كتاب 11
محاولة قراءة 2016
يقترب العام الحالي من الرحيل ويستعد للفظ أنفاسه الأخيرة. لقد كان عامًا غريبًا عجيبًا، حافلاً بالأحداث التي يصعب استيعابها وتطورها. كيف سيكون «شكل» السنة القادمة؟ السطور التالية ليست تنجيمًا ولا تبصيرًا، ولكنها محاولة تحليل واستنتاج وقراءة الأحداث بين ما قد حصل وما هو متوقع.
أميركا القوة الأهم عالميًا مقبلة على انتخابات رئاسية جديدة ستكون هناك مواضيع مثل الإرهاب والمهاجرين، وبالتالي ستتوجه في طرحها السياسي الإعلامي إلى خطاب موتور وتصاعدي في حدته ولهجته، مع وجود نمو في اقتصادها وتحسن بيانات أدائه. سيكون بإمكان هذا الطرح السياسي أن يأخذ مداه «اللفظي» دون أي تأثير على المداخيل الأميركية. لن يكون من المتوقع من إدارة أوباما أن يكون لديها قدرة على اتخاذ أي قرارات كبيرة نظرًا لدخولها المرحلة العاجزة والنهائية من فترتها الرئاسية، وبالتالي لن تكون هناك قرارات صادمة أو مفاجئة.
المشكلة السورية ستجد حلاً سياسيًا عاجلاً في هذه السنة لأن «خراج» التطرف الذي يحصل هناك أصبح خطرًا مهددًا للعالم بأسره ولا يمكن بالتالي إبقاؤه كما هو. الحل بشكل أساسي سيكون بين الروس لأنهم القوة على الأرض، ولكنهم يدركون أنهم لا يمكن أن يبقوا الأسد على رأس سلطة النظام لأنه لا شرعية لديه بين شعبه ولا في المجتمع الدولي.
أوروبا ستشهد تحولاً مهمًا في قوانينها المتعلقة بالاستثمار واللجوء والإقامة والهجرة، سينعكس وبقوة في شكل صعود ملحوظ للتيارات المحافظة والعنصرية والمتشددة، وستتخذ حزمة من الإجراءات الحازمة والقوية باسم الحرب على الإرهاب، وستلقى هذه الإجراءات الحادة قبولاً وتأييدًا شعبيًا عريضًا.
الإرهاب سيزداد حدة وقوة مع اتساع رقعة وجوده، وعلى الأرجح سيكون له امتداد لآسيا وأميركا اللاتينية باعتبارهما مناطق «رخوة» وغير «مجربة» من قبل، وبالتالي من الممكن جدًا أن تكون نقطة ضعف مستهدفة مقصودة.
الصين ستظل في حال اقتصادي ضعيف وستركز باهتمام على تنمية أسواقها المحلية لتحول أكثر من 350 مليونًا من مواطنيها إلى شريحة المستهلكين لتعوض النقص في التصدير الذي هبط بشكل حاد، ولكن هذا لن يحد من شهية الامتداد الصيني في آسيا وتوسيع نقاط التأثير في الفلبين وفيتنام وحتى تايوان واليابان، خصوصًا في ظل الانكماش الأميركي العسكري الحذر وغير الراغب في أي مواجهة.
الروس سينكشف وضعهم الاقتصادي بشكل هائل وستظهر تكاليف العقوبات والتدخل العسكري في سوريا وأوكرانيا وهبوط أسعار النفط الكبير. الشرق الأوسط ستبقى القلاقل فيه.. في سوريا والعراق واليمن، وإيران ستحرك خلاياها في البحرين والكويت ومناطق أخرى، وسيكون شعار المرحلة الاقتصادي إعادة الهزة للهندسة الإنفاقية، وتقليل النفقات وتوفير المبالغ وفتح المجال لتنويع مصادر الدخل بشكل غير مسبوق وإدخال مصطلح الضرائب في القاموس وتطبيق حقيقي لفكرة إزالة الدعم.
ستكون سنة غير مسبوقة بالتحديات الأمنية والاقتصادية، وسيكون من المهم مراقبة صعود التيارات المتطرفة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والدينية، لأن المناخ والأرضية سيكونان أكثر من مهيأين لكل ذلك.
ليس القصد تكوين صورة سوداء أو فيها تشاؤم، ولكن الواقع يفرض نفسه. لعلها سنة خير.