كتاب 11
لولا توحيد المملكة لاحتجنا لتأشيرة دخول!!!
ماذا يحدث لو لم يقم الملك عبد العزيز رحمه الله بتوحيد المملكة؟ ماذا لو كانت كل منطقة من مناطق المملكة يحكمها حاكم آخر؟ بمعنى أن تكون دويلات صغيرة ، كل دويلة منها لها من النظام السياسي، والاجتماعي، ما يختلف عن الدويلة الأخرى؟
بالتأكيد نحن المواطنون من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب سنحتاج إلى تأشيرة دخول إلى مكةالمكرمة، أو المدينة المنورة، أو الرياض، أو جدة، أو غيرها من مناطقنا ، ومدننا العامرة ، لأن الهوية ستكون مختلفة، والأنظمة ستكون مختلفة، ولن نستطع أن نبحر في البحر الأحمر، أو الخليج العربي لأن تلك البحار التي تطل عليها المملكة الآن، ولها عليها منظومة كبيرة من الموانئ لن تكون ضمن مياهنا الإقليمية، إذ ستكون خاضعة للدويلات الواقعة، عليها وستحكمها حسب أنظمتها، وقوانينها.
إذا لم نذكر للمملكة والملك عبد العزيز رحمه الله سوى هذا الإنجاز وحده لكفانا فخراً ننتشي به كل يوم، ونحتفي به كل يوم..
لستُ بصدد الحديث هنا عن إنجازات المملكة وما حققته منذ تأسيسها إلى الآن فالبناء يتحدث، والعمران يتحدث، والتطوير يتحدث، لم نبلغ مرحلة الكمال فليس هناك من دولة كاملة حتى في أشهر البلدان الغربية التي نتحدث عنها بإعجاب..
من أعظم الأعمال التي قام بها الملك عبد العزيز بعد توحيد المملكة توطين البادية، فالفترة التي عاشها الملك عبدالعزيز كانت مسرحا للحروب ، والسلب، والنهب ، بين القبائل العربية ، لم تسلم منها حتى قوافل الحجاج، وكان الملك عبد العزيز قلقاً من التحولات القبلية، والانتماء للقبيلة وعدم الإخلاص للأرض، وتحوّل الولاءات تبعاً للمصالح،
فكان هذا المشروع الذي يهدف منه إلى ربط القبائل بالأرض عملاً ، وبناء، ليكون الانتماء للوطن لا للقبيلة ، وإذابة القبلية والقضاء على نعراتها، وكوارثها، والارتباط بالأرض، لتقوية المواطنة بالأرض، وباسمها فقط تصان الحقوق الخاصة والعامة، لا فرق بين جميع المواطنين من حضر، وبدو ، ليعلو صوت القانون. ويسود الأمن بدلا من الفوضى ، والاقتتال ، والحروب، ومضى في هذين المشروعين بكل حزم وجدية فحقق الأمن للحجيج، ولكل المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، وهكذا أصبحت المملكة مأوى ليست لمواطنيها فقط، بل لكل مقيم استقربها من غير السعوديين، وهذا ما شهدت به آخر الإحصائيات السكانية التي أجريت الآن ، إذ أن عدد المقيمين من العرب وغيرهم في بعض المدن السعودية يفوق عدد المواطنين..
كان الملك عبد العزيز شخصية توحيدية، من الطراز الأول، يكره الإنفصال ، والمساومة على الأرض، وتصارع الأهواء.. ويمقت الطائفية والمذهبية والمناطقية، وقد شهد له المؤرخون بهذا الفكر المتفتح لأبعد المدى، من هنا كان يومنا الوطني هو يوم ذكرى توحيد المملكة، وحق لنا أن نحتفي به كل يوم فيما نقدمه للوطن من إنجازات، وطموحات، وغايات ، بأيدٍ وطنيّة من كل مواطنيه صغاراً وكباراً، ورجالاً ونساء ، في مختلف أوجه الأعمال والأنشطة لنسمو به ، ونحقق غاية المؤسس الأول في نبذ النعرات التي كان يحاربها، والتي بدأت تنخر في هذا الهدف منذ بدأت الفتن والحروب، تنهش في جسم الوطن العربي، الذي تخطفته الثورات وقضت على مواطنيه وشردتهم، وأصبحوا يتمنون ساعة أمن، ويوم من الأمن ، وشهر من الأمن، ونحن ننعم بهذه النعمة التي قدمها سيدنا إبراهيم عليه السلام في دعوته لمكة ، عندما أسكن فيها زوجته هاجروإساعيل عليه السلام ، فقال تعالى على لسانه : ( ربِّ اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الثمرات) فكان الأمن مقدماً على الرزق فلا هناءة بالرزق في بلد غير مستقر، وأرض غير مستقرة، وحسبنا هذا الذي نهنأ به ونحن نخوض حرب على الحدود في الجنوب، وتأهب مستمرٍ على الحدود في الشمال، ونجاح عظيم ومبهر للحج، وقيادة حازمة من جميع الملوك السابقين من أبناء المؤسس إلى الملك سلمان رائد الثقافة والرؤية ، وزعيم الحزم.. وكل عام ووطني ، وجميع الأوطان بخير..
زينب غاصب
كاتبة سعودية