يجعل هذه القوات عرضة للهجمات الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي ليس ملائماً ولا مرغوباً فيه تمركز قوات إيرانية قرب حدود إسرائيل، فإن ذلك يتيح بعض الفرص التي تجعل إيران في موقف ضعيف، وإذا ما رأى القادة الإسرائيليون أن ثمة ضرورة، فإن إسرائيل يمكنها مهاجمة إيران من دون الدخول في الأراضي الإيرانية.

التعليقات