ثقافة

07:22 صباحًا EET

نور القبطية: رحلة الوجدان، اكثر من رواية انها رسالة انسانية في مواجهة التطرف والتعصب

يقول “سي عيد” بطل الرواية وكاتبها ما أصعب الكتابة عن نفسك. قد أصابني شيء من الخوف في أن أقع في النرجسية ، نرجسية لن يلحظها القارئ لصفحات روايته “نور القبطية: رحلة الوجدان” لأنه بكل بساطة سيكون امام تجربة انسانية مفعمة بالأحاسي والمشاعر العفوية التي اختزنها الكاتب قرر وضعها امام القارئ لعل الفائدة تعم، خصوصا وان “سي عيد” كان ومازال حاملاً لقضية لطالما عانى منها الشرق العربي نتيجة للجهل في فهم تعاليم الاديان السماوية التي دعت الى التعايش فيما بينها في حين لجأت قوى الجاهلية الى اعادت افكرها المظلمة ، فكانت رحلة وجدان “سي عيد” نبراس مضيء في وجه العادات والتقاليد البالية، فكان صانع الفرح في اكثر من مفصل من رحلة وجدانه، التي تقاطع معها رحلات وجدانية.

بالعودة الى تفاصيل الرواية نجد ان “سي عيد” كان متأثراً بثلاث سيدات يجمعهم اسم واحد وهن رسمن حياته بالفرح والحزن والامل والرجاء ، وهذه السيدات هن السيدة مريم العذراء ام النور ومعلمته مريم التي وضعت حداً لحياتها بين افراد عائلتها لدى خروجهم من الكنيسة بسبب رفضهم لزواجها من حبيبها كريم جارها المسلم ، ومريم الثالثة هي خالة نور القبطية حبيبته وعشقه وشريكته في رحلة الوجدان حيث كانت الخالة كما يقول عنها انها مهندسة لقائه بحبيبته التي غيرت مسار حياته، حيث انطلقت من منزلها في الكويت شرارة العشق ومنه انطلقت رحلة الوجدان.

 الكاتب الذي اتقن لعبة الكلمات في وصف تفاصيل رحلة وجدانه الى حد يخيل للقارئ ان “سي عيد” لا يكتب وانما يحمل كاميرا لم يصل عقل المخترع الالكتروني الى تفاصيل صنعها حيث ان كاميرة “سي عيد” تنقل الاحاسيس والمشاعر ويظن القارئ المرتحل على رحلة الوجدان انه يقف في خلفية المشهدية التي يرويها “سي عيد” وليس ذلك فقط بل يشعر وكأن شخصيات الرواية تنتظر من القارئ ان يدخل في رحلة وجدانهم، التي لا شك سيشعر انه في رحلة وجدانه الخاصة.

فقد نجح الكاتب عيد طبوش في جعل رحلة وجدانه جزءاً من رحلة وجدان القارئ، وتلك الرحلة التي يرويها عن نور القبطية وجمالها وعشقها له وخوفها عليه وكيف تحولت الى كيان متوحد في “سي عيد” حيث اصبح ايمانها ايمانه وقضيته قضيتها ، الى حد انها خالفت وصية جدتها نور القبطية ملكة الفيوم، وكيف انهارت حصونها امام عشقها لـــ “سي عيد”، الذي انصاع لعشقه ولإنسانيتها وهو المفعم بالانسانية حيث مد يد العون لأسرة الخالة ام محمود طباخة عزبة الفيوم، وكيف وصل اتحادهم الفكري الى درجة توافقوا على ترتيب لقاء جمال صديق “سي عيد” الكويتي بـ “ورد” إبنة الشيخ صدقي امام مسجد الفيوم الذي ظلم نفسه واسرته وتحديداً أم ورد وبناتها فاطمة وزينب وتكللت مساعي نور القبطية وسي عيد زواجاً بين جمال و ورد.

 لم يكتف سي عيد في سرد تطوافه في رحلة وجدانه ونور القبطية ، بل كان أميناً لنقل رحلة وجدان سراج البحار اللبناني الذي عشق كارينا الهندية. فالرواية دعوة حية الى تقبل الآخر ومحاورته دون فرض آراء مسبقة، وان العشق والحب يجمعان ما يعمل على تفريقه البشر و الجهل ولعل القيمة الانسانية تتجلى في ابهى صورها حين دخل “سي عيد” الكنيسة المرقسية ليلة الميلاد للقاء اسرة نور القبطية وحين دخلت نور القبطية مسجد سيدنا الحسين.

في النهاية لايسع اي قارئ او كاتب في تفنيد كل ما جاء في رواية نور القبطية : رحلة الوجدان حيث بالتأكيد سيقع في النرجسية لجهة ادخال رحلة وجدانه الى رحلة وجدان نور القبطية و”سي عيد” ، غير ان الامل في غد افضل موجود اقل تطرف وتعصب خصوصا وان منتهى الحفيدة ثمرة الحب الكبير خير مثال على تكامل الاديان في الله.

فرواية نور القبطية رحلة الوجدان رسالة انسانية صارخة في وجه التطرف والتعصب الذي يغزو الشرق العربي فهل يترى نكون امام استعادة لقصة عشق سي عيد لنور القبطية ، ما اشقاك ايها الشرق خرجت منك الاديان ولم تفهم جوهرها .

التعليقات