تحقيقات

11:47 صباحًا EET

من هم الأجانب الذين يقاتلون داعش ولماذا؟

 أصر بيتر دوغلاس، الكندي الجنسية، وهو يعبر الحدود العراقية السورية خلسة، على أن عبوره يأتي لأسباب إنسانية تتمثل في مساعدة الشعب السوري.

ودوغلاس واحد من مجموعة متنامية من الأجانب الذين يتحايلون على السلطات للمشاركة في قتال متشددي داعش، الذين قتلوا الآلاف واستولوا على مساحات شاسعة من أراضي العراق وسوريا، وأعلنوا فيها قيام دولة خلافة إسلامية.

 

عملاً للخير

ويتمسك كثير من هؤلاء المقاتلين بالقول إن دوافعهم إنسانية، لكنهم يقولون إن البعض سيختلف في تفسير قرارهم حمل السلاح للقتال من أجل الشعب السوري.

وفي هذا السياق، قال دوغلاس (66 عاماً)، وهو من فانكوفر، بينما كان يتأهب لركوب زورق لعبور منطقة نائية من نهر دجلة: “أريد أن أحارب داعش، رغم أن ذلك قد يكون آخر شيء أفعله”.

وأضاف: “أدرك أن أمامي عشر سنوات أعيشها قبل أن تبدأ أعراض الشيخوخة أو أصاب بجلطة، ولذلك أردت أن أقوم بعمل من أعمال الخير”.

ورغم ذلك، يعترف دوغلاس بأن حمل السلاح شيء جديد لم يفعله من قبل، يضاف إلى قائمة الوظائف التي شغلها.

 

في سبيل الحرية

وحتى الآن، انضم عدد يقدر ببضع عشرات من الغربيين إلى المقاتلين الأكراد الذين يقاتلون داعش في شمال سوريا، بينهم أمريكيون وكنديون وألمان وبريطانيون.

ولم تنشر وحدات حماية الشعب الفصيل المسلح لأكراد سوريا أرقاماً رسمية تؤكد وجود المقاتلين الأجانب أو “المقاتلين في سبيل الحرية”، ويقول خبراء إن من الصعب تقدير العدد الإجمالي.

لكن هذا الرقم لا يقارن بأي شكل من الأشكال بعدد المقاتلين الذين انضموا لصفوف داعش منذ عام 2012، ويقدر بـ 16 ألفاً، من نحو 90 دولة، حسب أرقام وزارة الخارجية الأمريكية.

وذكرت الأمم المتحدة أن جماعات متطرفة في سوريا والعراق تجند الأجانب “على نطاق غير مسبوق”، وأن هؤلاء يؤمنون بالجهاد، وقد يشكلون خطراً لسنوات قادمة.

 

مقاتلون من أجل قضية

وتتابع الحكومات الغربية عن كثب المقاتلين الأجانب، لكن وكالات إنفاذ القانون تتصرف على نحو مختلف تجاه من ينضمون لداعش، أو من ينضمون لصفوف المقاومة الكردية، ولكل من الجانبين دوافع شديدة التباين.

وكان رئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون، أوضح أن هناك فرقاً جوهرياً بين القتال من أجل الأكراد، والقتال من أجل داعش.

وينص القانون البريطاني على أن الاشتراك في حرب أجنبية لا يعد مخالفة تلقائياً، بل يتوقف تصنيفه على الظروف.

وفي الشهر الماضي، عاد اثنان من المحاربين البريطانيين السابقين، هما جيمي ريد وجيمس هيوز إلى إنجلترا، بعد أن أمضيا عدة أشهر مع وحدات حماية الشعب، وقالا إنهما كانا يشاركان في القتال “لأسباب إنسانية”، ولم يتخذ أي إجراء ضدهما لدى عودتهما.

وحركت مشاعرهما سلسلة من مقاطع الفيديو المروعة ظهرت فيها مشاهد قتل اثنين من الصحفيين الأمريكيين، وموظف إغاثة أمريكي، بالإضافة إلى موظفي إغاثة بريطانيين، وكذلك محنة ملايين السوريين الذين حاصرهم القتال بين تنظيم داعش والقوات الحكومية.

 

مساعدة الأبرياء وكفاح

ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في بريطانيا، أن التنظيم قتل نحو 1878 شخصاً في سوريا، بعيداً عن ميادين القتال وأغلبهم من المدنيين خلال ستة أشهر.

وسقط أكثر من 200 ألف قتيل في الحرب الأهلية السورية، التي بدأت عندما شنت قوات الرئيس السوري بشار الأسد حملة على محتجين مطالبين بالديمقراطية عام 2011.

وقال هيوز (26 عاماً)، الذي أمضى خمسة أعوام في الجيش البريطاني: “ذهبنا إلى هناك لمساعدة الأبرياء، وتوثيق كفاح وحدات حماية الشعب في مواجهة تنظيم داعش”.

وأضاف: “وجدنا ترحيباً شديداً عند عودتنا، الكل رأى أننا أبطال، وأبدوا فخرهم بنا، كما تلقيت مئات الرسائل من أشخاص يريدون الانضمام لقوات حماية الشعب”.

وأوضح أنه يعتزم العودة إلى سوريا في الأشهر المقبلة.

 

مسائلات قانونية

ومع ذلك يشعر كثير من المقاتلين الأجانب في صفوف وحدات حماية الشعب بالقلق للآثار القانونية التي قد يواجهونها عند عودتهم إلى بلادهم ولذلك يحاولون عدم كشف هوياتهم.

وقال أحد قدامي المحاربين الأمريكيين الذي رتب أوضاعه المالية والقانونية قبل أن يتوجه إلى روجافا، المنطقة التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب في سوريا: “ربما نواجه مشاكل مع حكوماتنا”.

ويشعر كثيرون بالقلق للصورة التي ستقدمهم بها وسائل الإعلام في بلادهم، ويريدون توضيح أنهم متطوعون وليسوا مرتزقة، ويؤكدون أنهم لا يحصلون على أجر بل إن وجودهم هناك ينبع من إيمانهم بالقضية.

ولدى كثيرون منهم خبرة عسكرية، وجاءت مشاركتهم في القتال عن طريق اتصالات عبر فيس بوك.

وقال المحلل بمعهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا، لورنزو فيدينو، إن المقاتلين الأجانب يجادلون بأنهم يحاربون داعش من منطلق فعل الخير، لكن ليس لهم أية فعالية على المستوى العسكري.

 

آليتهم وآلية داعش

وتابع: “الغربيون الذي ينضمون لوحدات حماية الشعب ظاهرة صغيرة جداً، خاصة إذا ما قورنوا بداعش، فآلة التجنيد لداعش تعمل بشكل أفضل، وبوسعك أن ترى الأدلة على ذلك في الأرقام”.

وجاء انضمام المقاتل الأمريكي دين باركر (49 عاماً) بعد مشاهدة لقطات فيديو للهجوم على سنجار، في شمال غرب العراق، خلال شهر أغسطس عندما قتل مقاتلو داعش وأسروا الآلاف من طائفة الأقلية الإيزيدية.

وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني: “شاهدت الخوف والرعب في عيني ذلك الطفل، كان ينظر إلي مباشرة من خلال الكاميرا، لم يحرك شيء في حياتي مشاعري بهذه الطريقة من قبل”.

وباركر واحد من عدد من المقاتلين الأجانب أجرت رويترز اتصالات بالبريد الإلكتروني أو بالهاتف معهم أثناء وجودهم في سوريا، خلال شهري نوفمبر وديسمبر.

 

ابتعاد عن المدنية

وقالت جيل روزنبرغ (31 عاماً) الإسرائيلية من أصل كندي، والقادمة من تل أبيب، في مقابلة في الآونة الأخيرة مع راديو إسرائيل، إنها قررت المشاركة في القتال في صفوف وحدات حماية الشعب، من أجل أسباب إنسانية وعقائدية.

لكن مقاتلين أجانب آخرين يؤكدون أن دوافعهم مختلفة، حيث قال جوردان ماتسون (28 عاماً)، وهو محارب سابق بالجيش الأمريكي من ويسكونسن، انضم لوحدات حماية الشعب قبل أربعة أشهر تقريباً، إنه يحاول الابتعاد عن حياة “مدنية” لا يحبها.

وقال ماتسون، في قاعدة تابعة لوحدات حماية الشعب قرب مدينة ديريك السورية، الواقعة في الشمال الشرقي الكردي: “أما هنا، فكل شيء له معنى”.

التعليقات