الحراك السياسي
قرار عاجل من سويسرا بشأن أموال “نظام مبارك”
قرر المجلس الفدرالي السويسري إلغاء الأثر الفورى لتجميد أصول مصر في سياق إغلاق إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة بين الدولتين، كما قرر المجلس في اجتماعه المنعقد، اليوم الأربعاء، مد تجميد أصول الرئيسين المخلوعين بن على (تونس) ويانوكوفيتش (أوكرانيا) ورموز أنظمتهما لمدة عام. بغرض دعم التعاون القضائي بين سويسرا وهاتين الدولتين.
وكان المجلس الاتحادي في بداية عام 2011، رد على الفور على الثورات التي جرت في ذلك الوقت في عدد من الدول العربية وذلك من خلال إصدار أمر، كإجراء وقائي، بتجميد الأصول في سويسرا للرئيسين المخلوعين بن على ومبارك والأشخاص المكشوفة سياسيا من رموز أنظمتهما، وأعلنت فيما بعد تجميدا مماثلا في سياق الأزمة في أوكرانيا في فبراير 2014، بحسب بيان للخارجية السويسرية.
وينظم القانون الفدرالي المتعلق بتجميد واستعادة الأصول غير المشروعة التي يمتلكها الأشخاص الأجانب المكشوفون سياسيا، الذي دخل حيز التنفيذ 1 يوليه 2016، مدة التجميد وقرار المد السنويبشأن التجميد لهم. ويمكن المد إذا جنى التعاون في إطار المساعدة القانونية المتبادلة ثمار.
وتنتهي تجميد الأصول التونسية (56 مليون فرنك سويسري) والأصول الأوكرانية (70 مليون فرنك سويسري) التي تم مدها لمدة سنة واحدة على أساس قرار اتخذه المجلس الفدرالي في ديسمبر 2016، في يناير وفبراير على التوالي.
وخلال السنوات التي انقضت منذ بدء تنفيذ هذه التجميد، بدأت عدة إجراءات ضد الأفراد الرئيسيين المعنيين، واتخذت سلطات بلدانهم خطوات للتقدم بخطوات للأمام في هذه القضايا على المستوى القضائي. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى أحكام قضائية لتحديد ما إذا كانت الأصول المجمدة أتت من أعمال غير مشروعة؛ واتفاقات التصالح التي تقرها السلطات القضائية في هذه البلدان يمكن أن تشكل حلا بديلا.إن قرار المجلس الفدرالي بمد تجميد الأصول له ما يبرره لأن هذا الهدف لم يتحقق بأكمله بعد في الوقت الذي لا تزال فيه الشروط القانونية لمده صالحة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا المد لمدة عام إلى إحراز تقدم ملموس في الإجراءات المستمرة وزيادة احتمال إعادة الأصول إلى بلد المنشأ.
في السياق المصري، يعود التجميد إلى عام 2011 حيث غطي مبلغ أولى قدره 700 مليون فرنك سويسري تقريبا. تمشيا مع الطبيعة الوقائية لهذا الاجراء، فإن إدراج الأسماء في القائمة المتعلقة بالقرار بشأن الأصول المجمدة لا يعني بالضرورة أن الأشخاص على القائمة لديهم أصولا في سويسرا. وعلى وجه الخصوص، هذا هو الوضع مع الرئيس السابق حسني مبارك.
ومنذ عام 2011، انخفض حجم الأصول المصرية المجمدة في سويسرا تدريجيا إلى حوالي 430 مليون فرنك سويسري بعد شطب أسماء من المرسوم بناء على طلب السلطات المصرية، التي أبرمت في الوقت نفسه اتفاقات تصالح في مصر. وقد ساهمت هذه الاتفاقات، إلى جانب العديد من قرارات البراءة وانهاء الإجراءات القانونية، في قرار القضاء المصري بإسقاط الإجراءات الجنائية في أبرز الحالات التي لها صلات محتملة بالأصول المجمدة في سويسرا.
لهذا السبب، وفي غياب نتائج ملموسة، أغلقت السلطات القضائية السويسرية في نهاية أغسطس 2017 إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة بشأن القضايا التي لها صلات محتملة بالأصول المجمدة في سويسرا.وبعد ما يقرب من سبع سنوات منذ فرض التجميد في عام 2011، وعلى الرغم من الجهود المشتركة المبذولة، لم ينجح التعاون بين البلدين في تحقيق النتائج المتوقعة. وبإغلاق إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، لم تعد هناك احتمالات واقعية لاسترداد الأصول في إطار المساعدة القانونية المتبادلة. وبالتالي فإن تجميد الأصول المصرية على أساس «القانون الفدرالي المتعلق بتجميد واستعادة الأصول غير المشروعة التي يمتلكها الأشخاص الأجانب المكشوفون سياسيا» ليس له غرض الآن على النحو المحدد في القانون وفي الفقه، وقد أخذ المجلس الفدرالي ذلك في الاعتبار عند قراره برفع التجميد بأثر فورى. ولكن لن يؤدي هذا القرار إلى الإفراج عن هذه الأصول (حوالي 430 مليون فرنك سويسري). لا تزال الأموال محتجزة في إطار الإجراءات الجنائية في سويسرا التي يقوم بها مكتب النائب العام بسويسرا بغرض تحديد ما إذا كان أصلهم مشروعا أم لا.
يذكر أن سويسرا كانت أول دولة تتفاعل مع موجة الثورات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط في أوائل عام 2011، وقررت على الفور تجميد إداريا أصول أعضاء نظام مبارك في هذا الوقت في سويسرا. وتم تجديد التجميد في عام 2016 بسبب استمرار إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة. ولا يمكن مد أمر التجميد الإداري استنادا إلى القانون المعمول به حاليا (قانون الأصول الأجنبية غير المشروعة) إلا إذا كان هناك، في إطار إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، تعاون فعال بين سويسرا وبلد المنشأ للأصول. في أغسطس 2017، تم اغلاق إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة نظرا إلى عدم تحقيق العناصر الأساسية اللازمة لتنفيذها. وكانت لدى السلطات المصرية إمكانيات لاستكمال طلباتها.
وبالتالي لم تعد المتطلبات القانونية لمد التجميد قد تنطبق على السياق المصري.
وينص القانون على إمكانية مصادرة الأصول التي سبق تجميدها في إطار المساعدة المتبادلة عندما لا يكون ذلك ممكنا بسبب فشل النظام القضائي للدولة الطالبة أو بسبب أن المتطلبات الإجرائية المضمونةكحقوق إنسان أساسية لم تتحقق.كان قرار إغلاق إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة في أغسطس 2017 مبنيا على شروط فنية وقانونية وليس على تقييم سياسي بشأن استقرار السلطات المصرية القضائية.بالفعلتعتبر سويسرا أن مصر دولة فاعلة.وتعمل مؤسسات الدولة المصرية، ولا سيما القضاء، على أداء مهامها وتفعيلها، كما ثبت ذلك في الأحكام الصادرة بما في ذلك عدة أحكام تبرئة لأعضاء نظام مبارك.
قد تم تجميد الأصول في سويسرا على أساس ثلاثة تدابير. تم رفع التجميد على أساس إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة في أغسطس وتم رفع اليوم التجميد الإداري القائم على «القانون الفدرالي المتعلق بتجميد واستعادة الأصول غير المشروعة التي يمتلكها الأشخاص الأجانب المكشوفون سياسيا، ولكن لا تزال الأصول مصادرة في إطار الإجراءات الجنائية التي تجرى في سويسرا من قبل مكتب النائب العام في سويسرا. وما زال التحقيق الجنائي السويسري مستمر ضد ستة أشخاص في الاشتباه في الدعم أو المشاركة في تنظيم إجرامي وغسيل الأموال.