عرب وعالم

06:40 مساءً EET

“صحيفة بلجيكية”:سوريا بداية لفترة طويلة من الحروب بالشرق الأوسط

نشرت صحيفة “ده مورخن” البلجيكية اليوم الثلاثاء، ملفاً كاملاً من 12 صفحة بمناسبة مرور 5 سنوات على اندلاع الثورة السورية، وهو الملف الذي اختارت الجريدة أن يكون تحت إشراف الناشط السوري إياس قعدوني والمقيم حالياً في بلجيكا بوصفه رئيس تحرير زائر، والذي تصدرت كلماته الصفحة الأولى من الجريدة تعليقاً على صورة فتاة سورية تدعى هيا كانت غلافاً لملحق الصحيفة، التقطت الصورة للطفلة وهي في طريق هروبها من مدينتها حمص في 2012 متجهة إلى تركيا.

وبحسب الصحيفة، يقول إياس قعدوني: “نظرة عيني الطفلة هيا تجعلني لا أفكر إلا في إنقاذ ما تبقى من مستقبل لبلادنا، نظرتها تمنحني قوة هائلة للتفكير في مستقبلها ومستقبل الأطفال في مثل عمرها، ربما يكون جيلنا نحن قد ضاع إلى الأبد، ولكن علينا الآن أن نفعل كل ما بوسعنا لننقذ هيا وأقرانها من الأطفال السوريين، هؤلاء الذين فتحوا أعينهم على الحرب، علينا أن نهتم بمستقبلهم بعد هروبهم من جحيم بشار الأسد”.

ويأتي هذا الملف اللافت في لحظة تاريخية مهمة كما تشير الصحيفة في افتتاحيتها الرئيسية: “عشية مرور خمس سنوات من الحرب في سوريا، يفاجئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأصدقاء والأعداء، على حد سواء، بانسحاب قواته من سوريا اعتباراً من اليوم، لأن “القوات الروسية خلقت الظروف المناسبة لإجراء محادثات سلام بين الأطراف المتنازعة” على حد تعبيره.

وتضيف الصحيفة في افتتاحيتها متسائلة: “أين محادثات السلام التي يتحدث عنها بوتين، بعدما دمرت المدن السورية بكاملها وصارت خراباً”؟!

الغرب يختار الأسد
وتضمن الملف تسلسلاً زمنياً بأحداث الثورة السورية منذ بدأت المظاهرات تجتاح عدة مدن سورية يوم 15 مارس (آذار) 2011، وحتى يومنا هذا، وشهادات لعدد من النشطاء السوريين، من بينهم ورد فوراتي (28 عاماً) الناشط السوري البارز من مدينة دير الزور، والذي يقيم حالياً في مدينة حلب، والذي يحاول عبر شهادته المنشورة بالملف أن يشرح ملابسات المشهد السوري للقارئ الأوربي، فيحاول إظهار الفروق التي كانت واضحة في البداية بين الأطراف المتصارعة، بدءاً من الجيش السوري الحر وجيش بشار الأسد ثم ظهور الفصائل الإسلامية مثل جبهة النصرة وداعش والميلشيات الأخرى.

كما تضمن الملف شهادة للسورية هبة عز الدين (30 عاماً)، والتي تعرفها الصحيفة بأنها كاتبة هربت من حلب إلى تركيا ومنها إلى هولندا التي تقيم بها حالياً، وتسرد هبة عز الدين في شهادتها رحلة هروبها، منتقدة إغلاق الحدود المقدونية أمام آلاف اللاجئين السوريين الآن، قائلة: “إغلاق الحدود ليس حلاً، لأن الحرب لم تمنع هروب اللاجئين من سوريا، فهل ستوقفهم الحدود المغلقة”؟

وتضمن الملف ايضاً مقالاً طويلاً للكاتب البلجيكي لود دلبوتا تحت عنوان “اصمت، يسمح للأسد بالبقاء”، والذي يشرح فيه كيف تحول بشار الأسد إلى البديل الأفضل لدى الغرب مقارنة بداعش، وبالتالي تمسكوا ببقاءه حتى اليوم خوفاً من أن يزداد توسع داعش حتى يمتلك كامل الأراضي السورية.

كما تضمن الملف حواراً مطولاً مع الباحث الفرنسي خيليس كيبل المتخصص في العالم العربي والحركات الإسلامية، والذي أكد من خلاله على أن: “سوريا لن تكون الدولة الأخيرة التي تشهد هكذا خراب وحروب مدمرة، سوريا مجرد بداية فقط لما ستشهده منطقة الشرق الأوسط من فترة حروب طويلة قادمة، وسوف يكون تأثيرها على الغرب كبيراً”.

الموت كخلاص أخير
كذلك تناول الملف أثر الحرب في سوريا على من عايشوا ويلاتها، وكيف يتعامل الهاربون منها اليوم مع مشاهد القتل والعنف التي رأوها بأعينهم قبل فرارهم، وهو ما يتجلى في تحقيق مثير كتبه مارتن راباي، يتناول من خلاله عدداً من شهادات اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء بالأردن، ويجري حواراً مع الطبيب النفسي السوري أحمد بوانيه الذي يقوم بعلاج آلاف الحالات من الأطفال المصابين بالصرع، والذي يعدد عشرات الحالات المحزنة التي يقابلها يومياً، كان آخرها كما يقول: “حالة أم حاولت الانتحار حرقاً أمام أطفالها الأربعة، بسبب عدم قدرتها على تحمل الحياة، بعد اختفاء زوجها في حمص، وهروبها مع الأطفال إلى مخيمات الأردن، استطعنا إنقاذها أكثر من مرة، لكننا الآن بدأنا نلاحظ التأثير الذي خلفته محاولات انتحارها على أبنائها الأربعة، أصبحوا هم أيضاً غير راغبين في الحياة، وكل ما يشغلهم كخلاص من هذا الواقع المؤسف هو الموت”.

التعليقات