كتاب 11

06:22 مساءً EET

المفاوضات بهدف المفاوضات

بابتسامة رئاسية أوبامية مشرقة، وبنبرات حانية، وجّه الرئيس أوباما خطابا إلى الشعب الإيراني، يطلب منه فيه أن تتخلى إيران عن حلمها النووي، وفي المقابل سوف تقوم أميركا برفع الحصار الاقتصادي عنها، وتساعدها بكل الطرق الممكنة من أجل أن يعيش الشعب الإيراني حياة الازدهار والرفاهية.

الواقع أن الرئيس أوباما لم تتح له فرصة أن يعيش فترة من حياته على أرصفة الدنيا، لذلك لم يتعلم فنون هذه الأرصفة. هو يصدق حتى الآن أن إيران تريد بالفعل الوصول لصنع قنبلة ذرية، كما لو أن حكامها لا يعلمون علم اليقين أنه عندما تتوافر معلومات لدى أجهزة المعلومات في إسرائيل عن أن إيران في طريقها بالفعل لصنع هذه القنبلة، فسوف تقوم بتدمير كل الأماكن اللازمة لصنعها. ولقد حدث ذلك من قبل عندما قامت إسرائيل بتدمير أحد المفاعلات الإيرانية على الأرض السورية.

إذا كانت لهذه المفاوضات نهاية – وهو ما أشك فيه – فلا بد أن تنتهي إلى إحدى نتيجتين: النجاح، أي أن تُرغم إيران على التخلي عن حلمها في صنع قنبلة ذرية.. أو الفشل في الوصول لأي نتائج حاسمة. أريد أن تتخيل في حالة النجاح أن تقول الحكومة الإيرانية لشعبها: أيها الشعب الإيراني العظيم.. لقد تمكن «الشيطان الأعظم» من إرغامنا على نسيان حكاية القنبلة الذرية، ولقد وافقنا على ذلك، نظرا لأن علماءنا اكتشفوا قنبلة جديدة أكثر فتكا من الذرية عشرات المرات. أما فشل المفاوضات وتوقفها إلى الأبد، أو إلى حين، فسوف يعد ذلك انتصارا للحكومة الإيرانية التي رفضت الرضوخ لضغوط «الشيطان الأعظم».\أنا أعتقد أن الطرف الإيراني وافق على الاشتراك في هذه المفاوضات تحت ضغط الحصار الاقتصادي من ناحية، ومن ناحية أخرى هو يثق بقدرته على الوصول إلى اتفاق مكتوب يستطيع في الوقت المناسب عدم الالتزام بتنفيذه. وفي كل الأحوال هم يعرفون جيدا أنهم حتى في حالة وصولهم لصنع قنبلة ذرية، فمن المستحيل عليهم التهديد بها فضلا عن استخدامها. لأنه من المؤكد أيضا أن هناك من سيرد عليهم بعدة قنابل ذرية بعدها بلحظات.\هي مفاوضات بهدف انتظار لحظة مواتية يتغير فيها الحظ والزمن، أو بدافع من الرغبة في إنهاك الخصوم. فحتى المعادن تنكسر عند درجة محددة من الإجهاد (Fatigue).. والطرف الإيرانى ينتظر تلك اللحظة عند خصومه الجالسين أمامه على مائدة التفاوض. وعلى أي حال هذه المفاوضات لا تعطل شيئا من مشاريع إيران الثورية.. خطة اختراق الدول المحيطة وتغذيتها بالوقود الثوري ماضية في طريقها محروسة بالحرس الثوري. إن إعلان الإمبراطورية الإيرانية وعاصمتها بغداد ليس فانتازيا كلامية نطق بها أحد الجالسين في مقهى، بل إنه جاء عبر شخص مارس أعمالا ذات مسؤوليات كبيرة في الدولة وهو السيد علي يونسي. العقلية الثورية متوترة بطبيعتها، يزعجها السلام والهدوء، والعمل في وضح النهار أمر تعجز عن ممارسته، كما أنها تعجز أيضا عن تحمله. وجود جيران يعيشون في سلام وهدوء يشعل في صدورها نيرانا لا تنطفئ إلا بإزعاج هؤلاء الجيران.. اللهم احفظنا يا رب.

التعليقات