مصر الكبرى

01:47 مساءً EET

الإصرار على محاكمة حسن عبد الرحمن

لا أعرف اللواء حسن عبد الرحمن آخر رئيس لجهاز مباحث أمن الدولة شخصيا، وكنت لا أتمنى معرفته أو مقابلته بالطبع حينما كان فى منصبه، ليس خوفا منه، وإنما لأن الدخول فى دائرة هذا الرجل، بأى شكل من الأشكال، يمكن أن توصم من يتعامل معه بوصمة لا يمكن الخلاص منها، ومع ذلك يجب أن نتأمل سيرة هذا الرجل بعد أن ترك منصبه المهم والخطير، والذى فشل فيه بلا شك، بدليل ما حدث فى 25 يناير.

المتأمل لسيرة حسن عبد الرحمن بعد الثورة، يلمس أن هناك إصرارا واضحا على أن يظل هذا الرجل خلف القضبان، ليس فى تهم تتعلق بفساد جهاز امن الدولة، أو انحرافه، كما حدث مع المخابرات العامة بعد نكسة يونيو 1967، وهى القضية التى عرفت باسم انحراف جهاز المخابرات العامة، وإنما فى أى تهمة حتى ولو لم يكن له صلة بها على الإطلاق.
حسن عبد الرحمن ألقى القبض عليه بعد خروجه من منصبه، وأحيل للمحاكمة مع الرئيس السابق، ووزير داخليته حبيب العادلى إلى جانب خمسة من مساعدى وزير الداخلية الأسبق فى تهمة قتل المتظاهرين، وبرأته المحكمة، لكن قرار إحالة حسن عبد الرحمن للمحاكمة فى تلك القضية يثر علامات استفهام، فمعروف أن باحث أمن الدولة، لا تتعامل مع المتظاهرين بالسلاح، وإنما يقتصر عملها على المعلومات، والقبض والتحقيق، ولم نسمع من قبل أن جهاز أمن الدولة شارك فى قمع متظاهرين فهذه ليست من بين مهامه، ولم يمتد عمل لجهاز إليها. لذلك ربما حصل على البراءة.
والملاحظة المهمة أن المساعدين الخمسة الآخرين الذين برأتهم المحكمة، عادوا إلى منازلهم، بينما أصدر النائب العام قرارا بالتحفظ على حسن عبد الرحمن على ذمة قضية إتلاف وثائق أمن الدولة، وقال عبد الرحمن فى التحقيقات أنه احتفظ بكافة المعلومات الموجودة لدى الجهاز على اسطوانات مدمجة، سلمها إلى المخابرات العامة، ما يعنى انتفاء التهمة من ناحية، كما أن إئتلاف الوثائق كان ضرورة حتى لا تقع فى أيدى الناس العاديين،وما يشكله ذلك من مخاطر على أمن الدولة، وسمعة من تضمنتهم وثائق الجهاز.. ومع ذلك أحاله النائب العام لمحكمة الجنيات بتهمة إتلاف الوثائق الورقية، مما يثير أيضا علامات استفهام حول أسباب الرغبة فى محاكمة حسن عبد الرحمن.
هذه المحاكمة وما سبقها يروج حولها لدى الأوساط المعنية احتمالان:
الأول: أن هناك رغبة من الإخوان شريك السلطة الآن فى محاكمة عبد الرحمن ثأرا منه، أو لأنه يحتفظ بمعلومات عن علاقة الإخوان بالأمن والسلطة فى مصر قبل 25 يناير، وهى معلومات يريد الإخوان ألا تظهر للناس حتى لا تؤثر على الجماعة ووجودها وبين جماهيريها، والمخدوعين بها.
الثانى: أن عبد الرحمن يعلم، بحكم منصبه السابق، الكثير من المعلومات التى لا يرد متنفذون فى الدولة ألا تظهر، لذلك يجب أن يظل حسن عبد الرحمن خلف القضبان فى أية تهمة، ما يعنى أنه حتى لو حصل على البراءة فى قضية إتلاف وثائق أمن الدولة، ستجرى محاكمته فى قضية أخرى.. المهم ألا يخرج إلى النور أبدا.
وحتى تظهر الحقيقة الكاملة لما حدث فى مصر منذ 25 يناير 2011 سيظل الإصرار على محاكمة وإدانة وحبس حسن عبد الرحمن قائما وواردا، ويظل ذلك أحد الألغاز المهمة، فى دولة تتغذى عل الشائعات، وتغيب فيها الحقائق.
 

التعليقات