مصر الكبرى
الإعلام والقضاء والبرلمان
كثيرون يرون أن ما يحدث في مصر الآن شئٌ طبيعىٌ،فبعد أكثر من نصف قرن في الظلام الدامس خرج الناس إلى النور مثل الخفافيش،الكل يتخبط ويصطدم في الأخر,ولكن ما حدث بعد الحكم في قضية القرن يستحق منا وقفة،لو كنا حقا صادقين مع أنفسنا ونريد النجاة لهذا البلد,إن ما يقوم به الإعلام من السماح لنفسه التعليق على أحكام القضاء واستضافة من ينتقدون الحكم،هذا يصب في اتجاه واحد فقط هو خراب هذا البلد,أن نسمع مذيعاً يقول يوم صدور الحكم انه يوم 5 يونيو – تشبيها بالنكسة – هذه مصيبة كبرى..
رغم أن هذا المذيع كان أكثر من استفادوا – هو ووالده – من مبارك ونظامه،وكان حتى يوم قيام الثورة عضوا في الأمانة العامة لإعلام الحزب الوطني،ومستشار فتحي سرور في مجلس الشعب،ليس هو فقط بل معظم الإعلاميين سواء في الإعلام الرسمي او الخاص،صحافة وإذاعة وتليفزيون.. تحولوا بقدرة قادر إما ثوريين او ينافقون من يطلقون على أنفسهم ثوريين طمعا في مزيد من تدفق الملايين والاستمرارية على جثة الوطن.
الوحيد الذي أصبح يسبح ضد التيار هو الإعلامي توفيق عكاشة وقناة الفراعين.. لذلك فلا عجب أن يطالب الإخوان المسلمون بغلق القناة بعد أن أصبحت تحقق أعلى نسبة مشاهدة, كنت أتمنى أن يكون للإعلام المصري دورٌ في الخروج بالبلد من أزمته.. ولكنها أمنية يصعب تحقيقها.أما القضاء المصري الشامخ حسنا فعل شيخ القضاة المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلى للقضاء،والمستشار احمد الزند رئيس نادي القضاة،في وقفتهما الحاسمة التي وضعت حدا لفوضى الهجوم على القضاء وعلي القاضي المحترم أحمد رفعت الذي حفر اسمه في التاريخ بحكمه المؤبد على أول حاكم مصري عربي.. هذا الحكم الذي سوف يظل عبرة لكل حاكم تسول له نفسه التلاعب والانحراف بالسلطة. إذا كان الهجوم على الحكم في وسائل الإعلام خطأ فإن الخطيئة أن يحدث ذلك من البرلمان،لأنه إهدار لأهم مبدأ من مبادىء الحكم الذي كان سببا في قيام ثورة يناير وهو الفصل بين السلطات. كارثة ومصيبة أن يخصص البرلمان مكلمة استمرت ساعات كثيرة من اجل الهجوم على الحكم القضائي وعلى القضاء ومطالبة بإعادة المحاكمة وإعدام المتهمين وكأننا في غابة ولسنا في دولة المفروض أنها تتطلع إلي سيادة القانون واستقلال القضاء،حيث توجد الطرق القانونية لنقض الأحكام. بل وصل الأمر إلى أن طالب أحدهم بان تكون هناك رقابة من البرلمان على القضاء… والأمر بالنسبة لي لم يكن مستغربا لان 90% من أعضاء المجلس لا يعلمون أنهم في مجلس تشريعي،وأول مرة يمارسون السياسية، ويتحدثون أمام كاميرات التليفزيون،وهناك من حاول استغلال الموقف لدعم مرشح الإخوان في الانتخابات الرئاسية,مع العلم انه لولا القضاء المصري النزيه ما وصل هؤلاء إلى البرلمان,من فعل ذلك سواء نواب المراهقة السياسية او المصالح الخاصة قد نتقبل منهم ذلك ولكنه غير مقبول أن يحدث من نواب يعملون في مجال القانون أمثال السقا و الخضيري و سلطان او خليل,من الواضح أننا نعيش مرحلة مهمة جدا في حياتنا وهي مرحلة فرز الصالح من الطالح.. وفي النهاية البقاء سوف يكون للأصلح. اللهم ول أمورنا من يصلح.. ومصر بكرة إنشاء الله أفضل.