أفضل المقالات في الصحف العربية

07:23 مساءً EET

رد على بيان الجيش: خارطة المستقبل كما أراها

ًيقع الشعب المصري العظيم في شر أعماله لو وقع في فخ الإجراءات كبديل عن بناء معمار جديد للوطن من خلال رسم هندسي سليم يثمثل في دستور عصري يتوافق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويدخلنا الي العالم الحر من اشرف بوابات النضال الشعبي. ما نريده اليوم ليس انتخابات رئاسية مبكرة أو برلمانية مبكرة لان الناس لم تخرج بالملايين لخلق وظائف لمن يريدون ان يكونوا في الأضواء الان، نريد ان نبني وطنا ليس لنا فقط وإنما وطن يفخر به أبناؤنا عندما يرثونه بعدنا. نريد معمارا ديموقراطيا للوطن نستطيع ان نتحرك ونتنفس فيه بسهوله وليس وطنا خانقا كشقق الأحياء الشعبية . الشعب لايريد شقة خانقة يسكن فيها. الشعب يريد بيتا فيه مكان للحيوان قبل الإنسان . مرة أخرى وبعبارة أقصر : الدستور قبل كل شيء.

من حظ المصريين اليوم ان لدينا جيشا مخلصا لهذا الوطن تحرك في الوقت المناسب من منطلق مسؤوليته الوطنية والتزامه الأخلاقي ومن اجل شعب لم يجد من يحنو عليه ويرأف به وبظروفه الصعبة. 
على الجيش ان يوسع عدسة الرؤية ليرى نفسه والوطن في سياق عالمي وإقليمي أوسع فبعد الثورة لا نريد جيشا يقل عن اهم جيوش الجوار.  
مهم قبل كل هذا ان تزيح الستار عن بعض الخرافات وأولها خرافة الرئيس الشرعي ، فإن كان  بعض المصريين صوتوا بأيديهم في الصندوق لمرسي وكرها في شفيق ، فانه وبعد يوم 30 يونيو صوت أغلبية المصريين بأقدامهم هذه المرة عندما خرجت الجموع الهادية تملأ الشوارع وهذه الجموع هي التي أقنعت الدول العظمى وأقنعت الجيش بأن شرعية نظام الإخوان قد انتهت . إذن  خرافة الشرعية انتهت بخروج مصر عن بكرة أبيها الي الشوارع. 
شيء آخر يكرره من يريدون الحكم على طريقة النظام القديم، انهم لا يستطيعون التعايش مع مظاهرات كل شهر ضد الرئيس . لو كانت المظاهرات بهذه الأعداد في اي مجتمع ديموقراطي فان خللا حقيقيا قد حدث في نظام الحكم. ولابد لأي نظام حكم ان يعدل من وضعه فلا مشكلة في التظاهر في الديموقراطيات.
خرافة أخرى يكررها أنصاف المثقفين وهي خرافة آليات الديموقراطية. الديموقراطية ليست آليات كالصندوق وخلافه، الديموقراطية أساسها المرجعية الثقافية التي تؤمن بحرية الفرد المطلقة ( رجل وامرأة) الفرد الذي يختار بعيدا عن ضغط الأسرة والدين أو الشلة. وجود الآليات لا يعني وجود الديموقراطية. الشعب في 25 يناير كان يطالب بالحرية ونظام الإخوان لا يعرف معنى الحرية ولا يمارسها من حيث حرية الرأي والفكر والاعتقاد. 
 
بعد ان فندنا هذه الخرافات، يمكننا الآن الحديث عن خارطة المستقبل التي يقترحها الجيش والإجراءات المصاحبة. لابد ان نتحدث عن خارطة المستقبل فالكلمة المهمة المفتاح في بيان الجيش هي كلمة المستقبل وهذا يعني دستور ليس لمصريي اليوم وإنما لأجيال المستقبل. إذن هو الدستور لا الانتخابات المبكرة. دستور لا يقصي أحدا بمعنى انه يقضي أيضاً على دكتاتورية الجغرافيا بحيث ينتخب الناس محافظيهم ورؤساء مدنهم، بحيث لا تهمل سيناء ولا الصعيد ونتخلص وإلى الأبد من الاستعمار الداخلي الذي جاء في أبشع صوره في حالة حكم الإخوان المسلمين.
بداية خارطة المستقبل هي ان يتوارى عن المشهد كل من يطمح في منصب أو في "شو " اعلامي فنحن نرسم مستقبل وطن ولا نرسم ملامح حفلة عشاء حيث يريد الجميع ان يكونوا مدعوين إليها. ليتوار هؤلاء قليلا، فالوطن اهم. 
مهم لنا جميعا ان نثق في هذا الجيش لأنه جيش مختلف. أخر من تدربوا في الاتحاد السوفييتي ويؤمنون بديكتاتورية الجيش كان عنان وطنطاوي، أما السيسي ومن تحته فهؤلاء تدربوا في دول ديموقراطية تعرف معنى علاقة الجيش بالمجتمع . وكان هذا واضحا في بيان الجيش.
نصيحتي الشخصية هي ان تنصب المعارضة الدكتور محمد البرادعي مفاوضا بينها وبين الجيش فهو رجل متمرس فوض في ملفات معقدة عالميا ولا يتم التشويش عليه فقط نمنحه فريق عمل مساعد. أما ان ندخل من الان في مزاحمة الرجل من اجل " الشو" الأعلامي فسنقع في فخ جماعة العبط ذاته، والتي بدأت بلجنة الحكماء التي ادخلت مصر في هذا المأزق وهي مسؤولة مسؤلية تامة عما حدث، فلقد قدمت أنصاف الحلول وبداية الخراب.
الأساس هو خارطة للمستقبل لمجتمع ديموقراطي ليس للآن فقط، وإنما لجيل الغد.

التعليقات