مصر الكبرى

12:46 صباحًا EET

سوزان رايس في موقف عصيب

يعتبر الهجوم من جانب الجمهوريين على سوزان رايس بمثابة فضيحة ملفقة، وتمثلت في شن هجوم ضدها لتكرارها مواضيع نقاش خاصة بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حرفيا تقريبا في تفسير هجمات بنغازي. ربما يتضح أن رواية سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حتى مع الجوانب التي تم إغفالها، أقرب إلى الحقيقة من خطاب الحزب الجمهوري الهادف للتهييج.
ولكن مجرد إدراك أنه قد تم التشهير برايس جزافا لا يعني أنها ستكون وزيرة خارجية ناجحة. وهذا متن الموقف العصيب الذي تواجهه؛ بالنظر إلى علاقة الصداقة التي تربطها بالرئيس أوباما، فستكون قادرة على نحو متفرد على الحديث بوصفها مبعوثته. لكنها ستحمل أيضا بعض الأعباء – على رأسها المعركة السياسية التي ستتبع تعيينها في هذا المنصب.

سيكون ترشيح رايس لمنصب وزيرة الخارجية محفوفا بالمخاطر. ستمثل خيار رهان بالنسبة لأوباما، إشارة إلى أن فترة رئاسته الثانية ستختلف بحق عن النمط الحذر الذي اتسمت به فترته الأولى. سوف يمثل تعيينها إشارة إلى أن أوباما سينهض بدور أقوى في السياسة الخارجية، وأنه على استعداد لكسر بعض القواعد لإتمام المهام المطلوبة.
كي أكون صريحا، فإن مشكلة رايس هي أن البعض لا يحبها. فهم يرونها صعبة المراس ومعتزة بذاتها ومتقلبة المزاج. وقد أشار البعض إلى أن هذا التعقيب ينطوي على تمييز ضدها بوصفها امرأة، غير أن عيوب رايس مماثلة لعيوب ريتشارد هولبروك، الدبلوماسي الموهوب الذي لم يتقلد مطلقا منصب وزير الخارجية.
بوضع حالة الغليان السياسي المحيطة برايس في الاعتبار، نجد أن البيت الأبيض يجب أن يترك القضية تهدأ لمدة أسبوع أو أسبوعين؛ انتظارا لنتائج التحقيق الرسمي في هجمات بنغازي، التي ستجعل تصريحات رايس التلفزيونية تبدو أفضل، وتظهر أنها كانت مجرد حدث عارض بسيط في المأساة التي حدثت. لننتظر حتى يشكل أوباما فريق أمن قومي شاملا يمكن أن تكون رايس لاعبا رئيسيا فيه. ولننتظر حتى يقرر الرئيس ما إذا كان يرغب في مبعوث خاص لمحادثات السلام الإسرائيلية – الفلسطينية (هل ذكر أحد اسم بيل كلينتون؟) لمعاونة وزيرة الخارجية.
إذا كان بمقدور مسؤولي وزارة الخارجية اختيار رئيسهم، فمن المتوقع أن يختاروا السيناتور جون كيري. هو يقدم نفسه (كما فعلت هيلاري كلينتون) بطريقة عملية مطمئنة يمكن لسياسي متمرس العمل بها. يفكر كيري على نحو غير تقليدي على نطاق واسع، فقد أدرك في وقت مبكر أهمية الحوار مع خصوم أميركا في إيران وسوريا وحتى حماس.
وعمل مبعوثا شخصيا لأوباما في باكستان، وأفغانستان، ومناطق أخرى، وكان مخلصا وحكيما. لكن اختيار وزير للخارجية ليس خيار أي أحد سوى الرئيس (بنصيحة وموافقة مجلس الشيوخ). وإذا ما خلص أوباما بعد فترة من التفكير إلى أنه يرغب في أن يجرب حظه مع رايس – وحصد الجوائز المحتملة – عندئذ ينبغي عليه أن يفعل ذلك، فربما لا تكون وزيرة سيئة، وربما تكون وزيرة متميزة.
كي نعلم مواطن ضعف وقوة رايس، تحدثت الأسبوع الماضي إلى كثير من الأفراد الذين عملوا معها في الأمم المتحدة وإلى جانبها في الإدارة، ووجدت أن الإيجابيات تفوق السلبيات، لكني سأعرض مجموعة منهما.
تنبع قوة رايس من كونها ذكية واستراتيجية وصريحة. وكانت مفاوضة ماهرة في الأمم المتحدة مع إحساس رقيق بالصينيين والروس، وربما كانت تغريهم ضد بعضهم البعض في بعض الأحيان. ودعمت قرارات مجلس الأمن بشأن إيران وكوريا الشمالية، وعلى الرغم من سمعتها كرئيس قوي، فإن جمهورها يحبونها في المجمل، خاصة الشباب.
ميزة رايس الكبرى هي قربها من الرئيس. فهي تتفهم رؤيته لتغيير العالم بشكل أفضل من أي شخص آخر في الحكومة. تتوافق غرائزها والثورات العربية، والحاجة إلى الحوار مع إيران، وأهمية أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وقد أدركت أن وظيفتها في الأمم المتحدة إعادة ضبط علاقات أميركا مع العالم، بعد سنوات جورج بوش، وقد تمكنت من ذلك.
سلبيات رايس هي في الأغلب مسألة أسلوب، فهي انتهازية وتستخدم ألفاظا غير مقبولة، وأحيانا ما تبدو جريئة (انطباع خاطئ، نظرا لأنها، مثل الرئيس، تميل إلى قراءة كل ملخصات الأحداث). وكانت متحفظة تجاه هيلاري كلينتون، وأولت اهتماما بعلاقتها الخاصة مع أوباما ووضعها الوزاري. وهذا يثير حفيظة بعض الأفراد.
قامت رايس بأمرين في الأمم المتحدة، وقد أبرزت أنها لاعبة من الفئة الأولى. في البداية كانت قوية بما يكفي للتصدي لدبلوماسيي روسيا الذين كانوا يتنمرون في بعض الأحيان. وثانيا أنها قدمت قنوات دعم سرية لتوصيل رسالة عاجلة لإيران. ستكون الوزيرة رايس وجه أوباما النشط والشاب للعالم وخيارا جيدا إن لم يكن يحمل بعض المجازفة.
 

التعليقات