أفضل المقالات في الصحف العربية
«تمرد» تطلب الخلع بعد عام من زواج «الإخوان»
بمناسبة مرور عام على انتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر، دعت حركة «تمرد» للتظاهر يوم 30 يونيو (حزيران) الحالي، للمطالبة بإسقاطه. فرغم مرور اثني عشر شهرا على ولايته، لم يحقق الرئيس مرسي أيا من الوعود التي قطعها على نفسه عند انتخابه، ولم ينفذ أيا من مطالب الثورة التي أتت به إلى السلطة. وبدلا من تنفيذ المشروعات التي تحقق الرخاء والحرية لشعبه، يكرس الرئيس عمله من أجل فرض سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها، على أجهزة الدولة. وبينما يطالب الرئيس شعبه بإعطائه مهلة أطول لتحقيق مطالبه، يقول الشباب المعارض إن كل يوم يمضي في رئاسته يأخذ الوطن بعيدا عن طموحاته، حيث إنه يسير في اتجاه معاكس لما تريده الجماهير.
ظهرت حركة تمرد للمرة الأولى في 26 أبريل (نيسان) الماضي بميدان التحرير وسط القاهرة، تكونت من شباب الثورة بهدف إسقاط الرئيس مرسي. وفي البداية قامت «تمرد» بجمع توقيعات المصريين على استمارات تطالب بسحب الثقة عن مرسي وإجراء انتخابات رئاسية جديدة. ولما كانت الأوضاع الاقتصادية قد تدهورت كثيرا منذ انتخاب الرئيس مرسي، فقد لاقت «تمرد» استجابة كبيرة وسط الجماهير، كما حصلت على تأييد جبهة الإنقاذ وغالبية الأحزاب المدنية في مصر، مما جعلها تشكل تهديدا حقيقيا لشعبية الرئيس. وفي نحو شهرين فقط تمكنت «تمرد» من جمع حوالي 15 مليون توقيع، وهو ذات العدد الذي أعطى صوته لمرسي في انتخابات الرئاسة.
وتعني كلمة «تمرد» رفض طاعة السلطة السياسية بهدف إسقاط الرئيس أو الحكومة، عن طريق المقاومة الأهلية السلمية. وفي هذه الحالات يقيم المتمردون حركتهم بدعوى تحقيق الشرعية الدستورية في مواجهة حكومة غير شرعية. وتمكنت حركات التمرد من الإطاحة بالرئيس ماركوس في الفلبين في ثمانينات القرن الماضي، كما أسقطت حكام أوروبا الشرقية في 1989، ثم النظام السوفياتي نفسه في 1991.
وفي مواجهة دعوة تمرد، تتكاتف فصائل الإخوان المسلمين وحلفاؤها من الجماعات الجهادية، للدفاع عن الرئيس وتأكيد شرعيته. وهم يقولون إن مرسي حصل على منصبه بعد حصوله على الأغلبية في الانتخابات، ولا يمكن إجباره على ترك منصبه قبل انقضاء مدته بعد أربع سنوات. كما أكد هشام قنديل رئيس الوزراء أن انخفاض شعبية الرئيس لا تبرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقال إن حكومته سوف تتعامل مع المظاهرات غير السلمية بسيف القانون، وتقابلها بكل قوة وحسم. وبدلا من مناقشة الشباب المتمرد والتحاور معهم لمعرفة مطالبهم، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين استعداد شبابها للموت من أجل منع سقوط الرئيس في 30 يونيو، واعتبرتها «معركة الجهاد التي تستحق الشهادة».
ورغم الوعود التي أعطاها مرسي في الانتخابات، وإعلانه عن ضرورة حماية الثورة من فلول النظام السابق، فلا يزال «الإخوان» متمسكين ببرنامجهم السياسي كاملا، ومصممين على فرض سيطرتهم على جميع مرافق الدولة المصرية، وإسقاط الدولة المدنية. وبعد إلغاء المحكمة الإدارية العليا اللجنة التأسيسية للدستور التي شكلها مجلس الشعب المنحل لعدم صحة تكوينها، وبعد اتفاق القوى السياسية على ضرورة مشاركة جميع طوائف الأمة – بشكل متوازن – في صياغة دستور الثورة، صمم «الإخوان» على الاستئثار بكتابة الدستور عن طريق حصولهم على عدد كاف من الأعضاء يتيح لهم الأغلبية عند التصويت. ولما كان الدستور هو الناتج الرئيس لأي ثورة في العالم، فقد رفض «الإخوان» كل المحاولات لوضع دستور يعبر عن أهدف ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وأصروا على الانفراد بوضعه على أساس دولة دينية.
نجح مرسي في الوصول إلى مقعد الرئاسة بأغلبية بسيطة عن منافسه أحمد شفيق، لا تزيد على 882 ألفا و751 صوتا. وحتى مع هذه الأغلبية كان شباب الثورة وأنصارها – المنضمون إلى «تمرد» الآن – هم الذين ساعدوه في الحصول عليها. وبعد مرور عام على رئاسة مرسي أصبح الشعب المصري منقسما على نفسه بشكل حاد، مما بات يهدد الدولة المصرية نفسها بالانهيار.
في هذه الحالة ليس هناك أمام الرئيس سوى طريقين لا ثالث لهما؛ إما أن يقبل تحدي «تمرد» ويوافق على إجراء انتخابات رئاسية جديدة آملا بالفوز وتأكيد شرعيته، أو أن يتجاهل التمرد ويستمر في ولايته عن طريق استخدام القوة لقهر المعارضين، وهو ما قد يدخل البلاد في حرب أهلية.