مصر الكبرى
مرسي يعد المصريين بالرمال المتحركة
 
تحدث محمد مرسي الذي رشحته جماعة الإخوان المسلمين لرئاسة جمهورية مصر إلى الشعب ورجال الإعلام, عن برنامجه الانتخابي فقال كل شيئ, لكنه لم يقل شيئا. ويذكرني ما قاله مرسي هذه المرة بقصة قديمة من قصص جحا الأسطورية. فيقال إن السلطان كان لديه حمار أراد أن يعلمه الكلام وراح يبحث عن مدرس ليعلمه. ورغم أن جميع المعلمين رفضوا قبول هذه الوظيفة – حيث من المستحيل أن يتعلم الحمار الكلام – قبل جحا عرض السلطان, ووعد أن يعلم الحمار الكلام. وسأله صديق له متعجبا: كيف يمكنك يا جحا أن تعلم الحمار الكلام؟! فرد عليه جحا ضاحكا: لن يتعلم الحمار الكلام, ولكنني سأحصل على الوظيفة, وبعد ذلك إما أن يموت الحمار أو يموت السلطان أو أموت أنا.
   فقد كان حديث مرشح الإخوان لشعب مصر, "أكل هوا" كما يقول اللبنانيون, أي كلام فاضي ليخدع به المواطنين الغلابة حتى يعطونه أصواتهم, تماما كما خدعهم الإخوان في انتخابات البرلمان. ففي الوقت الذي أعد فيه مجلس الشعب التابع لمحمد مرسي قانونا يسمع بإنفراده باختيار الجمعية التأسيسية للدستور ويؤكد رغبتهم في إقامة دولة دينية, يقول مرسي إنه وافق على وثيقة الأزهر وسوف يسمح لجميع القوى بالمساهمة في وضع الدستور. وبينما يعد برلمان الإخوان قانونا لإلغاء رقابة المحكمة الدستورية على قراراته, أعلن مرسي أنه سيحترم استقلال القضاء وسوف يخضع البرلمان لرقلبة المحكمة الدستورية. وبعد أن فرض الإخوان الحجاب والنقاب لباسا لنساء مصر, هاهو مرسي الآن يقول إن الحجاب ليس ضرورة للنساء. وبدون أن يعلن أنه مستعد لإسقاط عقوبة السجن عن عادل إمام – الذي حكم عليه لأدائه دور يتعلق بزي بعض الأخوان -  قال مرسي إن المرأة حرة فيما ترتديه من زي يناسبها, فحرية الإعتقاد مكفولة. وفي الوقت الذي قامت فيه عصابات الإخوان بحرق المركز الإنتخابي لأحمد شفيق, تحدث مرسي عن الأمن والأمان الذي سينشره في البلاد.
    وكما تعهد الإخوان من قبل بعدم ترشيح واحد منهم للرئاسة, تعهد مرسي بألا ينفرد هم بالرئاسة عند فوزه, بل سيشكل فريقا من المرشحين السابقين ونوابا ليسوا من الإخوان, من الشباب والنساء والأقباط والتكنوقراط من أصحاب الكفاءة. وبينما يعد برلمان الإخوان خططا للسيطرة على أجهزة الإعلام واستبعاد كل من يخالفهم من قيادات مؤسسات الصحافة القومية, تحدث مرسي عن حرية الإعلاميين من سحرة فرعون وأتباع الشيطان, مؤكدا أنه لن يصادر رأي أو يقصف قلم في عهده. لكنه دعا وسائل الإعلام للقيام بما سماه "تغليب مصلحة الوطن", أي عدم كشف عورة الإخوان أو الحديث عن وعودهم الكاذبة   
  بل إن مرسي وعد الفلاحين بإسقاط ديونهم وشراء محاصيلهم طبقا لأسعار السوق العالمية, كما وعد بالعلاج المجاني والتعليم المجاني والإعانة الإجتماعيىة للجميع, ونسى أن يشح لنا من أين سيأتي بالأموال التي سينفقها على هذه المشاريع بينما خزانة الدولة فارغة. وبينما وعد مرسي بإعادة الساحة إلى مصر, فقد نسى أن يقول لنا إن الخوف من وصول الإخوان إلى الرئاسة هو السبب وراء عدم مجيئ السائحين إلى بلادنا. كما نسى مرسي أن يتحدث عما كتبه جهاد الخازن في جريدة الحياة نقلا عن اللواء عمر سليمان, من وجود خطة لتغيير تركيبة الجيش المصري, وتكوين جيش ثوري بديل لحماية الدولة الإسلامية التي يخطط الإخوان لإقامتها, واكتفى بالقول إن القوات المسلحة هي التي حمت الثورة وإن كانت هناك بعض الأخطاء التي شابت أداء المجلس العسكري.
   الآن وبينما تعد بعض القوي السياسية "وثيقة العهد" التي يجب أن يوافق عليها مرسي حتى يمنحونه أصواتهم, هل يمكن لنا أن نصدق وعود الإخوان, بينما يقول المثل المصري: "أسمع كلامك أصدقه وأشوف عمايلك أستعجب"؟!
أحمد عثمان