عرب وعالم
سلطنة عٌمان تحتفل بالعيد الوطني الـ45 وسط آفاق مستقبلية لتحقيق الطموحات العُمانية والعربية والعالمية
تشهد سلطنة عُمان /اليوم/ الثامن عشر من نوفمبر احتفالات تاريخية غير مسبوقة احتفاءً بالعيد الوطني الخامس والأربعين، ويستهل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان هذه الاحتفالات برعايته العرض العسكري بميدان الاستعراض بحصن الشموخ في ولاية منح بمحافظة الداخلية. كما تشهد جميع ولايات ومحافظات السلطنة مهرجانات بهذه المناسبة.
تأتي احتفالات هذا العام وسط زخم عُماني وإقليمي ودولي غير مسبوق، إذ شهدت السلطنة تحركات وجولات ماراثونية لطرح الرؤى والأفكار لحل الأزمات التي يشهدها الإقليم مثل أزمة اليمن والأزمة السورية، كما يشهد العالم العربي والغربي تطورات سياسية وغير سياسية تشكل ملمحاً مهماً في هيكل النظام الدولي.
أربعة اعتبارات محورية
وتكتسب احتفالات السلطنة بعيدها الوطني هذا العام أهمية كبيرة في ضوء عدة اعتبارات محورية وهي: أول الاعتبارات: أن احتفالات هذا العام تأتي تتويجاً لمسيرة أربعة عقود وخمس سنوات من العمل المتواصل وفق الاستراتيجية والرؤية التي رسمها السلطان قابوس والتي تتلاءم مع خصوصية البيئة العُمانية وقيمها ومعتقداتها الفكرية.
ثاني الاعتبارات: أن الاحتفالات بالعيد الوطني الخامس والأربعين تتزامن مع انتهاء خطة التنمية الخمسية الثامنة (2011 -2015) التي تنتهي هذا العام ، وفي الوقت ذاته يتم الانتهاء تقريبا من إعداد خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 -2020) التي سيبدأ تطبيقها اعتبارًا من العام القادم وتعد آخر خطة تنمية خمسية في استراتيجية عمان 2020 التي بدأ تنفيذها منذ عام 1996.
وبينما تركز خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 -2020) على الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والحفاظ على مستويات الدخل الحقيقية للمواطنين والعمل على زيادتها مع إعطاء دفعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وللتنمية البشرية والانتهاء من المشروعات الكبيرة في القطاعات المختلفة لتعزز القدرات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، فإنه يجري كذلك الإعداد لاستراتيجية “عُمان 2040″، وهو ما يقوم المجلس الأعلى للتخطيط “اللجنة الرئيسية لاستراتيجية التنمية العمانية “عمان 2040″ بالعمل على إنجازه بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى ، مع مراعاة إعطاء دفعة كبيرة لتنويع مصادر الدخل ، وزيادة دور القطاع الخاص والاهتمام بمشروعات الطاقة المتجددة خاصة الرياح والطاقة الشمسية والحد من الاعتماد على النفط مصدراً أساسياً للدخل وتنشيط قطاعات الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والزراعة والثروة السمكية والاتصالات للاستفادة بالموقع المتميز للسلطنة وتحويلها إلى مركز لوجيستي إقليمي يربط بين المنطقة والعالم من ناحية واستثمار الموارد المتاحة في السلطنة.
ثالث الاعتبارات: فيتمثل في انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى التي جرت يوم 25 أكتوبر الماضي وأشاد السلطان قابوس بنجاحها حيث توجه الناخبون العمانيون ـ رجالاً ونساءً ـ ممن حق لهم التصويت (نحو612 ألف ناخب وناخبة) إلى 107 مراكز للتصويت في ولايات ومحافظات السلطنة لانتخاب 85 عضواً هم أعضاء مجلس الشورى لهذه الفترة .
في حين تجاوزت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشورى 56.6% من إجمالي الناخبين وفازت امرأة واحدة بعضوية المجلس للفترة الثامنة فإن الانتخابات اتسمت بالشفافية وسهولة عمليات الاقتراع ، وقد شهدت استخدام نظام التصويت الإلكتروني للمرة الأولى وقد غطت العشرات من أجهزة الإعلام العربية والأجنبية عمليات الانتخاب وأشادت بحسن سيرها.
وأسفرت انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى عن فوز عدد كبير من الشباب بعضويته مقارنة بالفترات السابقة وهو ما سيسهم بالضرورة في تفعيل دور مجلس الشورى ، الذي يتمتع باختصاصات تشريعية ورقابية عديدة ، بموجب التعديلات التي تم إدخالها على النظام الأساسي للدولة في عام 2011 .
رابع الاعتبارات: الدور النشط والفعال للدبلوماسية والسياسة الخارجية العمانية وهما يحركان السلطنة إقليمياً ودوليا نظرا لما تتمتع به من علاقات طيبة ووطيدة مع مختلف القوى والأطراف الإقليمية والدولية من ناحية ونظراً أيضاً لأن السلطنة أعلنت ذلك بشكل واضح وعلني شفاف ولأنها دولة سلام وتحرص وتسعى بكل السبل إلى تحقيق السلام والوئام لدول وشعوب المنطقة وحل المشكلات بالطرق السلمية عبر الحوار الإيجابي لتحقيق التقارب بين مختلف الأطراف من ناحية ثانية .
وتؤمن السلطنة بشكل عميق بأهمية وضرورة تحقيق السلام والأمن والاستقرار كشرط لتحقيق التنمية والرخاء ولأنها تحظى بالمصداقية لدى الدول الأخرى فإن مواقفها وسياساتها اتسقت والتزمت دوما مع مبادئها وما فعلته.
ومما له دلالة عميقة أن احتفالات العيد الوطني الخامس والأربعين تتزامن مع تقدير واسع ورفيع لجهود السلطنة الطيبة بالنسبة للعديد من القضايا الدولية والإقليمية، فإلى جانب التوصل لاتفاق نهائي بين إيران ومجموعة (5 1) حول البرنامج النووي الإيراني في 14/7/2015م، وهو ما ارتكز على الدور الذي قامت به عندما استضافت لقاءات أمريكية إيرانية ولقاءات بين إيران ومجموعة (5 +1) في سبتمبر ونوفمبر عام 2014م على التوالي، فإن السلطنة تضطلع بجهد إيجابي وبناء سواء فيما يتصل بالعمل على وقف القتال في اليمن واستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية تمهيدا لاستعادة الأمن إلى ربوع اليمن كما أن المساعي الحميدة للسلطنة فيما يتصل بالتطورات في سوريا استمرت على مدى الأشهر الماضية حيث قام يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بزيارة العاصمة السورية ولقاء الرئيس بشار الأسد في 25 أكتوبر الماضي .كما زار وزير خارجية سوريا وليد المعلم مسقط في أغسطس الماضي ، وقام وفد من المعارضة السورية بزيارة السلطنة الشهر الماضي وأجرى الرئيس الروسي بوتين اتصالاً هاتفياً مع السلطان قابوس عقب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لموسكو الشهر الماضي.
وتبذل السلطنة مساعيها بتجرد ورغبة صادقة في تحقيق السلام والأمن لشعوب المنطقة ، بعيدًا عن أية استفادة ذاتية أو أجندة خاصة ، وهو ما أكسبها مزيدًا من ثقة واحترام كل الأطراف في المنطقة وخارجها.