مصر الكبرى

05:21 مساءً EET

لماذا فاز مرسى؟

كيف لهؤلاء الذين تعودوا على استنشاق رائحة المجارى أن ينتبهوا لرائحة الياسمين؟ ورائحة المجارى هى بوضوح الهوس الدينى المنتشر منذ عقود فى ارجاء مصر، ولهذا فقد معظم المصريين الاحساس بجمال الحياة والحرية والدولة المدنية، واصبحوا يعادون كل ما هو جميل ورائع، ويتجهون إلى المخدر الدينى لمعالجة التعاسة المتزايدة فى القطر المصرى، ويحملون أمريكا والغرب سبب مشاكلهم، ويتغاضون عن رائحة العفن الصحراوى القادمة مع دولارات النفط، وهكذا يصل الإنسان إلى استعذاب القبح وكراهية الجمال، والخروج من النادى الإنسانى، والإنعزال عن الحضارة المعاصرة مثل اهل الكهف، والدوران فى دائرة مفرغة من التعاسة والغباء والوهم وعالم الميتافيزيقا…. ولهذا فأن فوز مرسى هو محصلة طبيعية لعقود من القبح.

مصر تتجه بسرعة من القرون الوسطى إلى العصر الحجرى،ومع تسارع حركة التاريخ يتسارع معدل التخلف الدينى والاجتماعى والجهل العام فى مصر، وهكذا ينطبق علينا قول نجيب محفوظ " إن لم ينقرض الجهل من بلداننا فسيأتى السياح ليتفرجوا علينا بدل الأثار". إن المشكلة التى تواجه العالم كما يقول برتراند رسل أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائما، أما الحكماء فتملأهم الشكوك،فإذا كانت هذه هى سمة البشر عموما فماذا تكون عندما يتحالف الجهل المقدس مع الجهل العام، والإستبداد الدينى مع الاستبداد العسكرى.إن العملية الانتخابية الرئاسية كانت أكثر نزاهة بكثير من الأنتخابات البرلمانية، ولكن من قال أن الديموقراطية الصندوقية هى أفضل الخيارات بالنسبة للشعوب المتخلفة، وإذا كان جون كيندى يقول أن جهل ناخب واحد فى نظام ديموقراطى يضر بأمن المجتمع كله، فماذا يحدث عندما يكون الجهال أغلبية ويكون الجهل مقدسا؟.
بالنسبة لى على مدى عقدين وأنا اعارض نظام مبارك وقلت عن الاخوان والحزب الوطنى منذ سنوات طويلة أنهم أخوة فى الرضاعة ووجهين لعملة واحدة ويمثلان الايدز والسرطان، فلهذا من الطبيعى أن استمر فى المعارضة حتى سقوط الوجه الآخر للعملة.بالنسبة للأقباط لا تنزعجوا كثيرا، فاحوالكم لن تتدهور كثيرا عما كانت عليه فى عهد مبارك، بل على العكس سيراعى الأخوان حساسية الملف القبطى فى السنوات الأولى على الأقل، ولهذا توقفوا عن لطم الخدود وشق الجيوب والعويل والندب وإدمان الشكوى  وتوحدوا فى قوة سياسية فى الداخل والخارج تستطيع أن تساند وتعضد المعارضة المدنية وتصنع منكم رقما صعبا فى المعادلة السياسية.المشكلة الأكبر تواجه مصر وليس الأقباط، حيث اختار المصريون عبر انتخابات حرة العودة للماضى والرجوع إلى زمن أهل الكهف والسلف الطالح…. فهنيئا للمصريين اختياراتهم،ولا عزاء فى مصر المحروسة..

التعليقات