مصر الكبرى
حرب كلامية بين سليمان والإخوان
غداة إغلاق باب الترشح لأول انتخابات رئاسية بعد إسقاط حسني مبارك، بدأت معركة عنيفة بين رئيس الاستخبارات في عهد حسني مبارك اللواء عمر سليمان وجماعة الإخوان المسلمين، اذ يطرح الاول نفسه "كمنقذ" للبلاد من الجماعة التي يتهمها بالسعي لاحتكار السلطة بينما يتهمه الإخوان بـ"سرقة الثورة" ويهددون بالنزول الى الشارع مجددا. وشن اللواء سليمان الذي كان عدوا لدودا للإسلاميين على مدى قرابة عشرين عاما أمضاها رئيسا لجهاز الاستخبارات في عهد مبارك، هجوما شديدا على الإخوان المسلمين الذين اتهمهم بتهديده بالقتل معتبرا انهم "فقدوا كثيرا من شعبيتهم". وذلك في مقابلة نشرتها أمس صحيفتا الأخبار الحكومية والأسبوع الخاصة. وأضاف "بمجرد الاعلان عن ترشحي لرئاسة الجمهورية تلقيت على هاتفي المحمول الخاص وعبر مقربين تهديدات بالقتل ورسائل تقول (سوف نثأر منك) من عناصر تنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين والى الجماعات الاسلامية الاخرى". وتابع "اذا كان البعض يظن ان هذه الاتهامات يمكن ان تثنيني عن مواقفي او عن استمرار ترشحي لرئاسة الجمهورية فهم واهمون". واعتبر ان هناك "تحولا في المجتمع المصري ساعدت عليه ممارسات الاخوان المسلمين وتصرفاتهم وسعيهم الى الاستحواذ على كل شيء وتبني خطاب غير مقبول من الجماهير، وقد لعبت هذه المواقف جميعها دورا في إحداث هذا التحول في الشارع المصري باتجاه الرغبة في الحفاظ على ثوابت الوطن والحفاظ وحماية الدولة المصرية ومؤسساتها من السقوط". وقال انه سيسعى قبل أي شء الى "انقاذ البلاد من الفوضى وعودة الامن سريعا وإعادة هيبة الدولة". وأكد انه يراهن على ما بات يسمى في مصر بـ"حزب الكنبة" اي المصريين غير الناشطين سياسيا الذين يكتفون بمتابعة التطورات السياسية عبر شاشات التلفزيون من فوق أرائكهم. ورأى ان "البسطاء من المواطنين والشباب المثقفين وابناء الفئات الاجتماعية المختلفة الباحثين عن الامن والاستقرار ولقمة العيش الكريمة والحرية، هؤلاء هم حزبي وأهلي الذين سيتولون ادارة المعركة الانتخابية". ورد مرشح الاخوان المسلمين خيرت الشاطر في مؤتمر صحفي عقده بشكل مفاجئ قبيل ظهر امس مهددا بالنزول الى الشارع مرة اخرى في حال "سرقت الثورة" منددا بدخول رئيس جهاز الاستخبارات السابق عمر سليمان سباق الرئاسة. وقال الشاطر ان ترشح اللواء سليمان الذي تولى منصب نائب الرئيس قبل ايام من اسقاط حسني مبارك تحت ضغط الشارع في 11 شباط (فبراير) 2011، "اهانة للثورة وعدم ادراك بأن تغييرا حدث" في مصر. وأضاف مرشح الجماعة في اول ظهور إعلامي منذ ترشحه "نرفض محاولة اعادة انتاج النظام السياسي السابق بشكل معدل في شخص اللواء عمر سليمان". وتابع "المسألة الاساسية هي سرقة الثورة، لو تمت اي محاولة لسرقة الثورة سننزل نحن وغيرنا الى الشارع" مضيفا "كلنا كمصريين ضحينا ليس لكي يعود من كان نائبا للرئيس (السابق)". واعتبر الشاطر ان الشعب اطاح بمبارك وسليمان معا قائلا بالعامية المصرية "الشعب مشّى مبارك ومشّى سليمان". من جانبه اعتبر سليمان الذي تولى منصب نائب الرئيس في الايام الاخيرة من حكم مبارك قبل إسقاطه، ان "الذين يقولون ان ترشحي لمنصب الرئيس يعني اعادة انتاج النظام السابق عليهم ان يدركوا انه ليس معنى انني كنت رئيسا لجهاز المخابرات او نائبا للرئيس لعدة ايام انني كنت جزءا من منظومة ثار عليها الشعب". ونفى سليمان ان يكون ترشحه بناء على اتفاق مع المجلس العسكري الحاكم، مشددا على ان اعضاء هذا المجلس علموا بترشحه من وسائل الإعلام. إلا أنه اكد في الوقت ذاته "انا ابن المؤسسة العسكرية واعتز بتاريخ خدمتي فيها". وتابع "كان للمؤسسة العسكرية ومازال دورها في حماية هذا الوطن وحماية ثورته والدفاع عن أمنه واستقراره، وأرفض توجيه أي إهانات الى المؤسسة ورموزها، وأرفض محاولات التشكيك في الجيش المصري، وأدرك أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعمل في ظروف بالغة الصعوبة". وفي ما بدا أنه استهلال لصدام شرس مع الإخوان المسلمين الذين يهيمنون على البرلمان بالتحالف مع حزب النور السلفي ويحظون بالأغلبية في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد، أكد اللواء سليمان رفضه موقف جماعة الإخوان التي تريد تحويل النظام السياسي في مصر من الرئاسي الى النظام المختلط او البرلماني. وقال بلهجة حاسمة إنه "سيرفض النظام المختلط أو البرلماني، ولن اسمح لنفسي بأن اكون الرئيس الرمز الذي لا يستطيع اتخاذ القرارات ويكون مجرد صورة". واستطرد "انا رشحت نفسي على أساس النظام الرئاسي (الذي ما يزال ساريا بموجب الإعلان الدستوري الصادر عقب إطاحة مبارك) أي أن تكون هناك سلطات واضحة لرئيس الجمهورية تمكنه من حماية البلاد وتجربتها الديمقراطية، ويعطي الرئيس القدرة على ان يمنع تغول فئة (إشارة إلى الإخوان) على حساب فئات الشعب". وستجرى الانتخابات الرئاسية في 23 و24 أيار (مايو) المقبل، وتنظم جولة الإعادة إذا اقتضى الأمر في 16 و17 حزيران (يونيو). وستعلن اللجنة العليا للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين في 26 نيسان (ابريل). ولمواجهة احتمال استبعاد خيرت الشاطر لأسباب قانونية، قررت جماعة الإخوان أن يكون رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها محمد مرسي مرشحا احتياطيا لها.