تحقيقات
ايران ستصل إلى دولة نووية بترخيص امريكى
قال رؤوبين باركو، خلال تقريرًا نشره موقع إسرائيل اليوم، لقد دخل الشرق الأوسط في هذه الأيام إلى وضع يمكن وصفه باللامعقول كبير، وكل ذلك برعاية الولايات المتحدة، اتفاق الإطار الذي وقع عليه الغرب مع آيات الله يقود فعليا إلى وصول إيران إلى دولة نووية في النهاية بترخيص من دول العالم،
وفي منطقتنا يتصعبون في استيعاب غير المفهوم ـ في الوقت الذي تواصل فيه إيران تحريك عجلات حربها وتمددها في مراكز قتل مختلفة في الشرق الأوسط وحيث تقف في اليمن أمام قوات التحالف العربية التي بدأت عملية «عاصفة الحزم»، يعلن المتحدثون باسمها أنهم نجحوا في إخضاع الغرب ويواصل زعماؤها الإعلان عن نيتهم في تدمير إسرائيل.
وتابع نقلا عن القدس العربية، يبدو أن إيران تستطيع السماح لنفسها بذلك إزاء ضعف الرجل المسالم براك اوباما. بفضله هي تقول بفرح ـ الدول العربية من حولها انهارت كبرج من ورق، وهي بقيت صامدة. هي ومصر، التي كما يبدو كانت ستنهار لو أن رئيسها عبد الفتاح السيسي خضع للحظر الاقتصادي والتخلي الأمريكي عنه كما حدث في حينه لشاه إيران وفيما بعد لحسني مبارك.
من حسن حظ الدول العربية التي تُهاجم الآن في الجناح اليمني من قبل إيران، أحد ما في الإدارة الأمريكية تشجع أخيرا وعمل على ازالة الحصار الأمريكي عن القاهرة التي تصارع من اجل بقائها الاجتماعي والاقتصادي. هذا التغيير مكّن السيسي من إسماع صوت واضح وحاسم أكثر في التحالف العربي في الوقت الذي تعهد فيه بالحفاظ على أمن دول الخليج كجزء من أمن مصر.
لقد عتّم بذلك على إعلان باكستان أنها ستقف إلى جانب السعودية في الأزمة مع إيران. الأزمة ليست سهلة. دُمى إيران كان باستطاعتها إضحاك الكثيرين لو لم تكن مشبعة بدماء آلاف الأبرياء في الشرق الأوسط. لقد تحولت المنطقة إلى مملكة اللامعقول، حيث تقوم المليشيا الإيرانية «الحشد الشعبي» التي تضم مقاتلين من حرس الثورة بضرب داعش بالتعاون مع الجيش العراقي وبمساعدة غير مباشرة من الولايات المتحدة. وفي المقابل فان قوات إيرانية بمساعدة الشيعة العراقيين يقومون بذبح السكان السنيين في العراق وسرقة ممتلكاتهم، ايضا هذا يتم بترخيص أمريكي. فهم يتحركون وهم يحملون صور المرشد الاعلى علي خامنئي في شوارع تكريت «المحررة» ويحتفلون بصورة عنيفة.
ايضا في سوريا الذراع الإيرانية الطويلة ملموسة. الرئيس بشار الأسد صنيعة إيران يواصل ذبح السكان المدنيين والمتمردين. منذ انهيار تعهدات اوباما بضرب النظام السوري اذا استخدم السلاح الكيميائي، فان الأسد يقوم بضرب معارضيه بغاز الكلور مستفيدا من الفشل في اخلاء بلاده من المواد الكيميائية وفقط يزيد استخدامه لها. هذا الوضع الذي يجري تحت أعين امريكية مغلقة يُذكر بالتعهد الامريكي في التسعينيات أن كوريا الشمالية التي قامت في حينه بدور إيران كتهديد نووي سيتم تجريدها من قنابلها. ازاء حقيقة أن هذا التعهد انهار فما الذي على إسرائيل أن تفهمه من السوابق (البعيدة والقريبة) التي أمامنا.
المحور المشترك
لاعب آخر في الملعب الشرق الأوسطي هو روسيا التي تساعد عسكريا المحور الإيراني ـ السوري. إن الحفاظ على مكانة الأسد هو مصلحة روسية يقف على رأسها ميناء في المياه الدافئة للاسطول الروسي في طرطوس. هذه اليد موجودة ايضا في اليمن. فهناك وبشكل مفاجئ يطالب الروس بوقف اطلاق النار وكذلك يطالبون بممرات انسانية للانقاذ. الروس يتطلعون إلى مضائق باب المندب متشجعين من انجازات الحوثيين الذين هم أداة بيد إيران.
وزير الخارجية اليمني رياض ياسين يوجه إصبع اتهام مباشرة. حسب رأيه فان روسيا تُهرب في طائراتها «الانسانية» التي تهدف ظاهريا إلى انقاذ رعاياها في اليمن، السلاح للحوثيين.
العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم التحالف العسكري لـ «عاصفة الحزم» ينضم إلى هذه الاتهامات ويحذر: روسيا تعمل لصالح إيران في اليمن وفي سوريا. هكذا فان بصمات روسيا ظاهرة في المنطقة، سواء من خلال المبادرة بتسليح إيران ببطاريات متطورة مضادة للطائرات أو العروض لانشاء مفاعلات نووية «للاغراض السلمية» في الدول المختلفة. يبدو أن الرئيس فلادمير بوتين نقل الحرب الباردة إلى الشرق الاسط كجزء من تحقيق حلمه لاعادة روسيا إلى مكانة الدولة العظمى. وغايته هي الثأر من الولايات المتحدة على موقفها من قضية شبه جزيرة القرم والازمة في اوكرانيا.
التحالف العربي يدرك المصلحة الروسية، وقد سبق للسعودية أن أعلنت: اذا حاول بوتين وقف عملية «عاصفة الحزم» عن طريق قرار في الامم المتحدة، وقامت الولايات المتحدة بالوقوف ضدها (لم تستخدم الفيتو)، فسيواصل التحالف العملية بدعم من باكستان وتركيا، التي التقى رئيسها اردوغان أول أمس مع روحاني، ولكنه لم يتطرق إلى الصراع في اليمن.
اذا لم يتغير شيء حقا في توازن القوى فسيتضح شيئا فشيئا أن اليمن سيكون الدولة الأولى التي سيُهزم فيها نشاط التمدد الإيراني على أيدي الدول العربية السنية. مع ذلك ومن اجل تحقيق حسم كهذا فان تدخلا بريا في اليمن هو أمر ضروري. الانجاز السني الذي يتحقق في الجبهة اليمنية يبدو أنه الأول، ولكن حتى الوقت الحالي فهو الوحيد. اذا عدنا إلى سوريا فان الكفة ما زالت تميل لصالح التعاون بين إيران وروسيا، اللتان تعملان في صالح نظام الاسد. في هذه الجبهة هما تحظيان بدعم مقاتلي «أكناف بيت المقدس» الفلسطينية.
هؤلاء الذين يتركز معظم نشاطهم في مخيم «اليرموك» (الذي يسمى عاصمة الشتات الفلسطيني)، وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان. فمن جهة فان المخيم الذي فرغ تقريبا من سكانه يقع تحت قصف النظام السوري، ومن جهة أخرى يعاني من مواجهة مباشرة وعنيفة مع مقاتلي داعش عديمي الرحمة. «اليرموك» القريب من مواقع السلطة والامن في دمشق، يُسحب تدريجيا من أيدي النظام إلى أيدي المتمردين، وفي نفس الوقت يفقد الاسد السيطرة على المعابر الحدودية التي اغلاقها من قبل المتمردين يخنق ما تبقى من اقتصاد الدولة ويضعف النظام.
في الوقت الحالي يبدو أن دعم «أكناف بيت المقدس» للأسد يلغي محاولة الفلسطينيين عرض صورة الحيادية وعدم تأييد أي طرف من أطراف الصراع السوري الداخلي، كما أنه يشير إلى أن الطلاق الذي أعلن عنه بين النظام السوري ومنظمة حماس الإرهابية التي دعمت في البداية المتمردين، لم يكن نهائيا. قصة الغرام التي تجري تتضمن مساعدة إيرانية لحماس في غزة: السلاح وإعادة ترميم الأنفاق وتمويل العمليات الإرهابية.
ليس هناك شك في أن الأحلام المشتركة التي تنسج في الملاجيء المحصنة لحماس في غزة وحزب الله في بيروت من اجل تدمير إسرائيل بقيادة طهران، تواصل تغذية أوهام آيات الله بأحلام قاتلة. كل ذلك يجري في أزمان الهدنة الواقعة بين نكتة واخرى على حساب الامريكيين ازاء اتفاق الاطار المضحك الذي تم التوصل اليه في لوزان.
بين اليمن وغزة
الآن، وفي ظل الفوضى وانهيار الدول العربية في المنطقة، فان الأمريكيين يصرون على الطلب من إسرائيل اقامة دولة إرهاب فلسطينية في يهودا والسامرة اضافة لتلك الموجودة في غزة. هذه رغبة امريكية مُحيرة تتساوق مع الطلب من إسرائيل الاستجابة إلى «المبادرة العربية».
هذه المبادرة بالفعل هي طريقة جديدة لضخ مسلحي داعش إلى يهودا والسامرة والجولان وطبرية، وكذلك أحفاد اللاجئين من «اليرموك» إلى داخل إسرائيل في اطار «حق العودة». مع اصدقاء كهؤلاء ـ من يحتاج إلى أعداء؟ وبشكل عام، يبدو أنه في الادارة الامريكية هناك من يعتقد (بهدف الانتقام؟) أن النموذج التدميري لحماس العامل من غزة وسيناء ضد إسرائيل ومصر، ناجح بما يكفي إلى درجة أنهم يريدون تطبيقه ايضا ضد أمن الاردن وإسرائيل في يهودا والسامرة.
«المبادرة العربية» تلتقي ايضا مع أهواء الشعب الفلسطيني. خلافا لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذي يمد يد مضللة للسلام أعلن عن الحقيقة الدكتور عبد الستار، المحاضر الكبير في العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس: «الفلسطينيون لا يريدون دولة. على السلطة الفلسطينية الاهتمام بتنفيذ حق العودة إلى فلسطين».
هكذا حيث أن التهديد من الجنوب قائم وكما هو مفهوم ايضا التهديد من الشمال على هيئة حزب الله، بتوجيه ودعم إيران، فان مقاتليه يواصلون القتل والموت، وفي الوقت الذي يراكم فيه التنظيم ترسانة قاتلة من الصواريخ بعيدة المدى ويستعد لحرب اخرى رهن الاشارة ضد إسرائيل ـ متشجعا من «اخضاع» الولايات المتحدة على يد إيران. لكن وقبل أن تزيد من نشاطاتها بواسطة حزب الله وحماس فان إيران تركز جهودها في اليمن، بمساعدة الحوثيين.
خامنئي والرئيس حسن روحاني يريان أن زخمهما يتم وقفه من قبل القوات العربية في اليمن، وبواسطة حكام عُمان يهددون السعودية (التي صدتهم في الماضي في البحرين) بأنها ستدفع ثمن ذلك. إيران لا تخاف من القوات العربية المشتركة. هناك يعرفون أن هؤلاء لن يتجرأوا على مهاجمة إيران. حتى هذه اللحظة يخوض الطرفان حرب شوارع في اليمن حيث يستخدم الحوثيون السلاح الثقيل ويقومون بقصف واقتحام البيوت وقتل المدنيين. الحرب امتدت إلى القبائل في جنوب شرق اليمن الذين انتظموا في اطار مليشيات «المقاومة الشعبية».
من اجل ردع اتحادات القبائل اليمنية من التدخل في المعارك، يقوم الحوثيون بخطف زعماء، نشطاء احزاب ورجال دين كبار. ولمعادلة السلاح والوسائل العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون في المعسكرات والوحدات العسكرية التي استولوا عليها يتم إنزال السلاح الخفيف من طائرات التحالف لنشطاء القبائل الموالية للرئيس اليمني عبد منصور هادي.
مقاتلو هذه القبائل يتجمعون الآن ضد الحوثيين إلى جانب قوات التحالف، الذين يقومون الآن بالقصف فقط من الجو والبحر. اذا دخل تحالف «عاصفة الحزم» إلى الحرب البرية مع الحوثيين، واذا قامت بالحزم، مثل اسمها، فان هذا سيشكل نقطة تحول بخصوص القدرة العربية على صد الإيرانيين ووكلائهم ايضا في سوريا والعراق ولبنان.
في هذه الاثناء وبعد رفع العقوبات يستطيع الإيرانيون المسلحون جدا أن يفتحوا من جديد محافظهم لتسلح آخر، وحال انتهائهم من بناء القنبلة النووية يستطيعون حسم الدول العربية في شبه الجزيرة وأن يعيدوا تنظيم أنفسهم عسكريا. هكذا تستطيع إيران في المستقبل اظهار جدية تهديداتها تجاه أعدائها: في الخليج بواسطة اظهار قوة نووية، وصواريخ ضد إسرائيل (ايضا من لبنان).
الثقة الإيرانية
الشيخ محفوظ وِلد الوالد، المفتي المستقيل لتنظيم القاعدة السني، يتهم إيران بكل مشاكل الشرق الاوسط. رغم المعركة الوجودية التي تجري على السيطرة بين إيران الشيعية والدول السنية في الشرق الاوسط، ما زال رجال القاعدة يحاولون اللحاق باخوانهم وتعزيز مواقفهم باعمال إرهابية كثيرة المصابين. حتى في ظل المعارك في اليمن فقد قام رجال القاعدة بسرقة البنك المركزي في المكلا وحرروا معتقلي الإرهاب التابعين لهم من السجن.
في هذا الوضع يشكل تحليل الوضع الأصيل للوالد رؤية للحالة النفسية الإسلامية السنية المتطرفة في الشرق الاوسط. في سلسلة مقابلات مع محطة «الجزيرة» شرح أن المواجهات في سوريا ولبنان والعراق واليمن تنبع من نوايا التمدد الإيرانية التي وصف زعماؤها منذ البداية العراق كجزء تاريخي من المجال الإيراني.
حسب اقواله فانه نظرا لضعف الدول العربية التي تنقصها الرؤيا الاستراتيجية المشتركة فهي لا تستطيع اعطاء رد مناسب للعنف الإيراني رغم كل المال الذي أنفقوه على شراء كميات كبيرة من السلاح ـ وإيران تعرف ذلك.
يدعي المفتي أنه في الوقت الذي تخلى فيه العرب عن الفلسطينيين فقد استغل الإيرانيون الفراغ الذي نشأ وساعدوا الفلسطينيين وجندوهم لخدمة أهدافهم. الآن تستخدم إيران ايضا الصينيين والروس لأغراضها وذلك عن طريق مؤامرة تقديم منافع وصفقات كبيرة منهم بواسطة العراق.
كما يدعي الوالد ايضا أنه لا يوجد للإدارة الأمريكية أصدقاء، وأن ما يهم الأمريكيين هو مصلحتهم ومصلحة إسرائيل الإستراتيجية (تدفق النفط). لقد اظهر المفتي ثقته بأن الوضع الذي نشأ أمام الولايات المتحدة فان إيران تنتظر الضوء الاخضر من الولايات المتحدة لتحتل البحرين بعد أن قامت باحتلال بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
حسب أقواله فان الإيرانيين الشيعة يتصرفون في الشرق الأوسط من خلال منظور تفوق فارسي ديني، قومي وعنصري، وتخفي مباديء عقيدتها، وتعاملهم المتعالي تجاه العرب، وحتى إزاء الطوائف الشيعية «الدنيا» الاخرى. ويضيف الوالد بأن السنة يوصفون لدى الشيعة كـ «كفار» وخالقي فتاوى كاذبة.
المفتي لاذع اللسان يوضح أن طريقة مواجهة إيران يجب أن تكون مشابهة للقوة والحكمة التي تستخدمها هي نفسها: في البداية ـ قوة معتدلة ومفاوضات «قوة ناعمة»، وفي النهاية ـ قوة عنيفة «قوة خشنة» وذلك لتحقيق الانجازات.
واختتم الكاتب: ليس هناك شك أنه في الشرق الاوسط يديرون الحوارات ويحصلون على نتائج فقط هكذا، وهذه عبرة مهمة لاوباما الذي يرضي ويهادن أعداءه. الإيرانيون لا يعربدون في الشرق الأوسط عبثا، فلديهم اجندة سيطرة مؤكدة على الشرق الاوسط. اذا لم يتم صدهم فهم سيعملون من اجل تنفيذها باسم الله.