كتاب 11

11:47 صباحًا EET

إعادة هيكلة!

سلسلة من القرارات الملكية الكبرى استقبلها السعوديون في نهاية أسبوعهم الماضي، قرارات لافتة ومهمة ومؤثرة على أكثر من صعيد. ولعل أبرز ما جاء في هذه القرارات هو اتجاه الدولة لتقليص دور «الحكومة» وتصغير بعض أجهزتها لتكون أكثر فعالية وقدرة وتأثيرًا، وهذا الذي فسر تغيير مسميات بعض الوزارات وإلغاء البعض الآخر.
كان من اللافت جدًا أن السعودية باعتبارها الدولة الأهم والأكثر تأثيرًا في سوق النفط، قررت إعادة تسمية وزارة النفط ليكون المسمى الجديد بلا ذكر للنفط فيها، وكأنها بذلك تهيئ لشعبها الاستعداد والقبول النفسي لمرحلة ما بعد النفط التي وعدت بها الرؤية المسماة 2030، وكذلك كان قرار إعادة تسمية بعض الوزارات الأخرى لتأكيد أولويات الحكومة وتوجهها؛ فوزارة التجارة ضمت معها في التنظيم الجديد مهمة الاستثمار ليصبح مسماها وزارة التجارة والاستثمار، ليكون التركيز المنتظر والمتوقع على سياسة متناغمة بين التجارة والاستثمار سواء كان المستهدف رجل الأعمال الوطني السعودي أو العربي أو الدولي. أيضًا حصل تطوير ملحوظ في مسميات وزارة الطاقة التي كانت البترول سابقًا لتضم الصناعة والكهرباء والثروة المعدنية، وهو تطور منطقي ومفهوم، لما في ذلك من تناغم وتكامل وتواصل بين القطاعات المذكورة، وخصوصًا نية السعودية المصرح بها سابقًا عن طريق شركة «أرامكو» برغبتها في الانتقال من شركة نفطية إلى شركة طاقة ستقدم خدمات الطاقة البديلة بشتى أنواعها ذات يوم، وهو تمامًا الذي انعكس على الوزارة الجديدة في توجهها، وكذلك إدراك الوزارة أن الصناعة ستكون جاذبة للاستثمار إذا ما تمكنت الدولة من تقديم أسعار مغرية ومنافسة للطاقة بشكل مميز ومستدام.
وكذلك تم ضم المياه مع الزراعة والبيئة، واللافت هو إضافة مسمى البيئة في كيان وزاري بعد اتهامات عالمية ضد السعودية بأنها غير جادة في التعامل مع الملف البيئي باعتبارها دولة نفطية، والنفط كما هو معروف يروّج له في الغرب بشكل مستمر أنه أحد أكبر من تسببوا في تلوث المناخ وبالتالي تدمير البيئة.
وكان لافتًا ضم وزارة العمل مع التنمية الاجتماعية (التي انتقل مسماها من الشؤون الاجتماعية إلى التنمية الاجتماعية) لتكون النظرة تنموية بدلاً من النظرة الرعوية القديمة، وفي ذلك ربطه بسوق العمل والعمل بكرامة، وضمت للوزارة شؤون الأوقاف التي من الواضح أنها ستكون لرعاية الشأن الخيري والاجتماعي بشكل أساسي، وبالتالي كان من الطبيعي ضمها لوزارة متخصصة في الشأن ذاته.
وبشكل صريح ورسمي وعلني اعترفت السعودية بحق المواطنين في الثقافة والترفيه، واعتبرت ذلك من شؤون التطوير والإصلاح الاجتماعي، وأُسس لها هيئتان مستقلتان لإطلاق تلك الخدمات التي ستقدم من خلالهما وعبر وسائل مختلفة تحد من الصرف العشوائي والسفر بأعداد عظيمة بحثًا عن الترفيه البريء، وبالتالي توفيره محليًا كبديل منتظر. كل هذه الخطوات تأتي في إطار إعادة هيكلة، فليس سرًا أن بعض الأجهزة كان أصابها وهن وترهل لتكدس البيروقراطية فيها، فتأتي هذه الخطوات المهمة لتحد من تلك الظواهر السلبية، وهي نقلة في الاتجاه السليم.

التعليقات