كتاب 11

11:40 صباحًا EET

عن الأزمة الاقتصادية العالمية

عاد الاقتصاد ليسيطر على عناوين الأخبار وبقوة شديدة، أحداث درامية ومتلاحقة كلها تصب في اتجاه واحد: الركود.

هناك مذبحة تشهدها البورصات المالية حول العالم بلا رحمة ولا هوادة ولا استثناء. السوق المالية الصينية انهارت بشكل غير مسبوق في تاريخها وحصلت انهيارات عنيفة في الأسواق المالية الأميركية والهندية والأوروبية تباًعا؛ لأن الصين كما بدا واضًحا للعالم أنها استشعرت خطًرا عظيًما سيصيب اقتصادها بسبب تكرار الهبوط في مؤشرات الأداء الاقتصادي لها، وقامت فوًرا بإجراء حاسم وعنيف، وكان قرار تخفيض قيمة العملة مقابل الدولار، وذلك لحث التصدير وبالتالي تخفيض قيمة المنتج الصيني وجعله أكثر إغراء للمستورد الدولي.

كذلك، هناك طبًعا وضعية أسعار النفط التي تواصل الهبوط بشكل هائل لتتخطى حاجز الأربعين دولاًرا للبرميل، وهناك آراء مهمة تتوقع أن يصل السعر إلى عشرين دولاًرا في فترة قريبة جًدا. وطبًعا مؤشرات النمو الاقتصادي على المستوى العالمي متأثرة بشكل سلبي؛ فروسيا لا تزال تئن وتتألم جراء العقوبات الاقتصادية المستمرة، وطبًعا كان لهبوط البترول بالشكل الكبير الأثر المضاعف عليها وهي الدولة التي تعتمد على عائدات النفط بشكل كبير وأساسي. والقارة الأوروبية لا تزال تئن وتشكو وتتألم بسبب أزمة اليونان المالية الحادة وقروضها العظيمة والمستحقة والتي لا تزال دون حل جذري لجدولتها بشكل مرٍض لكل المصارف والحكومات.

والآن يدخل على القارة الأوروبية فاتورة التكاليف الإنسانية والمالية المهولة جراء عشرات الآلاف من اللاجئين القادمين للقارة من شمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط، والركود وعلاماته أصابا البرازيل والتي كانت تعتبر إحدى أهم الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي بشكل عام.

الدول العربية التي يعتمد اقتصادها على النفط بشكل أساسي مصابة بالقلق لأن هناك غموًضا في الرؤية الاقتصادية ومدى عمق هذه المرحلة وأثرها، وكون الدول العربية فشلت في توسيع قاعدة الدخول الاقتصادية واعتمادها على السلعة الواحدة وهذا الكلام ممكن تحمله في السابق، ولكن هناك ظروًفا جيوسياسية تجعل القلق مضاعًفا بشكل يجعل الرؤية أكثر ضبابية ويوتر المتعاملين في الأسواق. ما يحدث هو مسألة في سياق طبيعي، فالأسواق العربية، وتحديًدا البورصات فيها، كان من المهم جًدا والضروري جًدا أن تعكس واقع أسعار البترول الجديدة التي تقلصت وانخفضت لأكثر من 60 في المائة من قيمتها في مدة 8 أشهر، وبالتالي ستفقد السوق المالية نفس النسبة من حجمها وقيمتها. هذه مسألة متوقعة.

ما يحدث في الأسواق اليوم هو معادلة اقتصادية قديمة وتقليدية وأول أساسيات قواعد علوم الاقتصاد: العرض والطلب. هناك ببساطة بضائع ومنتجات أكبر بكثير من حجم القدرة الاستهلاكية على تصريفها وكان بالتالي الركود الذي تشهده الأسواق. قديما كان دائما ما يقول ساسة الدول الكبرى في هذه النوعية من ما يحتاجه العالم لإخراجه من الأزمة الاقتصادية هو حرب جيدة، لأن الحروب عادة ما تتحول إلى آلة إنتاج عظيمة تغذي المصانع وتحفز الإنتاج، وفي وسط كل ذلك هناك من يحلل هذه الظاهرة بشكل ديني وتوراتي تحديًدا، فهناك تفسيرات لظاهرة الركود الاقتصادي من التوراة ويسمونها ظاهرة الشميتا، وهي بناء على تفسير عهد النبي يوسف عليه السلام في حكم مصر والسنوات السبع السمان وذات الخير والسبع العجاف، وهي نظرية لها تابعون كثر ويحضرون أنفسهم لانهيار عظيم في الدولار يوم 15 سبتمبر (أيلول) وتبقى السوق هي الفيصل والقاعدة الاقتصادية هي الأساس (عرض وطلب) طالما لم تغرق الأسواق في القروض وتمنع النهوض مجدًدا.

التعليقات