أفضل المقالات في الصحف العربية

11:02 مساءً EET

ما قلته لمبارك 31 يناير قبل التنحي أقوله بالحرف لمرسي

ماذا يعنى تغيير نظام الحكم؟   بقلم   د.مأمون فندى    ٣٠/ ١/ ٢٠١١

بالأمس كانت مصر مثل عربة مالت على جنبها وكادت أن تنقلب فى الترعة لولا شيئين: ظهور الجيش فى الشارع وخطاب الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ولو تحدث بصفته رئيس الحزب الوطنى لكانت العربة فى الترعة قبل بزوغ شمس السبت، الحزب الحاكم لمصر ليلة السبت كان شباب المظاهرات والجيش ولم يكن هناك حزب حاكم غيرهما وأى أحد يقول غير ذلك فهو كاذب.
مهم قبل أن ندخل فى «تغيير النظام» أن ندرك لماذا تأخر خطاب الرئيس، الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة لم يكن ليتحدث قبل أن يعطيه أبناؤه «التمام» بالسيطرة على البلد، والسيطرة هنا بمعنى الاحتلال أى أن الجيش نفذ عملية كأنه سيحتل دولة أخرى،
 تحكم فى مفاصلها الرئيسية وما كان له ولا حتى فى قدرته أن يدخل فى اشتباكات فى عاصمة قوامها عشرون نسمة، تأخر الرئيس فى خطابه لأنه كانت هناك مناقشات حادة ولمدة طويلة بينه وبين قادة أركانه وفى غرف لا يدخلها أحمد عز ولا شلة العيال اللى «لبسوا مصر فى الحيط» وربما توصل الجيش مع قائده إلى الصيغة التى نراها على الأرض الآن، سيطرة للجيش ربما تستمر لفترة، ولن يطلق الجيش طلقة على مواطن مصرى فالجيش المحترم لن يلطخ تاريخه المشرف بإراقة دم المصريين.
على عكس ما قاله الإعلام تحدث الرئيس الأمريكى باراك أوباما مع الرئيس مبارك قبل خطاب الرئيس وليس بعده وقلت ذلك بالأمس صراحة على قناة العربية ثم جاءت التقارير لتأكيد حدثى ولم يتحدث مع الرئيس أوباما فقط بل تحدث معه الكثيرون ممن لديهم مصلحة فى استقرار مصر ليس مصر البلد فقط وإنما مصر كوحدة أساسية فى استقرار إقليم الشرق الأوسط برمته، تأخر الرئيس فى خطابه لأن اللاعبين الأساسيين فى الداخل والخارج كانوا يحاولون التوصل إلى صيغة استقرار لهذا البلد المهم فى الشرق الأوسط.
ولكن الرئيس عندما تحدث كنت أتمنى ألا يتحدث وكأنه فى مؤتمر الحزب الوطنى، كنت أتمنى أن تكون اللغة مختلفة، لغة تخاطب الشارع ربما بالعامية وليست بلغة القانون والدستور والمحاكم كنت أتمنى ألا يتحدث كمواطن مصرى بل كقائد أعلى للقوات المسلحة لأن الشرعية فى مصر اليوم ليست لرجال الاقتصاد وجماعة رشيد محمد رشيد وبطرس غالى، الشرعية الوحيدة الباقية فى مصر والتى يتراضى عليها كل المصريين هى شرعية جيش وطنى نفتخر به ماعدا ذلك «فكله فشنك».
إقالة الوزارة ترسل رسالة للداخل والخارج وكأن ما حدث فى مصر بالأمس كان مشكلة سباكة أو ماسورة ضربت تحتاج إلى فنيين لإصلاحها.. سيدى الرئيس ما حدث فى مصر يحتاج إلى توجه استراتيجى جيد، يحتاج إلى تغيير نظام الحكم الذى طالب به الشباب وتغيير نظام الحكم لا يعنى التخلى عنك، تغيير نظام الحكم يعنى إدراكاً استراتيجياً لما حدث وسيحدث لمصر،
تغيير نظام الحكم يعنى تغيير المنظومة القيمية الحاكمة للنخبة وللمجتمع، تغيير نظام الحكم يعنى أن تكون مصر لكل المصريين بلد كفاءة لا بلد مكافأة، تغيير نظام الحكم يعنى أن يعرف الناس كى تحول مجموعة ممن اقترضوا من البنوك فى الثمانينيات مبالغ تصل لنصف مليون دولار فقط كى تحول هؤلاء الذين كانوا غلابة إلى مالكى المليارات، ما هى قيم السرقة والنهب والاحتيال التى أوصلتهم لهذا، لا يمكن لأى أحد ولو كان فى كازينو قمار أن يحول مليونى دولار فى الثمانينيات إلى مليارات عام ٢٠٠٠.
تغيير نظام الحكم يعنى معاقبة الفاسدين على الملأ وإنهاء حالة الشللية القائمة وكما يقولون «اللى مايشوفش من الغربال أعمى».
أزمة البلد سيدى الرئيس هى أزمة شرعية ولا تتصور أبداً أن الشباب الذين خرجوا بالأمس سيهابون ضابط الشرطة مرة أخرى، الأمن المركزى والشرطة بأمن دولتها وغيره كانت كما قالت صوت مصر السيدة أم كلثوم «كان صرحاً من خيال فهوى» لقد انقشع الخوف من المصريين لقد خرج الجنى من القمقم.
سيدى الرئيس فى كل نظريات الحكم التى نعرفها لا يمكن أن تحكم بلداً قوامه ثمانون مليوناً إلا بالتراضى، هناك نقطة فى زيادات السكان فى البلدان متى ما ماصلتها لابد أن تغير نظام الحكم من حكم سلطوى إلى حكم بالتراضى إلى عقد اجتماعى جديد وأول خطوة نحو هذا هى حل مجلس الشعب الفاقد للشرعية بحكم الداخل والخارج والدعوة إلى انتخابات جديدة.
سيدى الرئيس بعد انتخابات مجلس الشعب المزورة دعوت سيادتكم لأن ترشح نفسك مستقلاً فى مقال طويل فى صحيفة الشرق الأسوط لأنه يجب ألا نلوث شرعية القائد العسكرى بشرعية الحزب.
سيدى الرئيس لابد أنكم لاحظتم الرمزية الكبرى فى حرق المقر الرئيسى للحزب الوطنى إنها رمزية واضحة للعيان يراها القريب والبعيد، هناك عتبة سيدى الرئيس للغطرسة إذا ما تخطاها أى نظام انقلب عليه الشعب، وقد كتبت محذراً من مغبة ذلك فى مقال فى «المصرى اليوم» بعنوان «العتبة قزاز» أتمنى أن تقرأه مرة ثانية الحزب الوطنى تخطى هذه العتبة عندما داس على كرامة الناس لهذا انقلب عليه الشعب.. سيدى الرئيس تغيير الوزارة لا يكفى لابد من تغيير نظام الحكم.

 

التعليقات