كتاب 11
في ختام اللقاء!
انتهت القمة الاستثنائية التشاورية بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين دول مجلس التعاون الخليجي، ببيان ختامي غطى عددًا مهمًا ولافتًا من النقاط المثيرة للجدل، من أهمها أن الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن دول مجلس التعاون (وإن كانت لم توافق على فكرة معاهدة للدفاع، مثل الموجودة بحق اليابان وأوروبا على سبيل المثال).
بخصوص المسألة السورية، تم الإعلان أن مستقبل سوريا يجب أن يكون من دون بشار الأسد وأنه حاكم فقد شرعيته، ولكن لم يكن هناك تفصيل للكيفية التي ستتم بها هذه المسألة (وهنا قد يكون لقناعات وزير الخارجية الأميركي جون كيري دور في ذلك الأمر) لكون الرجل كان لديه علاقة شخصية ذات يوم بالطاغية السوري وزاره وزوجته في دمشق ويأمل بالتالي في إخراج سياسي معه للأزمة (بعد أربع سنوات وأكثر من الإجرام والدم).
تطرق البيان الختامي إلى تأمين الممرات البحرية والتباحث مع الشركاء العرب في الخليج في مواجهة كل المخاطر الممكنة والمحتملة. الطرفان (دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة) يدركان أن العلاقة لم تعد كما ينبغي أو على الأقل ليست كما كانت من قبل ومضربًا في الأمثال والاعتمادية والمصداقية، وهناك قناعة في هذه الإدارة الأميركية تحديدًا؛ أن دور الخليج العربي التقليدي كمصدر أساسي للطاقة حول العالم ونقطة استقرار لدول المنطقة، تغير من تغير معايير السوق فيما يخص كل قوى العرض والطلب ونمو القدرة الإنتاجية بشكل عظيم للولايات المتحدة نفسها وتحولها إلى قوة مؤثرة جدًا في السوق النفطية.
السعوديون والخليجيون لم يخفوا امتعاضهم في السر والعلن، خصوصًا في ظل تضارب الرسائل المعلنة من قبل أطراف مختلفة ومؤثرة داخل أروقة صناعة القرار في البيت الأبيض. من المهم جدًا التركيز على قوة الانطباع الذي تركته هذه المناسبة السياسية اللافتة والتعليقات التي أثيرت وتم تناقلها فيها، فلقد كان الموقف الخليجي صارمًا وجافًا وواضحًا ومتحدًا بلا ثغرات ولا تناقض ولا تسريبات ولا ازدواجية، بل كان موقفًا ثابتًا، وفي التنسيق كان واضحًا جدًا، وكذلك الأمر لم يكن هناك «مبالغات» في التوقعات والتأملات، فهم يتعاملون مع إدارة في الرمق الأخير من فترتها الرئاسية، وبالتالي يدركون جيدًا قدرة هذه الإدارة في تفعيل أي قرار سياسي وتغيير أي توجه عام في ظل سنة انتخابية يبدو أنها سوف تكون حامية الوطيس بين الحزبين الرئيسيين في أميركا؛ الحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي الحاكم.
من ينظر إلى هذه المناسبة على أنها «مباراة» لا بد أن يكون فيها طرف فائز وآخر خاسر، ولكن من المطلوب النظر إلى كيفية «التعامل» مع هذه المتغيرات المستمرة، وخصوصًا فيما يخص التعامل مع الجماعات الإرهابية المسلحة في كل مكان من العالم العربي الملتهب جدًا.
مشكلة باراك أوباما (وهي مشكلة يعاني منها حزبه السياسي) هي أنه لا يجيد استعمال التواصل الشخصي لبناء الثقة مع خصومه أو مع خلفائه، وهي مسألة كان من المتوقع استغلالها بشكل أكبر منه بحكم ظروف المكان والزمان. اللقاء كان في منتجع غير رسمي وبنهاية أسبوع العمل)، ولكن باراك أوباما ليس بيل كلينتون، وبالتالي نجح اللقاء في الحفاظ على الحدود المحترمة في العلاقة، ولكن في اعتقادي أن هناك لدى الأطراف التي التقت، شيئًا ما تغير والرجاء سوف يكون على توسيع قاعدة الاختيار من الناحية السياسية العسكرية والاقتصادية وعمل كثير من المبادرات الاستباقية التي تؤكد على هذا التوجه الجديد.
سيجد أوباما وحزبه الديمقراطي حرجًا كبيرًا في إفهام الناخب الأميركي كيف أن دولة مارقة مثل إيران كانت قطبًا أساسيًا في محور الشر وترعى وتدعم الإرهاب، تتحول وهي بنفس النظام السياسي الحاكم وبنفس العقيدة السياسية بنسبة 180 درجة؟! شيء لا يصدق. كان لافتًا تحليل أحد المهتمين بالشأن الخليجي، عندما قال معلقًا على اللقاء المهم: «في عهد أوباما، إيران سوف تكون حليفته، ولكن لن تكون صديقة، ودول الخليج العربي سوف تكون صديقة وليست حليفة».
أوباما باقٍ على فترته الرئاسية مدة قصيرة، ويبقى التحدي السياسي والاقتصادي على دول الخليج بناء علاقة مع الولايات المتحدة وليس مع إدارة في البيت الأبيض، وإسرائيل وإنجلترا واليابان تعرف جيدًا الفرق بين الاثنين.