كتاب 11
«ويكيهيلاري» للرئاسة
أعترف، أنني بدأت أتساءل عما تمثله هيلاري كلينتون في الحقيقة – وأعني هيلاري التي لا يمكن للمرء رؤيتها وراء الأبواب المغلقة. ولكن الآن، وبفضل موقع «ويكيليكس»، سنحت لي الفرصة لمتابعة خطاباتها إلى «غولدمان ساكس» وغيره من المصارف، ولقد تأكد اقتناعي أكثر من أي وقت مضى بأنها يمكن أن تكون الرئيس الذي نحتاج إليه اليوم.
وبكل جدية، فإن هذه الخطابات عظيمة للغاية! إنها تعكس الشخصية صاحبة الرؤية، والمنهج العملي لتنفيذ الأمور، والغريزة السليمة لتحقيق التوازن بين الحاجة إلى تعزيز قدرات شبكات الأمان الاجتماعي لدينا مع إطلاق نخبة رجال الأعمال الأميركيين لخلق مستوى النمو المطلوب للمحافظة على استدامة البرامج الاجتماعية.
ولأجل ذلك فإنني أشكر فلاديمير بوتين للكشف عن الآمال الحقيقية للحكم لدى هيلاري كلينتون. كنت أود لو أن الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون تستمر وتبني من خلالها الأسس الراسخة لما تؤمن به وتعتقده.
إنني أؤيد «ويكيهيلاري».
لماذا؟ دعونا نبدأ بما يقوله موقع «ويكيليكس» على لسان هيلاري في فعالية بنك إيتاو البرازيلي في مايو (أيار) عام 2013: «أعتقد أنه يجب أن تكون هناك خطة منسقة لزيادة التجارة.. وعلينا أن نقاوم الحمائية، والأشكال الأخرى من العوائق للوصول إلى الأسواق وإلى التجارة».
كما قالت أيضًا: «إن حلمي هو سوق مشتركة في نصف الكرة الغربي، مع التجارة الحرة والحدود المفتوحة، وأن تكون الطاقة في المستقبل خضراء ومستدامة بقدر ما يمكننا الحصول عليها، وتعزيز النمو والفرص لكل الأشخاص في نصف الكرة الغربي».
إن كلامها هذا كمثل الموسيقى الراقية في أذنيّ. نصف الكرة الغربي حيث تتبادل الدول التجارة مع بعضها، وحيث يمكن لكثير من الناس التعاون والتفاعل للعمل والدراسة والسياحة والتجارة، في المنطقة التي من المرجح أن تزدهر وتنمو مع عدد أقل من الصراعات، لا سيما إذا كان المزيد من هذا النمو قائمًا على الطاقة النظيفة.
دعونا نقارن بين نصف الكرة الغربي أو الاتحاد الأوروبي أو الدول التجارية الآسيوية بالشرق الأوسط على سبيل المثال (حيث القيود الكثيرة المفروضة على تدفقات التجارة والسياحة والعلوم والمعرفة والعمالة بين الدول وبعضها)، ورؤية هيلاري كلينتون إذا ما أصبحت حقيقة واقعة.
إن الطريقة التي جعل بها بيرني ساندرز ودونالد ترامب من التجارة والعولمة ألفاظًا قذرة هي طريقة شديدة السخافة ومثيرة للسخرية. فلقد ساعدت التجارة والعولمة على إخراج كثير من الناس من خط الفقر خلال الخمسين عامًا الماضية بأكثر من أي شيء آخر في التاريخ.
هل نحن بحاجة إلى إجراء التعديلات حتى يمكن تعويض الأقليات من سكان الولايات المتحدة المتضررين من التجارة الحرة وحركات العمالة، وأن يكونوا أكثر حماية وأمانًا؟ أتراهنون على ذلك حقًا؟ إن هذا الأمر يسمى تحديد المشكلة – وليس التخلص من نظام بأكمله نعرفه ونعمل وفقًا له منذ سنوات طويلة مسجلة في التاريخ، ويسهم بقدر كبير في تحقيق التوازن لصالح النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية والمجتمعات الأكثر انفتاحًا.
وفي خطاب لها أمام مجموعة «مورغان ستانلي» بتاريخ 18 أبريل (نيسان) عام 2013، أشادت «ويكيهيلاري» بخطة سيمبسون باولز لتخفيض العجز، التي شملت إصلاح قانون الضرائب من أجل زيادة الاستثمارات وريادات الأعمال ورفع بعض الضرائب وتقليل بعض الإنفاقات والاستحقاقات حتى تكون أكثر استدامة.
ويمكن للشكل النهائي لتلك الصفقة الكبرى أن يتخذ صورًا عدة، كما قالت هيلاري كلينتون، ولكنها شددت خلف الأبواب المغلقة حين قالت: «إن خطة سيمبسون باولز تضع الإطار الصحيح. بكلمة أخرى، علينا تقييد الإنفاقات، وعلينا أيضًا الحصول على العائدات المناسبة، ويجب في الوقت ذاته أن نزيد من تحفيز النمو. فهي خطة ثلاثية الأجزاء».
وإنها على حق. فنحن لن نخرج من هذا الروتين الاقتصادي، ونعمل على حماية الأجيال المقبلة، ما لم تتبادل الشركات، والقطاعات الاجتماعية، والديمقراطيون والجمهوريون الأخذ والعطاء فيما بينهم – وذلك بالضبط ما تدور حوله تسريبات «ويكيهيلاري».
وفي خطاب إلى «غولدمان ساكس» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013، بدت السيدة كلينتون تشير إلى ضرورة إعادة النظر في اللوائح المفروضة على البنوك بموجب قانون دود – فرانك لإصلاح «وول ستريت» وقانون حماية المستهلك، الذي صودق عليه من جانب الكونغرس في عام 2010. وكانت فكرتها تدور حول عدم التخلص من القواعد الموضوعة، ولكن التأكد من أنها لا تفرض الأعباء غير الضرورية التي تحد من الإقراض على المشروعات الصغيرة والشركات الناشئة.
وكما قالت السيدة كلينتون وقتها: «لا بد من بذل المزيد من التفكير حيال تلك العملية، والمعاملات، واللوائح، حتى لا نتعمد قتل أو تشويه ما يعمل وينجح، ولكن نركز جهودنا على الطرق الأكثر فعالية للمضي قدمًا مع القدرات العقلية والقوة المالية الموجودة هنا». ومرة أخرى فإنها على حق تمامًا.
ويمكن أن تجد «ويكيهيلاري» أو مساعديها يتأملون «ضريبة الكربون»، وما إذا كان ينبغي تأييدها من عدمه، كما فعل بيرني ساندرز. ولقد اختارت ألا تفعل الآن، وربما حتى تتجنب هجمة جديدة من جانب الجمهوريين، مع الدعوة لضريبة جديدة في حملة الانتخابات العامة، ولكنني على ثقة من أنها سوف تجعل من تسعير الكربون جزءًا من سياستها المناخية.
عندما أقرأ «ويكيهيلاري»، فإنني أستمع إلى سياسية ذكية، وعملية، ومن تيار يسار الوسط، التي تميل نحو العمل مع كل من مجتمع الأعمال والجمهوريين من أجل أن تسير بأميركا نحو التوسع في التجارة والأعمال الحرة والاندماج في الاقتصاد العالمي، في حين تعمل على مضاعفة الجهود للتخفيف من أعباء العمال الناجمة عن سلبيات هذه السياسات.
وأشعر بالأسف فقط لأن حملة هيلاري كلينتون لا يمكنها التعبير عنها كمثل ما تفعل «ويكيهيلاري» من أجل بناء التفويض المناسب للرئيسة هيلاري كلينتون. وسوف تحوز الاحترام لاجترائها على قول الحقيقة أمام ناخبيها ومؤيديها – وتبرز قدراتها القيادية – ولا تفقد بسبب ذلك الأصوات.
ومع ذلك، وبفضل «ويكيليكس»، فإنني مطمئن إلى أنها تملك التوازن السليم للغرائز حيال القضايا التي أهتم بها للغاية. ولأجل ذلك، ومرة أخرى، شكرًا لك، فلاديمير بوتين، للكشف عن وثائق هيلاري كلينتون. إنها يمكن أن تكون من أفضل الرؤساء في هذه الأوقات.