ثقافة
فلسفة التعليم الانجليزي.. كتاب جديد للكاتبة فتحية صديق
صدر في القاهرة عن دار سندباد للنشر والتوزيع كتاب “فلسفة التعليم الانجليزي وسبل الاستفادة منها”، للكاتبة اليمنية فتحية محمود صديق، والكتاب يقع في 271 صفحة ويتضمن رؤية تطبيقية للمنهاج التعليمي الإنجليزي للمرحلتين التمهيدية والابتدائية، مع استعراض موجز لواقع التعليم العربي خاصة في مجال اللغة.
ويضم الكتاب تقسيمات من بينها مدخل حول المنهاج التعليمي الحديث في بريطانيا، والأهداف العامة للمنهاج، إضافة إلى المحاور الأساسية للتعليم التمهيدي والابتدائي، والتي تتضمن:” الربط بين الموقف والكلمة، التنظيم،استخدام اللغة”، إضافة إلى أهمية كل من : العلوم والتكنولوجيا في المدرسة، الأنشطة المدرسية، التربية الفنية (الرسم)، التوالي ( التعاقب )، ثقافة العمل التطوعي، مفهوم اللعب في المدرسة، مفهوم الصداقة في المدرسة ، وغيرها.
كما يتناول الكتاب بالشرح أهمية دور الأسرة في النظام التعليمي، ويطرح برنامجا تدريبيا لغرص القيم، وخلق الضمير الواعي ومحاسبة الذات، إضافة إلى خلق الوعي بالذات ودعم الادراك النفسي والاجتماعي، تطوير الاحساس بالمسؤلية، تدريب الأطفال على الاختيار السليم”.
وتقول المؤلفة في مقدمة كتابها بأن “الحاجة إلى تعليم يعنى بتربية الانسان العربي تربية شاملة واعداده لتلبية احتياجات التنمية أصبحت مطلبا ملحا ، وهاجسا يؤرق القائمن على التعليم والمفكريين وذوي الاختصاص، وقد أصبحت أوطاننا تعج بالمفاسد المؤدية للهلاك ، وهذه المفاسد سببها أفعال الانسان، الذي كان يوما ما طفلا”.
وتضيف:”تمكن المنهاج التعليمي من وأد خلايا التفكير لديه في مهدها وأعاق قدراته ومهاراته الابداعية والاخلاقية خلال رحلته التعليمية , فأصبح معول هدم لمجتمعه عوضا عن أن يكون رافد بناء , وكأن التعليم سخر لتحقيق هذه الغاية عبر سياسة منظمة وواعية للنتائج المترتبة عليها , وربما أصعبها على الاطلاق حالتي الانهزام النفسي وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين في المجتمع الواحد” .
وأشار إلى أنها أرادت في هذا الكتاب “استعراض وتحليل بعض القواعد التطبيقية للمنهاج القومي The National Curriculum وهو المنهاج التعليمي الانجليزي للمرحلتين التمهيدية والابتدائية واللتان تعتبران أهم المراحل التعليمية والتربوية في حياة الطالب على الاطلاق, اذ أنهما حجري الأساس للمراحل التالية ؛ وما كان لي ادراك هذه التطبيقات من بطون الكتب مهما قرأت وأطلعت، لولا اقترابي من المحك العملي لها”.
وتتحدث عن توجهها إلى تأليف الكتاب قائلا:”كانت البداية في مجتمع المدرسة التي ألتحق بها أولادي والذي لمست فيه جوانب راقية يقف المرء منبهرا أمامها ، أهمها رؤيتهم للأطفال كمخلوقات انسانية بحاجة الى الرعاية, الحماية,الحب ,والاحترام ومن ثم توجيه أقصى الجهود والامكانيات لتحقيق هذه الغايات , ناهيك عن طبيعة التعليم المختلفة والمتميزة والمثيرة للحيرة خاصة بالنسبة للوافدين الجدد الى المجتمع الانجليزي ، حيث أنه لايوجد كتابا مقررا للمادة الواحدة يحمله الطفل , يدرسه , يحفظه ويمتحن فيه في نهاية العام , بل يدفع لاستنباط المعلومات حول الموضوع بالطرق العلمية المتبعة كالتفكير والتجريب و الاستدلال والتخمين والملاحظة والاستنتاج , ويقرأ في أكثر من كتاب توفره المدرسة أما في مكتبة الفصل أو مكتبة المدرسة أو بالذهاب الى المكتبة العامة القريبة”.
وتلفت إلى أنه “و نظرا لأن المدارس تشجع أولياء الأمور على الحضور الى المدرسة للقيام ببعض الأعمال التطوعية مثل قراءة القصص للأطفال والاستماع لهم يقرأون, أو الذهاب معهم في رحلة دراسية أو المشاركة في الأنشطة المختلفة ، كنت غالبا لا أتردد في القيام بأي عمل يطلب مني رغم غياب ثقافة العمل التطوعي في منظومة التعليم التي تربيت ونشأت عليها”.
وتضيف:” وفي فترة لاحقة أتيحت لي فرصة العمل في احدى المدارس وكنت قد التحقت بعدة دورات تدريبية وبرامج تعليمية في طرق التدريس المساندة لتزايد اهتمامي بهذا المجال لما لمسته من فارق كبير بين نظامنا ونظامهم التعليمي , وقد ساعدتني هذه الفرصة على البقاء في المدرسة ساعات أطول و بدأت ألاحظ وأسجل المواقف, وأدون الملاحظات , وأسمع حوار المعلمين مع الأطفال وأرجع الى الكتب التي تتحدث حول فلسفة التعليم والأبحاث التي محورها الطفل ودوره في العملية التعليمية ، حيث تبين أن للطفل قدرات عظيمة وامكانيات هائلة ، وأن مهمة التعليم هو دعم هذه القدرات وتطويرها وصقلها وتوجيهها بهدف اعداده للمساهمة في عملية التنمية ومن ناحية أخرى تطويرشخصيته وايصاله الى مرحلة التكيف مع الذات ومع الآخرين في مجتمع المدرسة وتدريبه على الانضباط الذاتي والنظام والمسؤلية واحترام القوانين والالتزام بها وغيرها من القيم وكنت أرى التطبيقات العملية لها على مدار اليوم الدراسي”.
وتكمل:”ما كان لي أن ألمس أيضاهذا الجانب الآخر من المنهاج لأنه يعد منهاجا خفيا حسب مسماه : The Hidden Curriculum، لولا أن فضولا داخليا عارما تطور لدي لفهم وتفسيير بعض الظواهر الايجابية كنشاط المعلمين وتفانيهم في عملهم منذ بدء اليوم الدراسي التاسعة صباحا (يبدأ المدرسون يومهم قبل الطلبة بساعة أوأكثر للتحضير ) وينتهي في الثالثة والنصف ,الا أنهم غالبا مايبقون في المدرسة لانجاز بعض الأعمال أو لحضور الاجتماع المسائي مع مديرة المدرسة ( مرة في الأسبوع ويبدأ في الرابعة مساء ) أو المشاركة في الأنشطة المدرسية , ومع كل ذلك يمكن أن يستقبلوا أولياء الأمور بابتسامة عريضة في نهاية اليوم ولديهم الاستعداد للأستماع لهم في أمر ما يخص طفلهم . بالأضافة أن المدرسة تخصص يوما في كل فصل دراسي يستقبل فيها المعلمون أولياء الأمور كل على حذا وذلك في الفترة المسائية ((Parent Evening لمناقشة التقريرالفصلي أو السنوي والذي يتضمن تفصيلا دقيقا يعده المعلم/ المعلمة عن مدى التقدم الذي أحرزه طفلهم في كل مادة وماهي المهارات التي أكتسبها، أو أية ملاحظات يرى كل منهما ضرورة التحدث عنها في سبيل تعزيز قدرات الطفل التعليمية أو السلوكية .
وتضيف:” ويبقى المعلمون في المدرسة في هذا اليوم الى الثامنة مساء لاتفارقهم الابتسامة رغم الانهاك البادي على وجوههم.. اما مديرة المدرسة فلاتقبع في مكتبها الا للضرورة ، ولايوجد من يقوم بعمل الشاي والقهوة لها أو لضيوف المدرسة ، حيث لايوجد ظاهرة ( الفراش) بل تقوم بذلك بنفسها , وقد تراها تضع الأكواب المتسخة في غسالة الصحون في غرفة المعلمين الذي يلتقون فيها وقت الاستراحة و الغذاء، أو تصور الأوراق التي تحتاجها وتقوم ببعض أعمال السكرتارية مثل طباعة رسالة لولي الأمر , وتكون أول من يحضر الى المدرسة – الساعة السادسة والنصف صباحا وآخر من يغادرها الا اذا كانت لديها مهمة رسمية”.
وتؤكد على أن ظاهرة التفاني في العمل والنظام والاحساس بالمسؤلية وتقدير جهود الآخرين ومراعاة احتياجاتهم وغيرها لا تجدها فقط في المدارس ولكن في أي موقع عمل في المستشفيات والمؤسسات الحكومية والخاصة وعلى كافة الأصعدة، الأمر الذي خلق داخلها حافزا لمعرفة أسرار تكوين وصياغة الانسان المسؤل .
وترى صديق أن هناك ضرورة فعلية في الوقت الراهن للاسترشاد بتجارب الآخرين وتطويعها لتتوائم مع ثراتنا وثقافتنا لتحقيق التربية الشاملة للطفل العربي وذلك عبر عدة أطر في مقدمتها تبني استرتيجية تعليمية متكاملة تعتمد على النظريات الحديثة في كيف يحدث التعلم لدى الأطفال، ثم يا ادخال برنامجا تربويا تدريبيا يهدف الى خلق منظومة قيم متكاملة لدى الأطفال لدعم السلوكيات الايجابية والقدرة على محاسبة الذات وخلق الضمير الواعي لتمييز الخطأ والصواب والتفكير في عواقب السلوك وتطوير الاحساس بالمسؤلية باستخلاص قواعد تطبيقية مناسبة لمرحلتي التعليم التمهيدي والابتدائي وهما المرحلتين التي تكون قابلية الطفل للتعلم في أعلى مستوياتها والتدرج منها للمراحل التالية .
يذكر أن الكاتبة فتحية محمود صديق حاصلة على درجة الماجستير في الدراسات التربوية وموضوع البحث: تأثير نظام تعيين واختيار معلمي المرحلة الابتدائية في اليمن 2011 جامعة كينجستون/ لندن، ودبلوم الدراسات العليا في الإدارة الإستراتيجية/ كلية U.C.K لندن، وبكالوريوس القانون– كلية القانون والسياسة– جامعة بغداد، وعضو نقابة المحاميين، وعضو الكثير من المؤسسات التربوية المؤهلات العلمية/ لندن.
تعمل خبيرة تربوية في مجال إعداد وتنفيذ وتقييم الأنشطة والبرامج التعليمية في مدرسة الرؤية الجديدة (خاصة في مجال اللغة العربية) وأحد المؤسسين للمدرسة لتطبيق رؤية جديدة للتعليم – تم تقديم مبادرة في منتدى النهوض باللغة العربية في دورته الثانية المنعقد بالدوحة – قطر- بعنوان أهمية الكتابة الإبداعية – يناير 2016 ، ولها حضور بارز بالكثير من المؤتمرات العلمية في مجال تطوير اللغة العربية وتقييم التعليم 2014–2010 ، وقد أشرفت على تنفيذ الكثير من ورش العمل والدورات التدريبية لمعلمي مرحلة الروضة والابتدائية في اليمن وخارجها 2009 – 2001 ، وقد صدر للكاتبة: التعليم من المهد عن دار المطبوعات بيروت 2005، ولها تحت الطبع: الكتابة الإبداعية للصفوف الأول والثاني والثالث الابتدائي بالإضافة إلى الكتابة الإبداعية للصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي، ومجموعة قصص للأطفال.