كتاب 11
الوساطة الكويتية في قطر
في الأنباء أن الكويت تنوي القيام بوساطة بين دول الخليج وقطر بعد حادثة البيان الأميركي المخترق والمنفي، ولكن ليس من الديوان الأميري، ولا باسم الأمير. وقد ذكرتني الوساطة بيوم كانت الكويت تستغل قوتها المادية من أجل
التدخل في جميع القضايا العربية. وقيل يومها إن الكويت تريد أن تعوض بحجم المال، ما تفتقر إليه في الحجم الجغرافي والسكاني.
لا أدري مَن سوف تكلف الكويت من رجالها القيام بدور الوسيط. ربما وزير الخارجية الشيخ الخالد. وإنني أتمنى عليه أن يحمل معه إلى الدوحة ملف كل خطوة، أو رسالة، أو بعثة قامت بها الكويت. جميعها كانت من أجل وحدة العرب. جميعها كانت لحل الخلافات، لا لإشعالها. جميعها لخفض التوتر. جميعها من ضمن إطار الجامعة العربية. وعندما احتل صدام حسين الكويت، لم تتخذ هذه الجريمة ذريعة لإقامة علاقة خاصة مع إسرائيل، ولم تكلف صحفها بلبلة العرب، ولم تمول حرباً إعلامية على أي كان، ولم تأو أي أجنحة معارضة.
كانت الدبلوماسية الكويتية في اتجاه عربي وخليجي واحد: المصالحات والاتحاد. لم تخرب المرة بعد المرة مجلس التعاون، بل لعبت دوراً رئيسياً في إنشائه،وسمّت كبير سفرائها عبد الله بشارة أول أمين عام له.
وأما في الشأن الفلسطيني، أو بالأحرى، خصوصاً في الشأن الفلسطيني، فلم تتخذ الكويت جانب فريق دون آخر، بل ظلت، حتى احتلالها، راعية القضية في كل مكان. وفي كل أدوارها الوساطية، لم تفكر مرة أن تصبح وسيطاً بين فريق عربي وإسرائيل، برغم كل ما كانت تشعر به من مرارة من المواقف العربية البالغة الرداءة، التي أيدت احتلال دولة عربية لأخرى في تعبير حاقد لا مثيل له.
يرجى من الكويت أن توضح للسادة في قطر، أنها تعرضت حقاً لاحتلال، ولم يكن ذلك «مجرد مخاوف من دول الجوار». ولم تقابل الاحتلال العربي بسفارة لإسرائيل وقاعدة عسكرية للولايات المتحدة. وشاركت في ثروتها جميع العرب عن
طريق مشاريع التنمية. ووقف الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في الأمم المتحدة يعلن المشروع الأول من نوعه وهو أن تلغي الدول الميسورة ديون الدول المتعثرة مرة واحدة.
تلك هي السياسة، وذلك هو الدور الذي جعل الكويت دولة «كبرى». إنها لم تفضل