كتاب 11
“البيئة والثقافة والقدوة “..مكونات السلوك(1-1)
أصبحنا نتحدث كثيرا عن الانفلات الأخلاقي والسلوكي الذي أصاب معظم المجتمعات العربية في الفترة الأخيرة والذي تطور بشكل مخيف في السنوات الست الأخيرة ،فأصبح الغير مألوف “الشاذ”مألوف ومقبول وأحياننا مطلوب تغير الذوق العام وأصبح “الرويبضة” يتحدثون في شؤون العامة ..وأصبح طريق الشهرة ” له متطلبات خاصة تسلك سلوك “شاذ”بالإضافة إلي السطحية والتافهة لا تعرف حدود للأدب ولا ثقافة للحوار.
لقد فقدنا مكونات السلوك الثلاثة “البيئة والثقافة والقدوة ” ..فالبيئة اختلط فيها الحابل بالنابل وساد فيها النقائص الموجهة التي هدمت كل شيء وأصبحنا نواجه حرب شرسة من المفردات والألفاظ الخارجة تحاصرنا في كل مكان …في البيت من خلال وسائل الإعلام وأهمها “التلفزيون” وخصوصا الإنتاج الدرامي الذي نقل لنا الشارع بكل ما يحويه من سوقية لفظية وفعلية وتصرفات غير أخلاقية بالإضافة إلي واقع الشارع نفسه وصول إلي العمل والمدرسة والمصنع والحقل والهيئة والميدان كل أماكن العمل اندثر في اغلبها الأخلاق ..
فتلك هي بيئة خصبة لإنبات وترعرع كل الموبقات اللفظية والعملية واعتقد أن مكون البيئة الغير صالحة للإصلاح والصالحة للإفساد متوفر وينمو بسرعة التغيير اللفظي والعملي في المجتمع المصري خصوصا والعربي عموما ..لان البيئة المصرية مؤثرة بشكل كبير في اغلب الدول العربية نظرا لما نتمتع به من وسائل نقل سريعة ومنتشرة ومنها الدراما التلفزيونية والأعمال السينمائية خلال شهر رمضان خصوصا وعلي مدار العام عموما .
فالقيم الاجتماعية تولد من خلال البيئة المحيطة ومدي تأثرها بالمؤثرات الخارجية الإعلامية هي تلك الصفات والخصائص المرغوب فيها والغير مرغوب فيها من قبل الجماعة ،والقيم هي مجموعة المبادئ والتعاليم والضوابط الأخلاقية التي تحدد سلوك الفرد مع الجماعة التي تعيش فيها ، وتوضح له الطريق الذي يسلكه في القول والفعل بالإضافة إلي دوره في المجتمع بشكل عام سواء سلبي أو ايجابي .
وحتى نحول البيئة من فاسدة إلي صالحة لابد أن نعيد أمور كثيرة إلي نصابها ،فلن تستطيع المدارس ودور العبادة من “مساجد وكنائس ” القيام بالدور بمفردة ولن يستطيع الإعلام المقروء والمكتوب والمرئي أن يوثر بشكل ايجابي حتى لو تم وضع ميثاق شرف إعلامي ولن يضبط القانون قاموس المفردات والتصرفات الغير أخلاقية وحتى نصنع بيئية سلوكية مناسبة وأخلاقية في القول والفعل ،علينا أن نضع أيدينا علي كل مكونات هذه البيئة ووسائل تصحيح مسارها .
أن مكونات السلوك الأساسية “البيئة والثقافة والقدوة ” تحتاج إلي دراسات عميقة لوضع حلول تصحيح المسار السلوكي لدي الأفراد وسأحاول في المقال المقبل التحدث عن الثقافة ومدي وتأثيرها علي سلوك الأفراد والجماعات وأيضا دور القدوة في تكوين السلوك الإنساني في المجتمعات العربية