تحقيقات
دير الزور.. “معركة النفوذ” في سوريا
تتسابق التحضيرات العسكرية بين القوى المتصارعة في سوريا لإطلاق معركة تحرير دير الزور من قبضة داعش، التي تعتبر أكبر المعارك بعد معركة حلب.
وأهمية معركة دير الزور لا تكمن في كونها المعركة الأخيرة الرئيسية ضد تنظيم داعش في سوريا فحسب، بل بسبب خصوصية المحافظة، فهي من أغنى المحافظات السورية وستحقق اكتفاء ذاتياً زراعياً لمن يسيطر عليها، كما تعوم في بئر من النفط، فضلاً عن موقعها الجغرافي الذي يربط سوريا بالعراق، وفيها يمر نهر الفرات النابع من تركيا أيضاً.
ومع تبلور حل “سوريا الفيدرالية” في المحافل الدولية، يحاول فيها كل طرف سوري قضم أكبر قدر ممكن من الأراضي لمصلحته لتقوية موقفه سياسياً، فبات من الظاهر أن هناك منطقة للعلويين وأخرى للأكراد وثالثة للسنة في الجنوب مع دروز الجبل، لكن تبقى دير الزور منطقة متنازع عليها، يحاول كل من الأتراك والكرد والنظام الحصول على امتيازات فيها بعد الانتهاء من الرقة، التي من المتوقع أن يجري تهجير سكانها إلى دير الزور.
وفيما أعلن مسؤول كبير في قوات سوريا الديمقراطية أمس الجمعة، إن القوات المدعومة أمريكا ستعلن عن عملية ضد داعش في شمال دير الزور اليوم السبت، أعلن النظام السوري كسر الحصار الذي فرضه التنظيم المتطرف على جيب تابع له في جنوب المدينة.
قوات سوريا الديمقراطية
تحاول قوات سوريا الديمقراطية استباق النظام في السيطرة على مدينة دير الزور الاستراتيجية الغنية كونها تشكل ثقلاً على الأرض للطرف الذي سيسيطر عليها في أي مفاوضات سلام مرتقبة.
وتحاول الولايات المتحدة بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية استباق روسيا والنظام السوري في عملية السيطرة على المدينة، كونها محاذية للأراضي العراقية.
وبحسب مسؤول في “قسد” ستطلق القوات الهجوم من جنوب الحسكة الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في إطار هجوم أوسع لطرد داعش من مدينة الرقة.
وفي هجوم دير الزور ستنطلق قوات سوريا الديمقراطية باتجاه نهر الفرات من شرق المحافظة على الحدود مع العراق.
ومن المرجح أن تجعل العملية قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة قريبة من قوات النظام السوري.
تقدم الجيش السوري
قبل أيام وصل الجيش السوري إلى جيب تابع له في مدينة دير الزور على الضفة الغربية لنهر الفرات، ليكسر بذلك حصاراً كان يفرضه داعش على الجيب منذ 3 سنوات.
وفقد تنظيم داعش 17 ألف كلم مربع في شرق سوريا أمام جيش النظام وحلفائه منذ منتصف يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وذكر المرصد السوري انه منذ 17 من يوليو اشتدت حدة المعركة بين المتطرفين والموالين لحكومة دمشق في مناطق الصحراء بالنصف الشرقي للبلاد.
وسيطرت القوات الحكومية نتيجة المواجهات وعمليات القصف على 17 ألف كلم مربع من المتشددين في محافظات الرقة وحمص وحماة ودير الزور، ما يمثل 9% من الأراضي السورية.
وقالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لحزب الله حليف النظام السوري إن القوات والمليشيات التابعة لها وصلت إلى قاعدة اللواء 137 على الأطراف الغربية لدير الزور.
خصوصية المحافظة
محافظة دير الزور هي ثاني أكبر المحافظات السورية بعد حمص من حيث الحجم، إذ تبلغ مساحتها نحو 33 ألف كلم مربع، وتلاصق محافظة الحسكة من الشمال ومحافظة الرقة من الشمال الغربي ومحافظة حمص من الجنوب الغربي، مما يجعلها منفتحة على وسط سوريا (البادية والقلمون الشرقي)، وعلى الشمال الشرقي والشمال الأوسط.
ولا تقتصر الأهمية الجغرافية لدير الزور على الداخل السوري، فهي ملاصقة لمحافظتي نينوى والأنبار في العراق.
وتضاف إلى ذلك الثروات الطبيعية في المحافظة من الزراعة وثروة حيوانية، بالإضافة إلى الثروة النفطية، حيث تقع فيها حقول العمر والتنك والجفرة والورد والتيم، فضلاً عن محطات النفط “تي تو” والخراطة ومعامل الغاز.
وتعني استعادة السيطرة على المحافظة للنظام إعادة تأهيل النظام السوري اقتصادياً وعسكرياً وتشكيل سد جغرافي يمتد إلى حماة غرباً مروراً بريف حمص الشمالي الشرقي وريف الرقة الجنوبي، ومن شأن هذا الشريط الجغرافي أن يكون بمثابة الحاجز أمام “وحدات الحماية الكردية” لمنعها من التوجه نحو الجنوب.
وستمنح هذه المحافظة للنظام القدرة على إعادة فتح الممرات الاقتصادية والعسكرية مع العراق وإيران بشكل مباشر، إذ أن طريق الحسكة ما زال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وتحاول القوات المدعومة أمريكياً عبر السيطرة على المحافظة، تعزير وجودها في المنطقة الجغرافية الحدودية مع العراق، إضافة إلى الحصول على حصة من الثروة النفطية.
وليس معروفاً حتى الآن كيف ستكون التسوية الجغرافية بين روسيا والولايات المتحدة في المحافظة، لكن يبدو أن دير الزور لن تكون خالصة لأي طرف كما هو الحال في الرقة وحلب.