مصر الكبرى

11:52 صباحًا EET

الإعلام الرسمي والسباق الرئاسي

 
مما لا شك فيه أن الانتخابات الرئاسية القادمة هي أهم حدث في تاريخ مصر الحديث، لأنه ولأول مرة  سوف يختار المصريون رئيسهم بكل حرية دون أن تفرض عليهم أي ضغوط،كما أنها المرة الأولى في التاريخ التي تجرى فيها الانتخابات الرئاسية دون وجود رئيس في السلطة او حزب حاكم محتكر لكل السلطات،كما أنها المرة الأولى التي لا يعرف فيها المصريون من سيحكمهم قبل إجراء الانتخابات بأيام قليلة,وان الرئيس القادم سوف يأتي بإرادة المصريين ولن يفرض عليهم كما كان يحدث في السابق،لذلك فانه يمكن القول وبحق أن الرئيس القادم سوف يكون أول رئيس يحكم مصر بناء على انتخابات حرة نزيهة.ذكرت هذه المقدمة الطويلة للدلالة على أهمية الاستحقاق الانتخابي القادم،وأيضا أهمية الرئيس القادم بالنسبة لمصر في هذه المرحلة الأصعب في تاريخها,العالم كله مشغول بالرئيس القادم لمصر إلا الإعلام الرسمي المصري,كنت انتظر أن يقوم بدور كبير في توعية المواطنين ويساعدهم على حسن الاختيار.القنوات الخاصة تتهافت وتتسارع على استضافة المرشحين للرئاسة لمعرفة برامجهم،لأنه حدثٌ لا يمكن تجاهله،حتى لو كانت هذه القنوات تفعل ذلك من اجل جلب مزيد من الإعلانات.الإعلام الرسمي "يتحجج" بان تعليمات اللجنة العليا للانتخابات تمنع استضافة المرشحين..وقبل صدور تلك التعليمات أين كان الإعلام الرسمي..؟وهل يتوقع أثناء فترة الدعاية القصيرة جدا – ثلاثة أسابيع – أن يجد مرشحي الرئاسة كي يناقشهم في برامجهم وعمل مناظرات بينهم حتى يستطيع المواطن أن يفرق بين الغث والثمين ويحسن اختيار الأفضل لقيادة مصر..؟اعتقد انه أمر صعب جدا لأن المرشحين سوف يكون اهتمامهم في عمل جولات انتخابية بالمحافظات،كما أنهم مرتبطون بمواعيد مسبقة مع القنوات الفضائية الخاصة حيث نسبة المشاهدة الكبيرة,أم انه سوف يحدد لكل مرشح 15 دقيقة يلقي فيها برنامجه الانتخابي تذاع في قناة رئيسية وتعاد في قناة محلية وشبكة إذاعية كما كان يحدث مع مرشحي البرلمان..؟ربع ساعة لكل مرشح..وسط آلاف الساعات التي تبث يوميا للدراما وبرامج الهلس والطبخ والرياضة والفن.حتى يوم إعلان جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس خيرت الشاطر للرئاسة،كان هذا هو الخبر الأهم في كل وكالات الأنباء والقنوات الفضائية المحلية والدولية،بل إن معظم الفضائيات نقلت المؤتمر الصحفي لجماعة الإخوان على الهواء مباشرة،وسط تجاهل الإعلام الرسمي للخبر..وكأنه حدث في دولة أخرى.
المعرفة حق من حقوق الإنسان،ومن حق المواطن أن يعلم كل شيء عن الانتخابات الرئاسية وعن المرشحين قبل إجراء الانتخابات بوقت كافٍ. الصحف القومية حينما عادت للشعب بعد أن كانت ملكاً للنظام..وثق فيها المواطن ولجأ إليها وترك صحف الإثارة, هكذا كان يجب أن يفعل الإعلام الرسمي،أن يوجه المواطنين إلى أهمية المشاركة السياسية،والأهم من المشاركة حسن الاختيار.وألاّ يترك المواطنين فريسة للقنوات الخاصة،حيث تتحكم فيها حسابات المكسب والخسارة دون أدنى اعتبار للصالح العام.ومع ذلك فهذه القنوات تستحق الإشادة على الدور الذي قامت به في الانتخابات الرئاسية ومع المرشحين المحتملين على مدى عام كامل قبل فتح باب الترشيح،ومع المرشحين المؤكدين بعد فتح الباب.أيضا كان يجب على الإعلام الرسمي عدم ترك المواطنين للقنوات الفضائية الدينية التي تقوم بعمل دعاية مباشرة لبعض المرشحين،ولا تقدم "إعلام" ولكن "إعلان" صريح،ولم تتخذ اللجنة العليا للانتخابات مع هذه القنوات أي إجراء.حتى لو اتخذت معها إجراء فان العقوبة لن تساوي جسامة المخالفة التي ارتكبتها.اللوائح والقوانين من صنع الإنسان ليست مُنزّلة من السماء..كان يجب على المسئولين عن الإعلام الرسمي مراجعة اللجنة العليا للانتخابات حتى لا يظهر أمام المواطنين أنه متخلفا عن متابعة أهم استحقاق انتخابي في تاريخ مصر ويظهر وكأنه لم تحدث ثورة في البلد  خاصة أنه لم يلتزم بهذه التعليمات سوى التليفزيون الرسمي لا القنوات ولا الصحف الخاصة التزمتا ولا حتى الصحف القومية التزمت وفي النهاية المواطن لا تعنيه التعليمات فالشاشة هي الحكم..ولكن تقريبا المسئولين بالإعلام الرسمي كانوا أكثر الناس سعادة بتعليمات العليا للانتخابات،عملا بالمثل القائل "انتخابات تفوت ولا حد يموت"..

التعليقات