عين ع الإعلام

03:45 مساءً EET

شاهد.. نص كلمة الرئيس “السيسي” في احتفال المولد النبوي

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفالية المولد النبوي الشريف، بمركز الأزهر للمؤتمرات.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته على هامش احتفالية الدولة بالمولد النبوي، انه جاء بإرادة الناس، ولن يجلس ثانية واحدة على كرسي الحكم إذا أراد الناس ذلك.

وجاء نص الكلمة كالآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم
* فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف
* السادة العلماء والدعاة الأجلاء
* السيدات والسادة

نحتفل اليوم معا بذكرى مولد نبينا الكريم، الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم دين عظيم، وأثنى الله العلى القدير على خلقه القويم بقوله “وإنك لعلى خلق عظيم”، إن احتفالنا اليوم بذكرى مولده الشريف إنما يدعونا إلى تدبر سيرته العطرة والاقتداء بأخلاقه الكريمة، لتكون لنا نورا يهدينا سواء السبيل في ديننا ودنيانا.

فلنتخذ من ذكرى ميلاده بداية جديدة تعيننا على أن نواصل مسيرة حياتنا، نحفظ بها ديننا دون غلو أو تطرف، ونصون بها دنيانا لنحقق خلالها مراد الخالق سبحانه وتعالى منا، نبنى ونعمر، نتعارف ونتآلف، ونقدم للعالم بأسره صورة حقيقية عن ديننا الحنيف بسماحته ورحمته، وحثه على حب الوطن وإعلاء مصالحه وإيثاره على الجميع.

أتوجه لشعب مصر العظيم، والدول الإسلامية والعربية في مشارق الأرض ومغاربها، بخالص التهنئة بتلك المناسبة الجليلة، داعيا الله عز وجل أن يعيدها بكل الخير والتوفيق على عالمنا العربى، وهو أعلى شأنا وأفضل حالا وأكثر أمنا واستقرارا.

إن رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم، جاءت تأكيدا للصلة المباشرة بين الإنسان والخالق، وانتصارا للحرية، حرية الإنسان وتخلصه من الرق والعبودية، وحرية الإيمان والاعتقاد، وحرية الفكر، إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة.

حتى لا تحولها نوازع النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وجعل من قتلها بغير نفس أو فســاد فـى الأرض كمـن قتــل الناس جميـعا.

إن جميع تلك الحريات ينبغى أن تقف عند حدود حريات الآخرين، تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المحكمة، التي خلق الله الكون في إطارها، فما نعتبره قيدا على حرياتنا إنما يصون حقوقنا في مواجهة الآخرين، فعجبا لمن يبررون إرهابهم وأعمالهم الوحشية باسم الدين، ويتخذون منه ستارا لها، وهو أبعد ما يكون عنها بل حرمها وجرمها، يخرج أولئك عن إطاره القويم، ويعتنقون أفكارا متطرفة، ويستندون إلى تفاسير مغلوطة لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

إن رسالة الإسلام، تلك المنحة السماوية والهبة الربانية، التي أنعم الله بها علينا قد أرست قواعد التعايش السلمى بين مختلف الأديان والأعراق، نظمت علاقات المسلمين بغيرهم في إطار من التقدير والاحترام للتنوع والاختلاف، أرسى النبى الكريم تلك القواعد في تعامله مع يهود المدينة، وفى احتواء المسلمين من غير العرب تطبيقا لمبدأ أنه لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى.

، وحرص فاروق الأمة، الخليفة العادل عمر بن الخطاب، على استمرار تلك القواعد عملا لا قولا في عهدته التي أعطاها لأهل بيت المقدس، فأمنهم على حياتهم وأموالهم وكنائسهم.

وإذا كان لدينا كل هذا التراث من التعاون والتسامح فلنجعله دستور عمل وحياة، نحقق من خلاله إرادة الله الذي ارتضى أن يجمع الخلق كافة، على اختلاف أديانهم وأعراقهم فوق أرضه وتحت سمائه، من آمن منهم ومن لم يؤمن، فلماذا لا تتسع الصدور وتستوعب العقول التنوع والثراء في الأديان والمذاهب والأعراق في ربوع وطننا العربى، ولماذا يسمح البعض باستغلال هذا التنوع سلبا وبتوظيفه من قبل أطراف داخلية وخارجية، للقضاء على الدولة الوطنية في عالمنا العربى والإسلامى، إننا بحاجة إلى وقفة مصارحة مع أنفسنا لنتبين الفارق الشاسـع بين حاضـرنا الراهــن وماضينــا المجيـــد.

لقد حان الوقت لنحقن دماءنا، وننبذ خلافاتنا، ونلتفت لمصالح أوطاننا وأمتنا، نبدأ فصلا جديدا من التعاون والإخاء والتنمية.

نعلم جميعا كمسلمين أن رسول الله كان مهموما بأمته، وجعل دعوته شفاعة لأمته يوم القيامة.

وكان الهادى البشير يريد أن يباهى بالمسلمين الأمم يوم القيامة، كان ذلك رجاؤه وهو في غنى عنا، فماذا قدمنا له ولديننا ولأوطاننا وأنفسنا، ونحن أحوج ما نكون إليه، إن المباهاة لن تكون عن كثرة العدد وإنما بحجــــم الإســــــهام فــــى تقــــدم البشــــريـة.

إن ديننا الحنيف وسنة نبينا المطهرة طالما أكدا أهمية “إتقان العمل”، وأرشدانا إلى أن قيمة الفرد المسلم، تقاس بحجم ما يساهم به في تحقيق النفع والمصلحة العامة، والارتقاء بأوضاع أمتنا الإسلامية لتتبوأ مكانها اللائق بين الأمم.

إن الأمانة قيمة عظيمة حملها الإنسان، وتنسحب تلك القيمة العظيمة على كافة مناحى حياة الفرد المسلم وأهمها الكلمة، فما بالنا إذا كانت تلك الكلمة تساهم في تشكيل الوازع الدينى في نفوس المسلمين، وتملأ عقولهم ونفوسهم إما بنور الإيمان وسماحة الدين، أو بأفكار مغلوطة تسىء للدين ذاته قبل أن تسـىء إلى من طرحـوها واعتنـقوها.

فلا شك حينئذ أن أمانتها تتعاظم ومسئوليتها تتضاعف، وأقول لعلمائنا ودعاتنا الأجلاء، استمروا بعزم لا يلين في تصويب الخطاب الدينى، أعيدوه إلى جادة الصواب، وكونوا من بين من قال فيهم رسول الله “يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها.

فندوا الأفكار الخبيثة والتفاسير الملتوية، بددوا حيرة العقول واضطراب النفوس، أبدلوا كل ذلك بيقين راسخ بأن التسامح لا يتعارض مع التدين، وبأن قبول الآخر لا يتنافى مع الإيمان، وبأن خير الناس أنفعهم للناس كافة وعلى عمومهم وليس للمسلمين فقط،

اغرسوا محبة الله في القلوب حتى تمتلئ بها.

فلا يتبقى فيها مكان لضغينة ولا موضع لكراهية، أفهموا الجميع أن الله لو أراد لجعل الناس أمة واحدة، وما ذلك على الله بعزيز.

السيدات والسادة
لقد أرسى الإسلام الحنيف مبدأ الشورى، وكان نبينا الصادق الأمين سمحا متفتحا، ولم يتعصب أبدا لرأى ولم يتحزب أبدا لفكر، وإنما كان يشاور أصحابه ويعلى آراءهــــم ما دامت تحقــــق المصلحــــة العامــــة.

ولقد تطور مبدأ الشورى واقتضت معايير الحداثة والتطور والنمو السكانى، أن يتم تشكيل مجالس النواب لتمثل مشاركة شعبية لصانع القرار، تصوغ القوانين وتراقب الحكومات.

ولقد أكملت مصر الاستحقاق الرئيسى الثالث لخارطة المستقبل، بمشاركة واعية من المرأة المصرية، واختار الشعب مجلس النواب ليكتمل بذلك البناء المؤسسى والتشريعى للدولة المصرية، لتواصل مسيرتها نحو غد أفضل بالتعاون البناء والعمل المشترك، بين مختلف الســــلطات التنفيــذيــة والتشـــــريعيـــة والقضـــائيـــــة.

إلى شعب بلادى أقول: إن تلك المناسبة العظيمة التي تجتمع فيها أرواحنا معا، تمثل فرصة سانحة لأتحدث إليكم مباشرة حديثا من القلب، فموقع الرئاسة الذي توليته بإرادتكم الحرة ما هو إلا تكليف وضعنى أمام العديد من المسئوليات الجسام، التي أدعو الله عز وجل أن يعيننى عليها بمساعدتكم.

أود أن أؤكد لكم أننى أشعر بنبضكم، وبما تعانيه كل أسرة مصرية فقدت أعز ما لديها في معركتنا ضد الإرهاب، وأؤكد أن الثأر هم أمانة في أعناقنا وسنؤدى الأمانة بعون من الله وتوفيقه، وأسعى جاهدا بمعاونة الحكومــة وكافـــة أجهـزة الدولـــة للوفـــــاء بمتطلباتكــم.

وفى هذا الإطار جاءت مبادرة توفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة في الأسواق المصرية، للمساهمة في تخفيف الأعباء عن أهلنا من محدودى الدخل والمواطنين الأولى بالرعاية، وأؤكد أن كرامة المواطن المصرى تعد أحد أهم أركان استقرار الدولة، فالإنسان الذي كرمه العلى القدير من فوق سبع سماوات، لا يمكن لإنسان مثله أن ينزع عنه تلك المنحة الإلهية، فلنعمل معا على ترسيخ إطار من الاحترام والتقدير المتبادل بين المواطن وكافة أجهزة الدولة، ليحصل كل مواطن على حقوقه كاملة، ويؤدى واجبـاته غيـر منقوصـة إزاء الوطـــن.

وأجدد لكم عهدى أمام الله بأننى سأظل أعمل – بتعاونكم وجهدكم، بدعمكم وبدعوات البسطاء منكم – من أجل حياة أفضل لنا جميعا، نرضى فيها الله عز وجل ونعلى شأن وطننا العزيز.

وختاما أقول: إن الأديان السماوية تنبع من أصل واحد، وإن رسالات السماء تواترت، لتكمل بعضها بعضا، من أجل تدعيم القيم الروحية وإعلاء المبادئ المشتركة للإنسانية، ولقد أراد الله العزيز الحكيم أن يكمل لنا ديننا، ويتـــم علينا نعمتـــه ويرتضـى لنا الإســـلام دينـــا.

فلنجدد عهدنا مع الله أن نظل كتلة موحدة، ويدا واحدة، لتبقى يد الله معنا، تظللنا وترعانا وتدفع عن وطننا الشر والسوء، هدانا الله وإياكم سبل الحق والرشاد، وأسبغ على وطننا نعمه ظاهرة وباطنة، لتحيا مصر، وتبقى زخرا لأبنائها، وعزا لوطنها العربى، وفخرا لأمتها الإسلامية، إنها دعوة صادقة، وعزم لا يلين، أن نعمل معا لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس.

كل عام وأنتم بخير، ومصرنا العزيزة في رفعة وإباء، وشكرا لكــم، والسلام عليكم ورحمـــة الله وبركاته.

التعليقات