آراء حرة
محمد حمادي يكتب: كفاية يا ..سبكى
نعم كفاية .. يا سبكى ، كفى عبثا فى فننا العربى الذى غابت عنه شمس الاخلاق والقيم والفكر الهادف ، وماتت كل معانى الانسانية والضمير فى اعمالنا الفنية والسينمائية ، وشوهت بابشع الالفاظ النابية ، ومشاهد تسىء للفن والسنيما المصرية التى كانت منارة للعالم اجمع.
قد يشاهد المرء منا فيلماً سينمائياً حديث الإنتاج وبعد أن ينتهى من مشاهدته فإنه يشعر بأن هذا الفيلم قديم فى كل شىء فى كتابته وفى إخراجه وفى تمثيله وكأنه تأخر عرضه لسنوات طويلة حتى انه لم تعد له قيمة تذكر، وقد يحدث كل هذا فى ذهن المتفرج – مع أن الفيلم قد يكون خرج تواً من المعمل فى صالة العرض.
وعلى العكس مما ذكرناه وفى أحيان كثيرة يشاهد المرء أفلاماً جرى إنتاجها منذ زمن قد يصل إلى عشرات السنين ولكنه يشعر بأنها حديثة الإنتاج ويتابعها بشغف وإعجاب ويحرص على مشاهدتها كلما حانت الفرصة لمشاهدتها.
لابد من المعرفة الكاملة بالموضوع الذى يطرحه فنان الفيلم. وإذا توافرت هذه المعرفة على سبيل المثال لدى كاتب السيناريو والمخرج وأصبح كل شيء أمامهما واضحاً ومنطقياً عندئذ لا يعوزه سوى الشكل الذى يفرض نفسه ويلتحم عادة بمادة الموضوع ويصبحان شيئاً واحداً ينبض بالحياة ومن ثم ينبض بالفن. هذا التناغم ولا أقول الالتصاق ضرورى فهو مفتاح الباب الذى يجعل فنان السينما يستطيع من خلاله أن يتوغل إلى عالم الحقيقة وأنا لا أعنى هنا الحقيقة المألوفة التى لا تبغى سوى الإخبار ولكن أعنى الحقيقة الفنية الخالدة التى تعنى الكثير. أى أنه فى كل مرة تجرى فيها مشاهدة العمل الفنى يتعرف المشاهد على جزء من أجزائها والتى لا تنتهي. وقد لا يتحقق هذا إلا من خلال ما نطلق عليه بالتواصل الفني. ونحن نعنى بالتواصل الفنى أن يكون المبدع لديه إدراك بالتراث الذى سبقه بحيث يستفيد من هذا التراث ويدرك أنه سوف يكون جزءاً منه ومكملاً له وذلك بالإضافة وإلقاء الضوء عليه من خلال عمله الجديد. فالمبدع لا ينفصل عما سبقه وعندما تحدث المقارنة بين ما حققه وبين ما تم قبله فإنه بعمله يلقى الضوء على ما سبقه وكذلك فإن ما سبقه يلقى الضوء على عمله .
وعندما تذكر مصر يذكر فنها الاصيل ويذكر ايضا اعمدة ومؤسسى وصناع السينا فى مصر والعالم العربى ففى ذاكرة مصر المعاصرة تم توثيق حياة ابرز نجوم الفن السينمائي في مصر، وتسليط الضوء علي مؤسسي هذا الفن من المصريين الذين انحسرت عنهم الأضواء لسنوات طويلة، فلنتذكرهم لنعيد لهم جزء مما يستحقونه من تقدير وشكر، ومنهم الفنان محمد كريم ومحمد بيومي والأخوان لاما (ابراهيم لاما وبدر لاما) وتوجو مزراحي ومحمود خليل راشد. ولا ننسى ايضا .. اوائل المنتجين الذين حملوا علي عاتقهم صناعة هذا الفن الوليد والمخاطرة بأموالهم من اجل نشره في مصر من أمثال عزيزة أمير واسيا داغر، بالإضافة إلي اوائل نجومه ومنهم فؤاد الجزايرلي وابنته احسان الجزايرلي ونجيب الريحاني وبشارة واكيم ويوسف وهبي.
ان ذاكرة مصر المعاصرة والتاريخية سارعت علي توثيق تاريخ السينما في مصر قبل إنشاء ستوديو مصر، فقد بدأت أولي عروض السينما علي أرض مدينة الاسكندرية في 5 نوفمبر 1896 ببورصة طوسون بشارع فؤاد (مركز الإسكندرية للإبداع الآن) وذلك من خلال مجموعة من الأجانب المقيمين بالإسكندرية الذين استقدموا بعض الشرائط الأولي الاوروبية فحققت نجاحا مدويا، وتوالت العروض السينمائية من هنا، وبدأت العروض الناطقة في مصر في سينما فون عزيز دوريس بالإسكندرية (سينما ستراند بمحطة الرمل الآن) كما نجح عزيز بندرلي وامبرتو ملافاسي دوريس في استيردا الحاكي والاسطوانات الناطقة للتعليق علي الأفلام في السينما.
هذا هو جزء لايتجزا من تاريخ الفن والسينيما ، وصناعه فى مصر الذين ابهروا العالم بفنهم الاصيل الذى لن ولم يتكرر مرة اخرى فى تاريخنا .
نحن نسلط الضوء على ما يتم من انحطاط اخلاقى ، وانحدار بالىء فى قيم المجتمع المصرى والعربى ايضا ، بما نمر به من مشاكل واعباء وصراعات ، واود ان اقول اننى لست ضد الفن او السينما ولكن اريد ان تفعل الرقابة السينمائية على مصنافاتنا الفنية بشكل دقيق وفورى.
ان نهضتنا الفكرية والثقافية فى مصر هى بمثابة رمانة الميزان فى عالمنا العربى ، وهذا ينبغى علينا المسئولية المباشرة فى تقديم اعمال هادفة ترقى من شان المواطن المصرى ، وتصدر الصورة المشرفة الراقية للعالم كما كنا فى سابق عهدنا ومجدنا.