الحراك السياسي
أحمد أبو الغيط: قلوبنا يعتصرها الألم على خراب سوريا
قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الخميس، إنه ليس خافيًا على أحد خطورة الظرف الذي تمر به المنطقة العربية في هذه الآونة، وهو ظرفٌ تاريخي بالمعنى الدقيق والشامل لهذه الكلمة.
وأضاف في كلمته أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، ورغم ما توالَى على الأُمة، عبر تاريخها الطويل، من أيامٍ صعبة، فإنه لم يحدث أن وجد المواطن العربي نفسه مُحاصرًا ومروَّعًا كما يجري اليوم في بعضِ بُلدانِنا. ويكفي أن نعرف، بكل الأسف، أن الوطن العربي يستأثر وحده بما يقرب من 40% من لاجئي العالم اليوم لنُدرك عُمق المأساة التي ألمت بنا، وفداحة الوضع الذي نواجهه.
وأضاف أن قلوبنا يعتصرها الألم لمشاهد القتل والتشريد والخراب في سوريا، والذي لم يستثنِ الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ، وما من شكٍ في أن استمرار هذه الأزمة، بتكلفتها الإنسانية الفادحة، يُمثل وصمة في جبين الأمة، ومصدر حُزن لكل عربي غيور على مكانة أمته ومستقبلها في العالم.
لقد بلغت الأزمةُ السورية حدًّا غير مسبوق من التعقيد والتداخل بين أطرافها، بحيث صار هذا البلدُ العربي العتيد العريق مسرحًا لصراعات ومنافسات قوى خارجية لا تهمها المصلحة العربية بل مصالحها الذاتية، ولا تأخذ بعين الاعتبار ما يُكابده الشعب السوري من معاناة هائلة.
واستطرد، إن الواقع يقول إنه لا يوجد حل عسكري في سوريا، وإن أي حلول تُفرَض بواقع القوة وبمنطق الإجبار لن يُكتَبَ لها الاستمرارية أو الدوام، ليس هناك سبيل للخروج من المأزق الحالي سوى بالتفاوض من أجل الوصول إلى حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها الوطني، ويُلبي في الوقت ذاته طموحات الشعب السوري وتطلعاته المشروعة.
ولا يقل أهمية عن ذلك أن تظل سوريا، كما كانت دومًا، رُكنا ركينًا في النظام العربي.. إن عروبة سوريا صارت مسئوليتنا جميعًا، والتفريط فيها جريمة، والذود عنها فرضُ عينٍ قومي وسياسي وأخلاقي.. ولهذا فلا يستقيم أن تتوالى مُبادرات للحل والوساطة في سوريا دون أن يكون بينها مُبادرة عربية شاملة وتوافقية… يتعين علينا العمل سريعًا من أجل استعادة وتنشيط وتفعيل الدور العربي الجماعي في الأزمة السورية.. ليس منطقيًا ولا سليمًا أن تظل جامعتكم هذه، وهي رمز إرادة الأُمة ومحل تطلع شعوبها، بعيدةً عما يجري في سوريا، أو مُستبعدةً مما يُدبر لمُستقبلها.
وقال “أبو الغيط”: لا ينسى بيننا أحد أن فلسطين تظل قضية العرب الأولى، إن استمرار هذه القضية من دون أفق واضح المعالم لحل دائم وشامل وعادل سيظل أكبر عائق أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة، وهو أمرٌ لن تنعكس تبعاته على الشعب الفلسطيني الصامد فحسب، وإنما على العالم أجمع. إن إسرائيل تُمعن في انتهاكاتها المتواصلة وسياساتها الاستيطانية بصورة غير مسبوقة، وبهدف لا تخفيه حكومتها الحالية وهو تقويض حل الدولتين والقضاء على أي أفق محتمل لإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وما دام العالم وأقطابه الرئيسية ظلوا على هذه الحال من التحلل من المسئولية وانعدام الرغبة في بذل الضغوط اللازمة على دولة الاحتلال، فإن المنطقة ستبقى عُرضة لموجات التطرف السياسي والديني.
وشدد في كلمته على أن الجامعة العربية منظمة إقليمية وحداتها من الدول، وهي معنية في المُقام الأول بكيان الدولة الوطنية، بصون استقلالها وتعزيز سيادتها وحماية شرعيتها، ولو حدث واهتز كيان الدولة الوطنية في قُطر من الأقطار، فإن النظام الإقليمي كله يضطرب ويصيبه الضعف والاهتراء.. لهذا أقول بعبارة واضحة: إن شرعية النظام العربي كله ترتكز على شرعية دُوله الوطنية.